«أنا رفيقك الدائم!
أنا أثمن ما تملك!
أخف ما تحمل، وربما كنت أثقله!
سأدفعك للذروة تجاه النجاح، أو للسفح تجاه خيبة الأمل!
هؤلاء العظماء أنا من صنعت عظمتهم!
وهؤلاء الفاشلون أنا من صنعت فشلهم!
إنني العادة!!»
من كتاب (العادات تموت بسهولة)
يقال: إن البشر يعرفون من عاداتهم، فما أنا وأنت إلا عادات؛ فما يجعلك شخصا جيدا هو مجموعة عادات، وما يجعل الآخر شخصا سيئا أيضا هي عاداته! بل إن مصيرك في الدارين مرتبط بعاداتك! فلا تكن ممن قال عنهم (جون كوتر): «إن السواد الأعظم من الناس لا يسيطرون على حياتهم، بل يرضون بها».
وحري بالإنسان أن يراجع عاداته ويطورها ويحسنها ويهذبها، ويتحلى بجميل العادات ويتخلى عن سيئها، والعادات قابلة للتطبع لمن بذل الجهد، واستفرغ السبب، وقدم المهر لتلك العادات، والمثل الصيني يقول: «تشبه العادات في بدايتها نسيج العنكبوت، وفي نهايتها تشبه حزمة الأسلاك». وما أجزم به أن عادة واحدة ستجعلك أفضل بكثير مما أنت عليه، وقد قال أرسطو ذات يوم: «نحن (ما) نواظب على فعله، والتميز ليس فعلا، بل عادة!».
ودونك (16) عادة لو تحليت بها، أو ببعضها، أو حتى بواحدة منها فستصنع أجمل فارق في حياتك:
العادة (1)
استيقظ مبكراً واستثمر نشاط أول الصباح لعلك تصيب بركة البكور؛ فما أجمل أن يستيقظ الإنسان والكون حوله في صمت مطبق، يقضي وقته متأملاً أو قارئاً أو كاتباً، ولو رافقت هذه العادة عادة الرياضة الصباحية - ولو لعشر دقائق - لجنيت خيراً عظيماً.
العادة (2)
الصلاة في جماعة؛ اجعلها عبادةً تبتغي منها رضا من خلقك وتوفيقه، وأنا أعرف الكثير من كبار السن ومن الشباب لا يساومون على أداء الصلاة جماعة في أي وقت ومكان، وتجدهم بمجرد دخول وقت الصلاة يتجهون، وبشكل تلقائي، لأقرب مسجد. وأضف إليها صلاة الضحى والورد اليومي، ولتجعل من المحافظة عليهن عادة، بنية طيبة؛ ففيها من الأجر العظيم والثواب الكبير ما يستحق.
العادة (3)
عدد نعمك كل صباح وثمنها، واشكر مانحها الكريم الوهاب، وحدث نفسك يومياً بأحاديث إيجابية وقل لها: «إنك شخص قوي ومحب للخير، وإن لديك الكثير لتعطيه!» وتحل على نحو مستمر بالإيجابية، ولا تكن بارداً باهتاً سلبياً، تحرك وبادر واعمل وابذل، تلمّس الخير في المواقف التي ظاهرها الألم، وتتبع الجوانب المشرقة، وتفاءل دائماً، ولا تفرّط في يومك، واجعل نشيدك قول جون درايدن «حسبي أنني قد عشت هذا اليوم».
العادة (4)
ابتسم دائماً وأشع الفرح في محيطك، وأضف جمالاً لجمالك، ولا تتخل عن الابتسامة؛ فهي حسن في الوجه، وجاذبية للشخصية، وهي جواز سفر لقلوب الآخرين، ولا تنس نصيبك من الضحك، ولا تكترث كثيراً لتلك المقولة: «الضحك من غير سبب من قلة الأدب»؛ فالهزل كما قال أحد المفكرين هو أكثر الأمور جدية! فهو يريح النفس ويبهج الروح ويفتت الضغوط.
العادة (5)
ابتعد عن كل المؤثرات السلبية التي تزعجك سواء التفكير بالهموم، أو مرافقة المحبطين، أو محاورة من تبغضهم؛ لأن ذلك يعكر المزاج ويزيد التوتر، ولا تتورط في معركة خاسرة مع شخص وقح أو أحمق ليس لديه ما يخسره مهما كانت الضغوطات والاستفزازات، وتأكد أنك عندما تتورط في تلك المعارك ستكون أنت الخاسر الأكبر! واجعل من عادتك عدم سرد الأخبار السيئة، ولا تتابع أخبار الحوادث والقتل والتفجيرات؛ فهي تنال من نفسيتك، وتستقر على نحو تراكمي في العقل الباطن فتجعل منك شخصاً مضطرباً وجلاً متشائماً.
