ملخص للكتاب
إن هذا الكتاب ليس كتابا علميا توثيقيا للتنمية في المملكة العربية السعودية ولا يتطرق إلى التنمية بمفاهيمها ومجالاتها وأنواعها وأشكالها ونماذجها ومنهجيتها العلمية، إنما هو مجموعة مواضيع تشمل أفكارا ورؤى تنموية متناثرة طرحها المؤلف في أوقات مختلفة وبمناسبات متعددة بعضها نشر في أوعية إعلامية مختلفة، بعضها أصبح واقعا ملموسا والبعض الآخر قد يأتي الوقت المناسب لتبنيها، وفيه رصد لجزء من حركة تنموية شاملة واستثنائية في جوانب التنمية البشرية والبنية التحتية والأساسية للدولة عايش مراحلها وتفاصيلها المؤلف منذ بدايتها من خلال مشاركته في تأسيس إحدى الجامعات الحكومية وعضويته في مجلس الشورى ومجالس ولجان وجمعيات وأعمال عديدة أخرى (2005-2018م)، وهي حقبة قصيرة ثرية من الحراك التنموي المستمر الذي تجاوز ثماني عقود.
ارتبطت الفترة (2005- 2015م) بمرحلة حكم الملك عبدالله بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - أطلق عليها البعض الطفرة الاقتصادية التنموية الثانية للطفرة الاقتصادية التنموية الأولى في السبعينات من القرن الميلادي الماضي (1975- 1985م). هذه الفترة كانت زاخرة بالمشاريع التنموية العملاقة، التي كان لها أثر كبير في رفع المستوى المعيشي والبيئي لأبناء المملكة كافة، منها: المدن الجامعية، المدن الطبية، المدن الاقتصادية، المدن الصناعية، مدن المعرفة، مشروعات القطارات (المترو)، مشروعات سكك الحديد، مشروعات المطارات، مشاريع الحرمين الشريفين، برامج تطوير التعليم، تطوير العدل، برنامج الابتعاث الخارجي والداخلي ومبادرات أخرى. هذه الطفرة التنموية الثانية سعت إلى تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق محورها بناء الإنسان والإيفاء باحتياجاته ورفاهيته.
أسست المشاريع التنموية في عهد الملك عبدالله للانطلاقة التنموية الإستراتيجية الكبرى (رؤية المملكة 2030) الذي أعلنها الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 2016 وعرابها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز التي هي بمثابة طفرة تنموية ثالثة (خطة ما بعد النفط) قوتها الحقيقية الشباب ومرتكزها الرئيس الإبداع والابتكار.
فمنذ تسلم الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم في يناير (كانون الثاني) 2015 الحراك التنموي زاد بوتيرة متسارعة دون توقف، منها إصدار العديد من القرارات النوعية ذات العلاقة بالتشريعات والتنظيمات والسياسات العامة التي تدفع بالتنمية إلى الأمام، فيما تحولت الدولة إلى ورشة عمل كبرى، شمل التطوير والتحديث في جميع الجوانب المختلفة، وتواصلت عملية الإصلاح الهيكلي لجميع أجهزة الدولة ومؤسساتها، وتهيئة البيئة المناسبة للأجيال القادمة، فمن تلك القرارات الإستراتيجية ذات البعد التنموي إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية الذي يرأسه الأمير محمد بن سلمان، الأمير الشاب ذو الطموح التنموي العالي وصاحب الرؤية القيادية والإدارية الثاقبة. الحكومة في سباق مع الزمن من أجل نظام أفضل في كفاءة الأداء والإنفاق ليسهم في التخلص من البيروقراطية التي تشكل عائقا للتنمية وتثقل كاهل حكومات العالم الثالث، نظام تعمل من خلاله وزارات وأجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة كمنظومة واحدة.
يحتوي الكتاب على سبعة فصول، الفصل الأول يلقي الضوء على حقبة حكم الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجزء من حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز متضمن لمحة عن دور قيادات المملكة العربية السعودية ذات الرؤية التنموية الثاقبة والطموحة التي تمثل «أكسير» التنمية منذ أن أرسى الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- طيب الله ثراه- دعائم الأمن والتنمية، والإنجازات التي تحققت وما تزال في عهد أبنائه الملوك والأمراء.
أما في الفصل الثاني فقد تم استعراض التوجهات التنموية الاستراتيجية والمواضيع ذات العلاقة بالتنمية المتوازنة.
وتناول الفصل الثالث المجالس الوطنية كونها شركاء في التنمية، والتوجه نحو إشراك المرأة والشباب في صناعة القرارات الوطنية التنموية. أما الفصل الرابع فقد انصب على دور الجامعات ودورها في التنمية كونها المعنية بالتنمية البشرية ودورها الرئيسي في البحث والتطوير، حيث أن الجامعات هي الفضاءات التي تتوافر فيها مقومات تفعيل أبعاد التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية.
أما الفصل الخامس والسادس فقد كرّسا لموضوعات العصر من صناعة وتقنية وابتكارات ودورها في التنمية الشاملة التي هي بمثابة رأس الحربة لتحقيق تنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطني بالإضافة للتطرق لتحديات تلك التقنيات والابتكارات وكيفية تعظيم الفائدة منها لتنمية مستدامة.
وأخيرا تم عرض بعض المواضيع المتفرقة في الفصل السابع التي تدور في فلك وهامش التنمية منها ما له علاقة بالتنمية الثقافية، مختتما تلك المواضيع بموضوع عن فقيدة المؤلف ودورها العظيم في مسيرته وتنميته الثقافية والعلمية والعملية.
** **
- د. حامد بن ضافي الوردة الشراري