أ.د.عثمان بن صالح العامر
كشفت جائحة فايروس كورونا قوة نظامنا الصحي وتكامله ووطنيته وتفانيه - ولله الحمد والمنَّة - في الوقت الذي انهارت أو كادت أن تنهار أنظمة دول متقدِّمة معروفة، وهذا لم يتحقق في طول بلادنا وعرضها، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، فضلاً عن وسطها وقلبه النابض العاصمة الرياض إلا بفضل الله عزَّ وجلَّ أولاً وقبل كل شيء ثم بالدعم اللا محدود الذي يلقاه هذا القطاع على وجه الخصوص من لدن قيادتنا العازمة الحازمة المدركة العارفة بالثمن الباهظ الذي سيترتب على ضعف هذا النظام - لا سمح الله. ومن أوجه الدعم التي يصعب حصرها والإتيان عليها جميعاً في مساحة هذا المقال:
- حسن اختيار القيادات الإدارية والطبية وأولهم وعلى رأسهم معالي الوزير الدكتور توفيق بن فواز الربيعة الذي يجمع الكل إلا ما ندر - والنادر لا حكم له - على امتلاكه كاريزما القائد الفذ، ومهارات الإداري المحنك، فضلاً عن تميزه الأخلاقي، ووطنيته الصادقة، وإخلاصه وتفانيه في العمل، وقربه من الميدان، ومحبة العاملين تحت إدراته له.
- إبقاء القطاع الصحي قطاعاً حكومياً، ودعمه مادياً ومعنوياً، وظهرت مزية هذا النظام في ظل الجائحة العالمية التي كشفت عوار الأنظمة الأخرى التي كانت تتغنى بالتفردية والتميز حين الرخاء، وعندما حلَّت الشدة تهاوت الشركات المشغلة وتقاعست عن واجبها الإنساني فصار المواطن هو الضحية للأسف الشديد.
- وجود الطبيب السعودي والممرض الوطني وبقية العاملين في الميدان الصحي، وهذا نتاج التخطيط الجيد من قِبل متخذ القرارات الإستراتيجية بافتتاح كليات الطب والكليات الصحية في جميع الجامعات السعودية التي تتوزَّع على خارطة الوطن كاملة لتشمل جميع مناطق المملكة.
وحتى يتعزَّز هذا النظام، ويقوى في قادم الأيام، ويظل صامداً في وجه ما هو اليوم في رحم الغيب ولا يعلم به إلا الله من مثل هذه الجوائح القاتلة، ولقناعتي بأننا في مملكة ترحّب بكل ما من شأنه المشاركة بالرأي الذي يمكن أن يكون فيه تحقيق للمصلحة العامة.. لهذا وذاك فإنني أوجز هنا ما أعتقد أنه يمكن أن يساهم في ضمان استمرار نظامنا الصحي قوياً، بل ويتعزَّز ويقوى أكثر مما هو عليه اليوم، في النقاط الآتية:
- إبقاء القطاع الصحي كما هو عليه اليوم قطاعاً حكومياً 100 %.
- الاستمرار في برنامج (طبيب الأسرة) الذي أولته وزارة الصحة في السنوات الأخيرة جلَّ اهتمامها وبدأت تجني في هذه الأيام ثمار العناية والاهتمام بهذا النوع من الطب. ويتطلب الاستمرار والتميّز والتوسع في تطبيق هذا البرنامج بكفاءات طبية سعودية مؤهلة ومتخصصة في جميع المراكز الصحية الوطنية، يتطلب من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية زيادة عدد المقبولين في برنامج (بورد طب الأسرة السعودي) وإقراره في جميع مناطق المملكة حتى يتسنى لمن هم في الميدان من خريجي جامعاتنا السعودية الانتظام في مثل هذه البرامج النوعية المتميزة وغير المكلِّفة - قياساً بغيرها - التي تعجّل في تطور مراكزنا الطبية ومستشفياتنا التخصصية.
- الإسراع في إنشاء المستشفيات الجامعية في جميع جامعاتنا السعودية الناشئة، إذ إن هذه المستشفيات ستوفر فرصة التدريب الجيد للطلاب والطالبات، وستكون سنداً - بعد الله- لوزارة الصحة في قيامها بواجبها العلاجي.
- رفع عدد المقبولين العام القادم 100 % في جميع كليات الطب والتمريض على وجه الخصوص في جامعاتنا السعودية.
شكراً جيشنا الأبيض على ما تبذلون من جهد جبار من أجل إنسان الوطن وقاطنه على ضوء وفي ظل توجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.