يُعَدُّ اليوم التاسع من شهر ذي الحجة في كل سنة هجرية من الأيام العظيمة في نفوس المسلمين والمسلمات.
لذا يحرص المسلمون والمسلمات في يوم عرفة لصيامه اقتداءً بسنة حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قال في فضل صيامه: (إنَّ الله يكفِّر بصوم يوم عرفة السنة التي قبله والسنة التي بعده).
فمن منا لا يرغب في أن تُغفر خطاياه التي اقترفها في سنة ماضية وسنة أخرى قادمة، في مقابل أن يصوم لله عزّ وجلّ يومًا واحدًا (يوم عرفة)!؟.
والملاحظ أن معظم سكان البلاد الإسلامية يتسابقون لفعل العبادات من (صلاة القيام، وصلاة السنن الرواتب، وصيام يوم عاشوراء، وصيام يوم عرفة..إلخ). ولكن السؤال هنا.. هل معظم سكان البلاد الإسلامية يهتمون بأداء المعاملات كاهتمامهم بأداء العبادات!؟.
بمعنى.. بما أنهم قد اقتدوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صيام يوم عرفة مثلاً، فلماذا لا يقتدون به في أخلاقه الحسنة؟ فعندما نتأمل في قراءتنا للقرآن الكريم نجد بأن الله تعالى قد مدح رسوله الكريم في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وفي السنة المطهرة نجد بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد بيّن أهمية حُسن الخلق في قوله: (ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم).
ومن هذه الأخلاق الحسنة التي ينبغي أن يتمسك بها كل مسلم (الصدق، والعدل، والأمانة، والحلم، والتواضع، والصبر، والشفقة..إلخ).
إلا أننا نجد في واقع بعض مجتمعاتنا الإسلامية صوراً من سوء الخلق والتي تتمثل في كل قول أو عمل سيئ يفعله الفرد مما قد يضر به الآخرين من حوله.
وبعض الأثرياء يدخلون على الناس في المجالس (متكبرين)، لدرجة أنه إذا ألقى أحدهم تحية الإسلام فقط (السلام عليكم ورحمة الله) قال عنه بعض ضعيفي الأنفس متواضعاً!.
وبعض الموظفين (يكذبون) على رؤسائهم في العمل بإحضار أعذار طبية باطلة من أجل ألا يُخصم من رواتبهم ريال واحد!.
وبعض الأقارب قد (يحسدون) قريباً لهم الذي زاده الله تعالى سعةً في الرزق والصحة والزوجة الصالحة والذرية البارة به!.
وبعض النساء (يقسينّ) في التعامل مع العاملة المنزلية بألفاظ جارحة وقد تكون في بعض الأحيان بذيئة!.
وبعض الجارات (يغتبنّ) جارة ما بوصف سيء ليس بها!.
.. إلخ من أمثلة إساءة بعض الناس معاملة الآخرين.
فهل نحن (بالظلم، والكبر، والكذب، والحسد، والقسوة، والغيبة) اقتدينا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المعاملات الحياتية!؟.
للأسف لا والله.. فبعضنا في الحقيقة غالباً ما يحرص على أداء العبادات كما يجب، ولكنهم بعيدون كل البعد عن أداء المعاملات كما تجب أيضاً - إلاّ من رحم الله.
والمُتتبع لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- يجد بأنها ارتكزت على الدين الإسلامي القويم، وتميزت عن غيرها من الديانات الأخرى بأنها (منهج حياة) تدل من يحرص على التمسك بها إلى الطريق الصحيح. ولضمان الاستمرار في هذا المسار المستقيم ينبغي أن تكون السنة النبوية مكتملة، فلا يُؤتى بجزء ويُهمَل جزء آخر.
فالإنسان الحكيم هو من يوازن بين تأديته للعبادات والمعاملات في الوقت نفسه، فتسير جنباً إلى جنب، لتكمل بعضها بعضًا نحو خُطى المصطفى -صلى الله عليه وسلم.
ختاماً..
حياة الإنسان لا تُقاس بطولِ السنين، بل بماذا قَدّمَ من عمل في حياته؟.
** **
Mosaedsaeed@hotmail.com
@Mosaedalbakhat