العادة (6)
التريث والأناة وعدم الاستعجال في القول أو في ردة الفعل، ومعايرة الأمور قبل اتخاذ القرارات دون تبلد أو هروب من حسم الأمور، اجعل من عاداتك أن تصنع مسافة بين المؤثر والاستجابة فالعجلة تورث الندم، والأناة طبع الحكماء وفضلاء البشر. عود نفسك على التأمل والأناة وعدم الاستعجال في إصدار قرار، أو الحكم في أي مشكلة تواجهك، تأمل جذورها واستشرف نتائجها.
العادة (7)
كن ممتنا، واجعل من الامتنان عادة يومية، قدر كل جميل وثمن كل عطاء، وأثن على كل معروف، واشكر كل معط، امتن لكل مفيد في حياتك: صحتك، سيارتك، منزلك، أسرتك واجعل حمد الواهب وشكره عادة يومية.
العادة (8)
اعتن بصحتك، وتذكر أن لصحتك ارتباطاً وثيقاً بنفسيتك. ودونك جملة من العادات الغذائية الصحية: اشرب الماء على الريق، لا تكثر من وجبة العشاء، امضغ جيداً، تناول طبق سلطة يومياً، لا تدخل طعاماً على طعام، نظِّف الأسنان بعد تناول الطعام ولو عن طريق المضمضة.
العادة (9)
لا يمر عليك يوم إلا وقد تعلمت شيئاً وأضفت لحصيلتك المعرفية علماً، ولا يمر عليك موقف إلا وتأملت فيه وبسطته وحللته من جميع الجوانب، وتلمست الصواب من الخطأ فيه.
العادة (10)
أصغ باهتمام، وأنصت بتفاعل! لا تكن انتقائياً في إنصاتك، أعط كل متحدث تقابله في يومك اهتماماً ورعاية؛ فحسن الإنصات يكسبك الاحترام، ويلبسك لباس الحكمة، ويجعل من حضورك ومجلسك ألقاً وروعة.
العادة (11)
اعتن بعادة عدم التدخل فيما لا يعنيك، واحرص على الحياد في الخلافات ما أمكن، ما لم يكن ظلماً بيّناً وجوراً فاضحاً وميلاً صريحاً، لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تكن فضولياً، ولا تناقش أي قضية لا شأن لك بها، ولا تتورط في أي جدال.
العادة (12)
اجعل من عاداتك اليومية تخصيص وقت لمواقع التواصل الاجتماعي بزمن محدد غير قابل للاستثناء، ولا تنسق وراء الإغراءات، وكن حازماً حاسماً؛ فالوقت ثمين، والدقائق لا تعود، والعمر قصير.
العادة (13)
فكر بمرونة واخرج عن الصندوق، ولا تبق طوال عمرك في صندوق ضيق، فكر في البدائل، اعمل بنظام تحسين الفكرة لا إلغائها، انظر إلى الأمر بطريقة أخرى.
العادة (14)
استسلم للنوم والراحة عندما يدعوك جسدك إلى ذلك، ولا تقاوم النوم، خصوصاً إذا كان الجسم متعباً أو مرهقاً؛ فالنوم في هذه الحالة لازم وضروري لأنه إحدى الحاجات التي لا غنى عنها لراحة الجسم ونموه، مع مراعاة أن يكون النوم في مكان هادئ، وجيد التهوية، ومظلم قدر المستطاع، وأن يكون الفراش مريحاً للجسم. كما أنه من العادات الصحية عدم الجلوس لفترات طويلة أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية؛ كالتلفزيون، أو الحاسب الآلي، أو الألعاب الإلكترونية، ونحو ذلك من الأجهزة.
العادة (15)
افعل الخير حيث سنحت فرصة ولا تتردد؛ فعمل الخير طبع يكتسب وعادة تتعلم، وفعل الخير دين سريع السداد؛ سعة في الرزق، ونور في الوجه، وذكر حسن، ودعوات في ظهر الغيب. والعظماء هم من يعقدون العزم ويقطعون على أنفسهم عهدا أن يفعلوا الخير ويبذلوا المعروف على نحو يومي، يقول (وليام ووردز): «إن أفضل ما في حياة الإنسان هي أفعال الخير الصغيرة التي لا يذكرها أحد والتي تنم عن الرحمة والحب!»