بعد فقدك يا أبي أدركتُ أن استيعاب بعض الأمور يكاد أن يكون مستحيلاً كفجيعة فقدك تماماً، التي وخالقي لم أستوعبها حتى الآن...
نعم، لأني تعلمت منك في هذه الحياة أمورًا كثيرة وأدركتها إلا كيفية العيش دونك لم أتعلمها بعد.
أبي حبيبي
أهم حقاً غسلوك؟!
أهم حقاً كفنوك؟!
أهم حقاً حثوا عليك التراب ودفنوك؟!
وهل حقاً كان آخر وداع وآخر قبلات في مغسلة الأموات؟!..
سيظل فقدك يا أبي كسهم يبقى جرحه ينزف دماً لحين لقياك..
بل وكيف لهذا النزف أن يقف وهو أعمق من كل شيء؟!
اشتقت لكل تفاصيلك يا أبي، اشتقت لأن اعتني بأشيائك الخاصة التي ما زالت في غرفتي والتي كنتُ أعدّها من أشيائي والاعتناء بها كان كروتين يومي أحبه واعتدت عليه بل يزيدني حباً وقرباً منك،
في ليلة عيد يا أبي أعادت لي كل الحنين واشتقت أن أعيش تفاصيلها معك، اشتقت لكيّ منديلك واشتقت لأن أمسح بدهن العود تحت أذنيك وأن أمد لك عباءتك السوداء واشتقت أن أضع المبخرة داخل عباءتك قبل ذهابك لصلاة العيد.
رحلت يا أبي وتركت أمي وحيدةً بعدك تحمل على كاهلها حملاً أثقلها، كنت تحمل معها الحمل الكبير والنصيب الأكبر منه بل هي لم تعتد أن تتحمل هذه الحياة لوحدها، اصبحتُ يا أبي أقرأ في عينيها الخوف بعد أن كنت أمانها وأماننا.
** **
ابنتك أشواق فهد النصيري - الجوف