طلب المعونة في إعداد رسالة الماجستير
* هل طلب المعاونة في بحثي إذا كنت أكتب بحثًا للماجستير ممن لديه خبرة في تخريج الأحاديث، أو طباعة بحثي بالجهاز وصفِّه وترتيبه، أو جمع مادَّة لمسألة معيَّنة، هل يعتبر ذلك إخلالاً بالأمانة؟ خصوصًا مع ضيق الوقت؟
- لا شك أن البحث الذي تُكتسب منه الدرجة العلمية كورقة الامتحان لا يجوز له أن يستعين بغيره فيما يتعلق بالعلم الذي تشتمل عليه هذه الرسالة، فلا يجوز أن يعتمد على أحد في تخريج الأحاديث؛ لأنه جزء من العمل العلمي في الرسالة، ولا يجوز له أن يَكل جمع المادَّة العلمية لأحد، ولا شك أن هذا نوع من الخيانة، وأما بالنسبة لما يتعلق بالأمور الفنية كالطباعة مثلاً أو ترتيب الأوراق أو تجليد الرسالة فيمكن أن يستعين، والفهارس أيضًا تختلف فيها وجهات النظر هل هي من صميم العمل وجزء من ورقة الاختبار الذي يُؤهل الطالب له، أو هي أمر تكميلي فنِّي يمكن أن يستفيده من غيره؟ وعلى كل حال يحرص الإنسان على ألاَّ يعتمد على غيره في المادة العلمية في جمعها وترتيبها ودراستها والخلوص بنتائجها، لا يجوز له ذلك بحال؛ لأن هذه الرسالة شهادة له بأنه متقن لهذا العمل ولهذه المادة العلمية، ويؤهَّل لما تتطلبه هذه الشهادة.
وبعض الناس يشدد على نفسه فلا يَكل شيئًا من عمله إلى غيره ولو كان ليس من صميم العلم، وبعضهم يجمع النسخ للكتاب المخطوط المراد تحقيقه فيسجل نسخة على جهاز تسجيل، ثم يقابلها بنفسه بنسخة أخرى، ثم يقابلها بنفسه من المسجل بنسخة ثالثة، ولا شك أنه إذا كانت المقابلة من شخص واحد فذهنه قد لا يستوعب النسختين معًا، بل لا بد أن يفوت عليه شيء، وإذا كان أكثر من واحد يقابل النسخ فلا مانع من ذلك، وهذا مما تدخله النيابة، كالصف والترتيب والطباعة والتجليد وما أشبه ذلك.
وبعض الناس يتساهل حتى يصل الأمر إلى أن يوزع العمل على مجموعة من الناس، هذا له جمع المواد، وهذا له ترقيم الآيات، وهذا له تخريج الأحاديث، وهذا له ترجيح المسائل، وذاك له الفهارس، وهكذا.
هذان لا شك أنهما طرفا نقيض، والخير في الوسط، على التفصيل الذي ذكرناه.
وأما المراجعة اللغوية فلا شك أن معرفة الطالب باللغة وجودة أسلوبه جزء من هذه الرسالة، فالذي يتجه عندي أنه لا يستفيد من أحد في هذا، إنما لو سأل عن الجزئيات كأن تُشكل عليه مسألة فسأل عنها واستفاد فلا مانع، أما أن يدفع الكتاب بكامله ويقول: (صححه لغويًا)! هذا يظنه المُناقش من صنيعه وإتقانه وجودته، وحقيقة الأمر ليس كذلك، أما إذا سأل واستفاد فإنه بنى نفسه علميًّا بهذا السؤال وباستيعاب الجواب.
***
رفيف العين والتشاؤم منه
* أود أن أستفسر عن بعض الأمور المنتشرة لدينا، فمثلاً: البعض من الناس يعتقد بأن العين إذا رَفَّتْ أو تحركت حركة لا إرادية بأن ذلك يؤدي لأمر ما، فإذا كانت هذه الحركة من العين اليمنى فإنه سوف يحصل بذلك خير، والعين اليسرى العكس، وكذلك الحال بالنسبة لليد، فما حكم اعتقاد هذه الأمور من الناحية الشرعية؟
- ما ورد في السؤال من ترتيب أمور على تحرك العين اللا إرادي ورفيفها، فإنه لا أصل له لا من حيث الدليل ولا في الواقع، وهو أشبه ما يكون بالتطيُّر المعلَّق بالطيور، فإن ذهبت من جهة اليمين اُعتقد فيها الخير، وإن ذهبت من جهة الشمال تشاءموا واعتقدوا فيها الشر، يقول: (يعتقدون بأن العين إذا رفَّت وتحركت حركة لا إرادية فإن ذلك يؤدي لأمر ما) يعني مثل الطيور، (فإذا كانت هذه الحركة من العين اليمنى فإنه سوف يحصل بذلك خير)، مثل: السوانح والبوارح التي تذهب ذات اليمين وذات الشمال، فإن ذهبت ذات اليمين تفاءلوا خيرًا ومضوا إلى عملهم، وإن ذهبت إلى ذات الشمال كفوا عن ذلك وظنوا أن هذا الأمر يؤدي إلى شر، على كل حال إذا أَمْضتْ أو رَدَّتْ فهذه الطِّيرة المحرمة، فإذا حصل شيء من هذا فعليه أن يتوكل على الله ويمضي إلى طريقه ولا يلتفت لمثل هذه الأمور.
والمقصود بقولنا: (إذا أمضتْ أو ردَّتْ) إذا رفّت العين اليمنى أو ذهبت الطير من الجهة اليمنى فأمضته إلى عمله وجعلته يمضي ويستمر في طريقه، فإن هذا لا شك أنه من التطيُّر. وكذلك إذا كفَّته ومنعته من الذهاب إلى طريقه وسبيله بأن ذهبت ذات الشمال فكذلك هذه طِيرة، والطيرة شرك.
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور / عبد الكريم بن عبد الله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء