يمارس علينا البعض حيلًا وأساليب لإجبارنا على سلوك مُعيَّن، أو تبنّي فكر مُعيَّن، أو التوقف عن تصرُّف لا يروق لهم، وبعضهم يمارسها بوعي، وأحيانًا دون وعي.
والمشكلة تكمن في عدم يقظتنا لتلك الأساليب؛ ومن ثم يتمّ التّحايل علينا بطريقة نراها مشروعة، وعدم الانتباه لتلك الحيل ينقلنا من مربّع الاستقلالية لمربّع التبعيَّة والاستغلال، كما أنها تجعلنا ألعوبةً في يد الآخرين نفعل ما يشتهون، سأسرد عليك جملةً من الحيل مع شرح مختصر:
1- حيلة الشّهرة. كثيرًا ما يقدِّم المشاهير دعايةً لمنتج أو مطعم أو بلد، والمشكلة أنَّ الشُّهرة هنا وضعت معيارًا لمناسبة وجودة الأشياء؛ والحقيقة أنَّ ثناء مشهور على شيء لا يعني أفضليته بالضرورة!، والطامَّة أنّ بعض المشاهير لا منطق ولا عمق ولا ورع ولا حتى ذوق، ويعلنون عن أيِّ أمر مهما كانت درجة كفاءته أو جودته، المهمُّ المال، والكارثة ما تراه من الاندفاع الشديد من قبل العامّة على هذا المنتج؛ لذا أنصحك بعدم الاستجابة إلا لما تقرِّر أنت في داخلك أنه مناسب، لا لكون فلان أو علان أعلن عنه.
2- حيلة الكثرة. كثيرًا ما نسمع عبارة: أنَّ الإقبال على هذا العطر كبير، أو الناس يحبون هذا الطبق, وبعض الباعة ربما دلس في الأمر، أو ربما كان يدرك أثر كلمة: «الطلب كبير على هذا المنتج»؛ حتّى لو كان هذا صحيحًا، ألست تملك ذوقًا ورأيًا خاصًّا فيك؟، لماذا تتنازل عن رأيك، وتعير عقلك لغيرك؟!.
3- حيلة الذَّنب. كأن يقول لك أحد: «أستغرب أنّك تفعل كذا!»، كما حدث لأحد الفضلاء عندما فاز ناد رياضيٌّ يميل إليه فعبر عن سعادته بأدب، فأتاه أحدهم منكرًا وقال له: كيف أحد في مكانتك يفعل هذا؟ والمضحك في الأمر أنَّ سبب الاعتراض هو كون هذا النادي لا يحبُّه؛ أو يقول لك أحدهم على تصرُّف عارض لم توفَّق فيه: «أين ضميرك؟»
والقضية وما فيها هو إشعارك بالذَّنب بتضخيم الأمور؛ وذلك إمّا للتقليل من شأنك، أو لفعل ما يحبُّون.
4- حيلة الوقت. كان يقول لك أحدهم: اليوم هذا آخر فرصة لهذا السِّعر، أو يطلب منك أحدهم أن تتَّخذ قرارًا معيَّنًا في لحظة ما متذرِّعًا بضيق الوقت، وصدِّقني أنّ الأمر لا يعدو كونه وسيلة ضغط لا أكثر، وكم من شخص ندم ندمًا شديدًا على سرعة اتّخاذ القرار، دائمًا قل لكلِّ من يحاول أن يمارس عليك تلك الحيلة: «سأتأمَّل، والخير فيما اختاره الله!».
5- حيلة النُّدرة. فكثيرًا ما يحاول الباعة الضَّغط بكلمة: آخر قطعة، أو لم يصنَّع من هذه الحقيبة إلا عدد محدود؛ وتلك حيلة قديمة حديثة، قانون النُّدرة يفيد أنّ الإنسان عندما يشعر أنَّ شيئًا ما متوافر بكمِّيَّة قليلة، وعمَّا قريب سيصبح نادرًا أو مستحيل الحصول عليه، يقتنع بضرورة اقتنائه، لأنه يعتقد أنه إن لم يفعل ذلك في الحال فسيقوم آخرون باستنفاذه!
أنت أيضًا بإمكانك أن تصبح نادرًا وتجعل الناس يقتنعون بأهمِّيَّتك، فقط اكتسب مهارات، قيمًا، أخلاقًا، وعادات جديدةً، أو تعلّم أشياء لا يتوفَّر عليها من حولك.
6- حيلة الهديَّة. أحيانًا تصير مدينًا لشخص ما أو جهة معيَّنة بجميل أسدي إليك، وعندما يطلب منك ذلك الشخص تقديم خدمة معيَّنة تجد من الصّعب مواجهته بالرَّفض، عكس أيِّ شخص آخر لم يقدِّم لك أيَّ معروفٍ.
7- حيلة المقارنة. ذات يوم ركبت مع سائق خاص، وحدثني قائلًا: ركب معي فلان وأعطاني إكراميَّةً مبلغ كذا -مبلغ كبير جدًّا- يريد الضغط عليَّ؛ وبعض النِّساء تمارس هذا الأسلوب مع زوجها كأن تقول له: «زوج أختي فعل كذا»، أو «زوج صديقتي أهداها كذا»؛ لا تضعف أمام هذا الأسلوب، فكلٌّ له ظروفه، وربّما كانت المعلومة أساسًا غير دقيقة.
8- حيلة الحبِّ. كأن يأتي زوج لزوجته ويقول لها: «لو كنت تحبِّينني لفعلت كذا»، و»الذي يحبُّ لا يفعل هذا»، وبعضهم يجيد وسيلة الابتزاز العاطفيِّ، والحبُّ ليس مجالًا للمساومة، ولا مضمارًا لتحقيق الرّغبات الخاصَّة، لا تخضع!، فالحبُّ المشروط ليس حبًّا!
9- حيلة الكبرياء. حيث دغدغة الكبرياء وإبرازها في المشهد، كأن يقول أحدهم: «مثلك قادر على فعل هذا الأمر»، أو يقول أحدهم لرجل وجيه: «شخص بمكانتك لا يتردَّد عن فعل هذا»، أو يقول: «وجاهتك ومكانتك لهما قدر عن فلان».
10- حيلة التخويف. كأن يقول أحدهم لشخص يريد منه أن يتوقّف عن فعل لا يعجبه: «احتمال تخسرني»، أو «احتمال تخسر كلّ شيء»، أو جملة «الوضع القائم لن يدوم»، وغيرها من جمل التّهديد والتّخويف.
11- حيلة «اطلب أكثر». حيث المبالغة في الطّلب، كأن يطلب أحدهم أجرًا كبيرًا مقابل خدمة، أو يطلب وقتًا طويلًا أطول من المعتاد لإنجاز أمر، أو أنّك تعرض مبلغًا متدنِّيًا جدًّا لشراء شيء, لا تجعلهم يمرِّرون تلك الحيلة، وعليك بالواقعيَّة في قياس الأمور وعدم الانجراف مع تلك الحيلة.
12- حيلة الخدمة: لاحظ ما يفعله عامل الفندق عندما يرافقك لغرفتك، تجده يقوم بمهام سهل القيام بها, كفتح الستائر, وإضاءة الأنوار, وتشغيل التلفاز، فالبعض يقدّم خدمات سهلة لك ليظهر أنه صاحب معروف عليك بغرض إحراجك، لذا كن يقظًا واشكره بهدوء مبينًا له قدرتك على فعل تلك المهام.