الكرسي - للأسف - في معظم الحالات يجعلك إنسانًا مهمًّا ومحبوبًا، وسرعان ما تكتشف عكس ذلك حين ينتهي بك المطاف خارج حدود الكرسي، وتدخل مرحلة التقاعد؛ فترى الناس من حولك على طبيعتهم. التقاعد مرحلة يحتاج فيها الإنسان إلى أن يعيش حياة كريمة، يتوافر فيها السكن والعلاج والخدمات التي تبعده عن الحاجة للآخرين.
في عام 2018 بلغ عدد المتقاعدين الخاضعين لنظام المؤسسة العامة للتقاعد 876 ألفًا، كذلك بلغ عدد المتقاعدين الخاضعين لنظام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية 370 ألفًا. هؤلاء المتقاعدون والمتقاعدات، المدنيون والعسكريون، بحاجة ماسة إلى جهة حكومية تلبي حاجاتهم.
لعلي هنا أقترح إنشاء (الهيئة العامة للتقاعد)، وتكون بعيدة عن مهام وصلاحيات المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في نظامها وأنشطتها. هذه الهيئة من مهامها رعاية المتقاعد والمتقاعدة صحيًّا (التأمين الطبي)، وتوفير السكن المناسب، وتوفير القروض، وخدمات الخصومات، وكل ما يحتاج إليه الإنسان المتقاعد. هذه الهيئة تكون هيئة حكومية رسمية مستقلة.
ولعلي هنا أقترح رؤيتها: (أن تكون المسؤولة الأولى عن رفاهية المتقاعدات والمتقاعدين في المملكة العربية السعودية). أما رسالتها فهي: (تقديم الخدمات وفقًا لأفضل المعايير والممارسات العالمية في إبرام الاتفاقيات، والتعاون مع القطاع الخاص والأجهزة الحكومية والقطاع الصحي والطيران والبنوك). هذه الهيئة دورها لا يتعارض مطلقًا مع (التقاعد) و(التأمينات)؛ فهي مكملة للصورة الجميلة التي يريد أن يري المتقاعد والمتقاعدة بها نفسه، وخصوصًا أن نسبة زيادة عدد المتقاعدين والمتقاعدات بلغت 7 %، وربما ترتفع في الأعوام القادمة. أما نسبة من تقل رواتبهم عن 3 آلاف فبلغت 57 %.
جميل أن تلتزم المؤسسة العامة للتقاعد بتطوير جميع خدماتها تنفيذًا لـ»رؤية المملكة 2030»، وذلك في ظل ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين من اهتمام دائم بالمتقاعدين، كذلك هو التزام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وجمعية المتقاعدين من خلال برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030 لشريحة من المجتمع، تتجاوز 5 % من عدد السكان. إن كل البرامج ومبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات تتطلب عناصر أساسية، لا بد من توافرها، أهمها أن يكون هذا التوجُّه مدعومًا من أعلى رأس الهرم في الشركة ومجلس إدارتها. المسؤولية الاجتماعية في مناطق المملكة كافة والشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية جهات نفتخر بها، وعلى الجميع دعمها.. وهناك جهات أخرى يشع نورها بريقًا. هذا الفخر - إن شاء الله - يكون رافدًا قويًّا لمقترحي (الهيئة العامة للتقاعد).
الهيئة العامة للتقاعد سوف تخفف من مسؤوليات مؤسستَي التقاعد والتأمينات، وتجعلهما تركزان على إدارة استثماراتهما وعلى عوائد الاستثمار على المدى الطويل، والبُعد عن المخاطر قدر الإمكان، وذلك من خلال تبني سياسة استثمارية طويلة الأجل، تعتمد على مبدأ توزيع وتنويع الأصول وفق مدى من النسب المعتمدة من مجلس الإدارة.
مقترح: عمل الهيئة يبدأ بعد إنهاء إجراءات المتقاعد والمتقاعدة بحصوله على الخدمة المأمولة.
وفي الختام.. جهود ومبادرات التقاعد والتأمينات والجمعية الوطنية للمتقاعدين وجهات أخرى جهود كبيرة، لكنها تحتاج إلى جهة أخرى متخصصة في تلبية احتياجات المتقاعدين من الجنسين، وتتفرغ تلك الجهات الحكومية في إدارة استثماراتها، ومقابلة الزيادة في أعداد المتقاعدين من الجنسين سنويًّا. نتطلع من مجلس الشورى إلى دراسة ودعم جدوى إنشاء (الهيئة العامة للتقاعد).