«الجزيرة» - سالم اليامي / تصوير - حسين الدوسري:
أعلنت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أمس عن زيادة الاحتياطيات الثابتة من النفط والغاز في المملكة، وذلك بعد خضوع احتياطيات النفط والغاز في منطقة امتياز أرامكو السعودية لعملية المصادقة المستقلة التي أجرتها شركة ديغويلر آند ماكنوتن (دي آند إم) الرائدة في مجال الاستشارات.
وأكد المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أن الاحتياطيات هي عنصر أساسي لتقييم شركات النفط، حيث تحدد قدرة الشركة على الإنتاج لمدة طويلة ومستدامة وقدرتها على التجاوب مع متطلبات السوق وارتفاع الطلب، وكذلك متانة أصول الشركة في قوائمها.
وقال المهندس الفالح خلال مؤتمر صحفي عقده أمس عقب الإعلان عن زيادة الاحتياطيات الثابتة من النفط والغاز في المملكة وتناول «مستقبل الطاقة في المملكة»، إن ما تم الإعلان عنه اليوم هو نتيجة لدراسات مستفيضة امتدت لفترات طويلة جدا وبمهنية عالية جدا أثبتت أن عامل المخاطرة بالنسبة لأرامكو السعودية يجب ألا يؤخذ كعامل على الإطلاق لأن الشركة متحفظة جدا في أعمالها وهي تلتزم بأعلى مستويات المهنية والإتقان، وقد رأينا ذلك في معاملات السلامة وفي الالتزام البيئي وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون ورأيناها كذلك اليوم في مهنية رصد الاحتياطيات، ويمكن القياس على ذلك والنظر إلى استثمارات الشركة بشكل عام وأصولها وبالتالي الوصول إلى يقين بأن الشركة ذات منطقية عالية جدا، وبالطبع فإن عملاء الشركة والمتعاملين معها على مدى عقود من الزمن هم خير شاهد على التزامها بالتشغيل وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها التجارية والتشغيلية.
وفيما يتعلق بالتوقيت قال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية: إن أرامكو السعودية تتفاوض حاليا مع صندوق الاستثمارات العامة على صفقة «سابك» وسيعلن عنها في حينها، وسندخل في مرحلة تنفيذ الصفقة وسنحتاج ما بين 9 أشهر إلى سنة للحصول على الموافقات التظيمية من جهات منع الاحتكار في كافة أنجاء العالم لأن أرامكو وسابك شركات دولية وهي من أكبر الشركات في العالم.
كما أشار المهندس الفالح في حديثه خلال المؤتمر إلى قطاع توليد الطاقة الكهربائية وبالذات فيما يتعلق بمزيج الوقود المحدث الذي تم الوصول إليه في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بعد دراسات مستفيضة استمرت لنحو سنة، مبينا أنه ينحصر في قطاع توليد الكهرباء، وقال: إن ما نعمل عليه خلال العقد القادم هو تحول استراتيجي، وللعلم فإن المملكة تستخدم اليوم 50 % من الوقود المستخدم في توليد الكهرباء من الغاز وهي قد تكون النسبة الأعلى على مستوى دول مجموعة العشرين وهذا يدعونا للفخر، ولكن ما يؤسفني قوله إن الـ 50 % الأخرى جميعها من سوائل البترول إذ تبلغ حوالي 600 ألف برميل يوميا، وهذه نسبة عالية من استهلاك مصدر ثمين للأجيال القادمة ليس فقط للمملكة بل للعالم.
وأضاف المهندس الفالح: أن الطلب على الكهرباء سيرتفع بنسبة 40 % بحلول العام 2030م وهذا مبني على نمو الاقتصاد وليس على زيادة معدلات الاستهلاك، ولدى المملكة برامج فاعلة جدا لزيادة كفاءة الإنتاج بدأت تؤتي ثمارها ولدينا تباطؤ في زيادة معدلات استهلاك الكهرباء ناتج عن برامج كفاء الطاقة التي استحدثت من خلال مركز كفاءة الطاقة وبرنامج كفاءة، وبالرغم من هذه الزيادة إلا أن نسبة الغاز ستزيد من 50 % إلى ما يقارب 70 % إن شاء الله خلال الـ 12 عاما القادمة وسنستغني تماما عن استخدام سوائل البترول، وبالتالي توفير 600 ألف برميل تحرق حاليا.
وأضاف: أيضا سندخل في برامج كفاءة الطاقة حوالي 60 جيجا وات من مصادر الطاقة المتجددة قبل حلول 2030 منها 40 من الطاقة الكهروضوئية، 3 جيجاوات من الطاقة الشمسية المركزة و16 جيجاوات من طاقة الرياح.
