بريدة - سلطان المهوس:
وهل أعظم إبلاغًا، وأصدق يقينًا، من أن يترجم المرء أحاسيس قلبه، ومشاعر فؤاده؛ ليبسطها أمام الجميع، لوحة فنية، تخطف بجمالها النظر، وتسرق ببهائها العقل، وتؤكد للجميع أن خلجات النفس، وقسمات الجسد واحدة لا تتقلب ولا تتبدل؟؟
ففي نادرة قد تتكرر، وفي بادرة لا يخالها بشر، تبدلت أروقة وممرات سجن مباحث الطرفية بمنطقة القصيم، إلى ما يشبه المسرح الفرائحي، الذي أبرز القيمة الحقيقية لمعنى «إصلاحية» وترجم حجم الجهود المقدمة من مسؤولي «رئاسة أمن الدولة» لاحتواء العقول والطاقات، والمحافظة على مقدرات الوطن وشبابه، من الانحراف والزيغ والاستغلال.
فعند منتصف الأسبوع الماضي، وفي غمرة احتفاء الوطن بيومه 88؛ احتدمت روح المنافسة، وتعالت صيحات التشجيع، للتعبير عن حب الوطن وقيادته، والتأكيد على نبذ العنف والإرهاب؛ حينما شارك أكثر من 80 نزيلاً مع مضيفيهم -إن جاز التعبير- من منسوبي السجن من الضباط والأفراد، في إحياء مناشط ليلة الوطن، بالعديد من اللوحات الإنشادية، والعروض المسرحية والتمثيلية، والورش الفنية للرسم والتشكيل، التي يُظهر فيها النزلاء ما يختلجهم من مشاعر الولاء والانتماء للوطن وقيادته.
تلك هي حالة نزلاء سجن المباحث العامة بالطرفية، بمنطقة القصيم، ممن شاركوا في فعاليات احتفاء اليوم الوطني 88 للمملكة العربية السعودية، الذين عبروا عن مشاعرهم، وخواطرهم، تجاه قيادتهم ووطنهم، بمزج ألوان التفاؤل مع تطلعات الصلاح والهداية، تجاه وطن عادوا إليه راغبين، آسفين، حامدين.
لم يكن النزلاء وحدهم, فقد شارك ذويهم من الرجال والأطفال فرحة الوطن في صورة مجتمعية زاهية ازدان فيها جمال المنظر, وعبق المكان, ونبرة الحس الوطني وذروة سنام تحقيق الهدف السامي المتضمن تحويل السجون إلى إصلاحيات تنثر دورها الوطني بكل اقتدار بمتابعة رئاسة أمن الدولة ورجالاتها.
هنا، يحق لكل متابع منصف، ولكل متفحص موضوعي، حكم عقله، وتجرد من أحكامه المسبقة أن يتجاسر فخورًا مزهوًّا بصورة سجون بلاده وهو يقف على دور مسؤولي السجن تجاه النزلاء، حينما بات السجن محضنًا اجتماعيًا وثقافيًا يشارك فيه النزلاء أقرانهم خارج الأسوار، الأفراح والمسرات، ويعايشون معهم كل صغيرة وكبيرة تخص مجتمعهم والوطن.