أ.د.عثمان بن صالح العامر
تحدث الشيخ علي بن محمد الجميعة -رحمه الله- في كتابه: (أمة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل - المملكة العربية السعودية -) عن البلاءات الخمسة التي كانت ترضخ تحت وطأتها أرض بلادنا؛ شبه الجزيرة العربية في مرحلة ما قبل التأسيس (الخوف، الجوع، نقص الأموال، نقص الأنفس، نقص الثمرات)، ثم ساق -رحمه الله- طرفاً من الظروف التي كان هو شاهداً عليها إبان عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله- ومما قال في هذا: (لقد نزلت جميع المصائب على المملكة العربية السعودية سنواتها الأولى، وظل الملك عبد العزيز ورجاله الكرام -رحمهم الله - يكافحون ويدفعون هذه المصائب باهتمام والتزام، ففي أثناء الحرب العالمية الثانية كان -رحمه الله- يأمر ويحث رجاله على توفير التموين من داخل المملكة وخارجها.
في بداية الستينات الهجرية رأيت بأم عيني كثيراً من القبائل والحاضرة انقضت وتزاحمت في الرياض حتى امتلأت البطحاء بهم، إذ تجمعوا أمام المطابخ التي أقامها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن لمكافحة المجاعة آنذاك والتي امتدت أكثر من سبع سنوات، بل إن كثيراً من أسر حاضرة الرياض المرموقة كانوا يأخذون وجبات طعامهم من هذه المطابخ غداءً وعشاءً، كما أن المستودعات كانت تسير وتُرحل وتموّن المناطق الأخرى.
وسمعت من العم إبراهيم بن حمود الجميعة -رحمه الله- والذي يعتبر أحد رجال الملك عبد العزيز ورجال المملكة العربية السعودية، وهو المسؤول آنذاك عن البادية والضيافة والوفود والمراسم - أن الملك -رحمه الله- كان كثيراً ما يوصيه بالاهتمام الشديد بمن نزلوا الرياض، كان يسأل ويستفسر عن الإطعام حين نزلت هذه المجاعة في كل فرض وجلسة).
لقد تأسست هذه البلاد المباركة وقامت على التوحيد الذي يولي الإنسان جلَّ رعايته وعظيم اهتمامه، وما هذا الموقف الذي ساقه الجميعة -رحمه الله- واستشهاده بما رأه بنفسه أو سمعه مباشرة من عمه (إبراهيم الجميعة) -رحمه الله- الذي كان قريباً من الملك عبد العزيز -رحمه الله- والمسؤول المباشر عن قصر ثليم المعروف - إلا غيض من فيض مما عُرف عن إنسانية قادة بلادنا وولاة أمرنا -رحم الله من مات منهم وحفظ الأحياء وأطال أعمارهم على الطاعة وأمدهم بعون منه وتوفيق-. ولذا فإن من واجب الباحثين والأكاديميين المتخصصين إبراز هذه الجوانب التي تعكس البعد الإنساني في شخصية القيادة السعودية منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله- وحتى عهدنا الميمون، عهد العزم والحزم، الحنكة والحكمة، عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان من خلال مظلة (دارة الملك عبد العزيز)، وترجمة هذا المنتج الوثائقي للغات العالم أجمع، ونقله من دفتي كتاب إلى أفلام وأعمال فنية، ورسائل قصيرة تتناقلها وتغرِّد بها مواقع التواصل الاجتماعي خاصة ما هو حادث اليوم في الآليات والخطط والإستراتيجيات والتوجيهات التي اتخذتها قيادتنا المباركة في المملكة العربية السعودية لمواجهة جائحة فايروس كورونا، أكثر من هذا لو ضمنت مناهجنا التعليمية مفردات ذات صلة بحقوق الإنسان، وركّز فيها على ما يتمتع به الإنسان السعودي من مزايا وخصائص يفتقدها الكثير من بني الإنسان في عوالم الكرة الأرضية قاطبة أولها وثالثها على حد سواء، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.