وأشار إلى أن هذه النسبة أي 60 % من الطاقة المتجددة تشكل جزءا مما سبق وأعلنه سمو ولي العهد عن استهداف المملكة إنتاج 200 جيجاوات.
كما أكد المهندس الفالح أن سوق النفط شهد تذبذبات كبيرة جدا خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهذا مصدر قلق لنا في وزارة الطاقة، لافتا إلى المملكة تسعى إلى أن تستقر أسواق الطاقة حول نطاق سعري معقول وبشكل يساعد على استدامة العرض والطلب ويحفز الاقتصاد العالمي، مبينا أن معظم أسباب تلك التذبذبات هي خارجة عن نطاق أساسيات السوق، واضطررنا للتعامل معها من خلال القرار الذي اتخذته منظمة أوبك وبعد ذلك أوبك بلس في فيينا بخفض الإنتاج.
وكانت المملكة قد أعلنت سابقًا أنه في 31 ديسمبر 2017 بلغت احتياطيات النفط والغاز 266.3 مليار برميل من النفط و307.9 تريليونات قدم مكعبة قياسية من الغاز، منها 260.9 مليار برميل من النفط و302.3 تريليون قدم مكعب قياسية من الغاز تمثل تقديرات الاحتياطيات الثابتة من النفط والغاز في منطقة امتياز أرامكو السعودية.
وعقب المصادقة، زادت احتياطيات منطقة امتياز أرامكو السعودية في نهاية عام 2017 بواقع 2.2 مليار برميل أو ما يعادل 263.1 مليار برميل من النفط و319.5 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز.
وبالإضافة إلى احتياطيات منطقة امتياز أرامكو السعودية، تمتلك المملكة أيضًا نصف الاحتياطيات النفطية في المنطقة المقسمة المملوكة بالمشاركة للمملكة العربية السعودية ودولة الكويت، علمًا بأن حصة المملكة من الاحتياطيات النفطية في المنطقة المقسمة (البرية والبحرية مجتمعة) تبلغ 5.4 مليار برميل بالإضافة إلى موارد الغاز البالغة 5.6 تريليون قدم مكعبة.
وعليه، سيؤدي إدراج المراجعة التي أجرتها شركة ديغويلر آند ماكنوتن لاحتياطيات النفط في منطقة امتياز أرامكو السعودية إلى رفع إجمالي الاحتياطيات النفطية الثابتة في المملكة اعتبارًا من نهاية عام 2017 إلى نحو 268.5 مليار برميل من النفط و325.1 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز.
ومن جانبه، أشار معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، إلى أن هذه المراجعة قد سلطت الضوء أيضًا على ثلاث حقائق مهمة أخرى هي: أن هذه الاحتياطيات الضخمة هي أيضاً من بين الأقل تكلفة على مستوى العالم، مدعومة بوفورات الحجم الرائدة في العالم.
إن كثافة انبعاثات الكربون الصادرة عن أعمال إنتاج النفط وما يرتبط بها من أعمال الحرق في الشعلات في أرامكو السعودية تعد من أقل المعدلات على مستوى العالم، وحث صناعة البترول حول العالم على استخدام هذه المقاييس البيئية إلى جانب الربحية.
أن ذلك هو بمثابة تقدير للأهمية التي توليها المملكة لمعايير النزاهة والانضباط والتميز البيئي الرائدة عالميًا لأعمال أرامكو السعودية وموظفيها.
وأضاف معاليه « تؤكد هذه المصادقة المبررات التي تجعل كل برميل تنتجه المملكة والشركة هو الأكثر ربحية في العالم، والأسباب التي تجعلنا نؤمن بأن أرامكو السعودية هي الشركة الأكثر قيمة في العالم، بل والأكثر أهمية.»
نتائج تقييم شركة «دي آند إم»
لقد أثبتت نتائج تقييم شركة دي آند إم وبشكل قاطع مدى نزاهة التقديرات التي أجرتها المملكة – ولاسيما أرامكو السعودية - داخليًا لاحتياطياتها الهيدروكربونية وقوتها ودقتها.
وبلغت التقييمات السابقة التي أجرتها المملكة لاحتياطياتها الهيدروكربونية في نهاية عام 2017، بما في ذلك حصة المملكة في المنطقة المقسمة، حوالي 266.3 مليار برميل من النفط (أرامكو السعودية: 260.9 مليار برميل و5.4 مليار برميل نفط في المنطقة المقسمة)، وحوالي 307.9 تريليونات قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي.
