خلقت حالة عدم اليقين الناجمة عن أزمة فيروس كورونا الاقتصادية تحديات تشغيلية ومالية، وانخفاضاً على مستوى التدفقات النقدية بالنسبة لغالبية الشركات وفي أغلب القطاعات، الأمر الذي يتطلب تبني استراتيجيات فعّالة، لإدارة النقد، لاسيما وأنَّ التدفق النقدي يعد أحد أهم مفاتيح استمرارية الأعمال.
ويعد التدفق النقدي مفتاح البقاء والنمو لأي عمل تجاري، مهما كان نوعه أو حجمه؛ لذلك فإن اكتساب الرؤية والسيطرة عليه، وتحسين رأس المال العامل، يمكن أن يساعد الشركات على توفير حاجز ضد صدمات السوق، أو الأزمات غير المتوقعة.
وتحتاج الشركات التي لديها الكثير من الأصول في متناول اليد، إلى إدارة التزاماتها، من خلال التدفق النقدي المستمر، من حسابات المدينين بدلاً من المصادر الأخرى. ولضمان تحسين التدفق النقدي للشركات، مع تركيز معظمها على التنظيم والكفاءة، وفي بيئة الأعمال الصعبة، هناك أربع خطوات أساسية، لبناء إستراتيجية قوية تعمل على إدارة التدفق النقدي، بجانب حماية مستقبل أي عمل، تجارياً كان أو غير ذلك من الأعمال، بغض النظر عن حجمها.
وتتمثل أولى هذه الخطوات في وضع الاستراتيجيات المناسبة للسيطرة على التدفقات النقدية، وذلك عبر الاستفادة من توقعات التدفق النقدي المتداول، لمدة 13 أسبوعاً، والتي يتم إعدادها على أساس المقبوضات النقدية والمدفوعات المتوقعة، وحسب خط الأعمال والاختصاص.
ويتبع هذه الخطوة إجراء تحليل التباين الأسبوعي للتدفقات النقدية، بجانب تفهم أسباب التباين، وتشكيل لجان نقدية، للاجتماع أسبوعياً، وذلك بمشاركة جميع التنفيذيين، مع الامتثال التام لمؤشرات الأداء الرئيسة، إضافة لإدارة احتياجات رأس المال العامل بشكل استباقي، وفقاً لمتطلبات الأعمال العامة.
وإدارة احتياجات رأس المال العامل بشكل استباقي، تأتي كخطوة ثانية، لأن من المهم أن تضع الشركات في اعتبارها إستراتيجية رأس المال العامل الخاصة بها، بشكل استباقي وكلي، وذلك في سياق متطلبات الأعمال العامة للأسابيع والأشهر والفترات المقبلة التي من الممكن التنبؤ بها، خاصة أنَّ الكثير من التجارب تشير إلى أنَّ أغلب الشركات يمكنها تحسين التدفق النقدي في مجال واحد على الأقل، وربما في مجالين من دورة رأس المال العامل، والذي بدوره يتضمن الذمم التجارية المدينة والمخزون والدائنين التجاريين.
ويمكن للشركات من خلال هذه الخطوة، معالجة المخزون بطيء الحركة والمتقادم، وذلك عبر الفحص الدقيق لمتطلبات الإنتاج المتوقعة، مع ضرورة مراجعة المخزونات الاحتياطية، وإدارته، وذلك لتجنب تقييد النقد، في المخزون غير المنتج، أو منخفض الإنتاجية.
فيما تعد الخطوة الثالثة والتي تتمثل في إدارة رأس المال العامل، من الخطوات الأساسية الأخرى لبناء استراتيجية قوية لإدارة التدفق النقدي في ظل الأزمات، وذلك من خلال قيام الشركات بمراجعة التدفق النقدي، ويشمل ذلك الموجودات المسيلة، وغير المسيلة، داخل هيكل المجموعة، بجانب استخدام هياكل تجميع الخزينة، بهدف تحقيق استخدام أكثر فعَّالية، للتدفق النقدي المتوافر والخامل داخل هيكل المجموعة بشكل عام.
ومن الأهمية بمكان، مراجعة الكفاءة الضريبية للعمليات، على أن يتضمن ذلك الزكاة وضريبة القيمة المضافة، أو أي ضرائب أخرى؛ وذلك بهدف الاستفادة من أي مبادرات تقدمها الحكومة، للتأجيل أو التخفيض، مع ضمان متابعة المبالغ المستردة المحتملة.
ولابد من ضرورة بدء الشركات بالتفكير بطريقة استراتيجية، من خلال إعطاء إدارة التدفق النقدي أولوية للإدارة، خاصة أن إدارة النقد الفعَّالة تعتبر أولوية قصوى للشركات الرائدة، حيث تضمن هذه الخطوة ضرورة التأكد من أن نموذج العمل التجاري يأخذ في الاعتبار المتطلبات النقدية بشكل كامل، مع ضرورة مراجعة استراتيجية إدارة النقد بشكل دوري، من خلال تطوير مقاييس واضحة للنقد، بجانب رأس المال العامل.
وختاماً، أود التأكيد أن اتباع الشركات لهذه الخطوات الأربع في ظل الأزمات الطارئة، سيضمن لها -بحول الله- تحسناً في إدارة التدفق النقدي، واستمرارية الأعمال، إضافة إلى تحقيق قدر مقبول، من الإنتاجية.
** **
فؤاد شابرا - رئيس قطاع الشركات العائلية لدى كي بي إم جي في السعودية