في عام 2008، وإبان الأزمة الاقتصادية العالمية، نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرًا مطولاً بعنوان «الآن أكثر من أي وقت مضى». التقرير كان يتحدث عن أنه في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي عانت منها جميع الدول، وإن بدرجات مختلفة، فإن الاهتمام بجوانب الصحة الأساسية أصبح أكثر أهمية؛ لأن الاهتمام بهذه الجوانب يؤدي على المدى الطويل إلى نتائج طبية أفضل، مع تكاليف اقتصادية أقل. والرعاية الطبية الأساسية أو الأولية - وهي بخلاف الخدمة العلاجية التي تقدمها المستشفيات - تشمل طب الأسرة، والطب الوقائي، والتثقيف الصحي، وأخيرًا الطب التأهيلي.
ويشير التقرير إلى تجارب بعض الدول التي ركزت على نظام الرعاية الطبية الأساسية، كبريطانيا وكندا، مقارنة مع الدول التي تركز على الطب العلاجي كأمريكا. وخلصت الدراسة إلى أن الدول التي طبَّقت نظام الرعاية الطبية الأساسية أو الأولية بحزم حصلت على نتائج طبية أفضل، ورضا أكبر من قِبل الجمهور، وبتكلفة اقتصادية أقل على المدى الطويل.
لو عدنا الآن لنظامنا الصحي فسوف نجد أن التركيز الأكبر والدعم المالي الأكثر يذهب للمستشفيات على حساب الرعاية الطبية الأساسية. ولتوضيح الصورة فإن علاج حالة واحدة من حالات جلطات الدماغ بالطريقة الطبية التقليدية قد يكلف مئات الآلاف من الريالات على المدى الطويل، مع بقاء المريض على حاله. أما العلاج التأهيلي فيكلف ربما عشرات الآلاف من الريالات مع عودة المريض إلى المجتمع بصحة جيدة.
الآن، وفي ظل وباء كورونا الذي أصاب العالم بقوة، ووقانا الله حدته، ألا يحق لنا أن نقول «الآن أكثر من أي وقت مضى»؟
** **
حسن بن علي آل مستنير - استشاري طب الأسرة واستشاري علاج الآلام المزمنة
h_almustaneer@hotmail.com