التقييم على أساس كامل الاحتياطيات
من المتعارف عليه في صناعة النفط تركيز الشركات على مراجعة احتياطيات المكامن الرئيسية في مجموعة أعمالها. وبناءً عليه قامت مؤسسة «دي آند إم» بتقييم 54 مكمنًا نفطيًا رئيسًا تديرها أرامكو السعودية ضمن مجموعة أعمالها التي تضم 368 مكمنًا نفطياً، حيث تشكل هذه المكامن الأربعة والخمسون (54) وحدها حوالي 80 % من احتياطي أرامكو السعودية في منطقة امتيازها من النفط المقدر بنحو 260.9 مليار برميل. وتؤكد مصادقة مؤسسة «دي آند إم» على أن تلك المكامن الأربع والخمسين تحتوي في 31 ديسمبر 2017 على 213.1 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية الثابتة – التي تُعرف تقليديًا بالاحتياطيات «1P»، وقد تم تقييمها على أساس كامل الاحتياطيات. وذلك مقارنة بالتقييم الداخلي الذي أجرته أرامكو السعودية للاحتياطيات الموجودة في المكامن نفسها، والذي خلُص إلى احتوائها على 210.9 مليار برميل. أي أن مصادقة مؤسسة «دي آند إم» أكدت زيادة الاحتياطيات بنسبة 1.0 % (أكثر من 2.2 مليار برميل) عن تقديرات أرامكو السعودية.
77 مكمنا رئيسيا تشكل 60 %
من احتياطيات الغاز بالمملكة
أما فيما يتعلق بمصادقة احتياطيات الغاز، أشارت الوزارة إلى أن «دي آند إم» قدرت احتياطيات الغاز في 77 مكمنًا رئيسيًا تديرها أرامكو السعودية، وتشكل وحدها نحو 60% من احتياطيات المملكة من الغاز التي تقدر بنحو 302،3 تريليون قدم مكعبة قياسية. وتؤكد مصادقة «دي آند إم» أن هذه المكامن السبعة والسبعين تحتوي في 31 ديسمبر 2017 على 204.9 تريليون قدم مكعبة قياسية من احتياطيات الغاز الثابتة. وهذه المصادقة أعلى بنسبة 9.2 % (أكثر من 17.2 تريليون قدم مكعبة قياسية) من التقديرات الداخلية التي أجرتها أرامكو السعودية لنفس المكامن، مما يثبت أن المملكة تعتمد أساليب صارمة للغاية في تقييم احتياطياتها من النفط والغاز.
التقييم اقتصر على منطقة امتياز «أرامكو السعودية»
وقد اقتصر تقييم شركة دي آند إم على الكميات «المسجلة» من موارد النفط والغاز في منطقة امتياز أرامكو السعودية ولا يغطي الموارد الهيدروكربونية الأخرى المتاحة في المملكة، مثل احتياطيات الغاز غير التقليدية الضخمة التي اكتشفت مؤخرًا لكن لم «تسجلها» أرامكو السعودية أو المملكة بعد. كذلك لا يغطي التقييم حصة المملكة من الاحتياطيات في المنطقة المقسّمة بين السعودية والكويت، المحتوية على احتياطيات في جزء بري وآخر بحري، علمًا بأن الجزء البري قدرته شركة شيفرون السعودية بإجمالي 2.923 مليون برميل، في حين قدرت حصتها من احتياطيات الغاز في تلك المنطقة بواقع 877 مليار قدم مكعب قياسية. وبالإضافة إلى ذلك، تقدر شركة أرامكو لأعمال الخليج حصة المملكة من احتياطيات النفط في الجزء البحري من المنطقة المقسمة بنحو 2.476 مليون برميل، في حين تقدر حصتها من احتياطيات الغاز في نفس المنطقة بنحو 4.749 مليار قدم مكعب قياسية. وعليه، فإن حصة المملكة من إجمالي احتياطيات النفط والغاز في المنطقة المقسمة، البرية والبحرية مجتمعة، تقدر بحوالي 5.4 مليارات برميل و5.6 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
المصادقة تتماشى مع رؤية المملكة 2030
ويأتي هذا التقييم المستقل تأكيدًا على المركز القوي والسمعة الطيبة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية على صعيد إنتاج النفط الخام وتوريده بمستويات عالية من الموثوقية، وإقرارًا واضحًا بقوة آليات وعمليات التقدير الداخلية في أرامكو السعودية، وشهادة دامغة بهذا الحجم الهائل من احتياطيات النفط والغاز في المملكة العربية السعودية التي لم يشهد العالم نظيرًا لها من قبل.
وأكد الوزير الفالح أن هذه المصادقة المستقلة التي أجراها طرف خارجي تتماشى مع رؤية المملكة 2030 ، التي تحرص على شفافية ودقة وجودة جميع البيانات الهامة. وهو ما يؤكد استمرار توجيهات ودعم خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- إلى صناعة النفط السعودية.