الجزيرة - محمد المنيف:
تلقى مجموعة من التشكيليين في قرية المفتاحة التشكيلية في أبها توجيه أمير عسير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز بإخلاء مراسمهم لتسليمها لجيل ونخبة جديدة، تنتظر دورها وفرصتها في مراسم القرية، أسوة بمن قبلهم ممن بقوا مددًا طويلة. هذا التوجيه أثار حفيظة الفنانين المقيمين سابقًا الذين طُلب منهم الإخلاء، وقام بعضهم بحرق لوحاتهم كرد فعل على التوجيه ومن باب التفاعل معه؛ وهو ما أشعل وسائل التواصل بين التشكيليين على مستوى المملكة بمواقف متفاوتة؛ فمنهم من اعتبره موقفًا يحق للفنان فعله من منطلق حرية التعبير، وأنه يعني رسالة لجهة ما. وهؤلاء (قله جدًّا)، لم يجدوا مؤيدين لهم بقدر ما وجدوا الاستهجان. ومنهم من اعتاد على استغلال أي موقف لإثارة البلبلة. وهؤلاء لا يتورعون عن المشاركة في كل ما يثير الفتنة والتقليل من الثقة في الجهات المسؤولة عن الفن التشكيلي أو المؤسسات التي تخدمه. وآخرون - وهم الغالبية - لا يعلمون ما حقيقة الأمر، وكما يقال (طاروا في العجة). وهناك من لزم الصمت.
وإن كان هناك عتب فهو على التشكيليين العقلاء ممن أيدوا التصرف الخاطئ بإحراق الفنانين لوحاتهم في محيط قرية المفتاحة وليس خارجها، بما يشبه ويمكن فهمه أنه اعتراض على الإجراء الإداري والنظامي الذي يقدره ويحترمه الجميع، بل كان يجب على الفنانين الكبار سنًّا وخبرة الذين أخذوا نصيبهم في المراسم الإشادة به؛ كونه يتيح الفرصة لفنانين يعدون من تلامذتهم، لا أن يصدر منهم هذا التصرف السلبي.
تجديد الدماء جزءٌ من
تطوير القرية
إن ما تم بناء على توجيه أمير منطقة عسير للفنانين الموجودين في المراسم الذين أخذوا حقهم، وأمضوا مدة طويلة، أن يخلوا مراسمهم بشكل عاجل؛ لتُمنح لمجموعة أخرى من منطلق العدل، وتجديد دماء القرية، بما يضيف حراكًا جديدًا، كما أُشير في توجيه سابق، واعتبار هذا التوجيه جزءًا من اعتزام الإمارة وقطاعات أخرى تطوير القرية، وإعادة تأهيلها وتنظيمها؛ لتستوعب الجميع؛ فقد تم توزيع المراسم على أسماء شابة، تستحق الدعم والاهتمام، وهذا موقف مشرف، يؤكد ما تسعى له وزارة الثقافة ممثلة في مركز الملك فهد الثقافي بدعم من إمارة عسير، كما نتابع من اهتمام الوزارة الحالي بكل الفنون البصرية والثقافة عامة، ومنها الفنون التشكيلية التي تصلني كثير من ملامح رسم الاستراتيجية لها بما يتزامن مع التوجه لمستقبل الوطن.
إمارة منطقة عسير توضح الحقيقة وتلفت النظر
ونحن هنا لسنا مخولين بالتبرير أو الرد بما يوازي ما أوضحته إمارة منطقة عسير على لسان الأستاذ سعد عبدالله آل ثابت المتحدث الرسمي والمشرف العام على الشؤون الإعلامية بمكتب أمير المنطقة بأن ما تشهده قرية المفتاحة بمركز الملك فهد الثقافي بأبها مؤخرًا هو ضمن خطة تشمل إعادة تنظيم المكان، ومنح مكان لأكبر عدد من فناني وفنانات المنطقة الشباب الذين حُرموا من هذه الفرصة بسبب ما تشهده القرية والمراسم الخاصة بها من احتكار لعدد من الفنانين دون غيرهم.
مضيفًا بأن ذلك يتنافى مع العدالة التي تحتم منح الجميع الفرصة ذاتها، وتمكين القوى الشابة من عرض إبداعاتهم من خلال هذا الصرح الذي يعد ملكًا للجميع، وليس من حق أحد أن يستولي عليه، ويتعامل معه وكأنه أحد مقتنياته الشخصية.
كما لفت آل ثابت إلى أن الإمارة ستتعامل بحزم مع كل من يحاول إثارة الرأي العام عبر بعض الممارسات التي لا تمت لمهنية الفن التشكيلي بصلة، ولا تمثل خصال أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء.
وأكد أن الإمارة سبق أن أبلغت الفنانين والفنانات بخطة إعادة تنظيم المراسم في قرية المفتاحة، بما يتماشى مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي ترتكز على دعم الشباب، ومنح الفرص لكل من يمتلك فكرًا واعيًا وإبداعًا حقيقيًّا أن ينال الفرصة المناسبة له.
وبيَّن آل ثابت أن الإمارة تقف على مسافة واحدة من جميع الفنانين والفنانات في المنطقة، وتسعى لخلق الفرص المتساوية للجميع، وتطوير المكان؛ ليكون رافدًا حقيقيًّا لاحتواء الفن التشكيلي ورواده ومبدعيه.
إحراق اللوحات لا يمثل التشكيليين
لا يمكن لأي فنان تشكيلي يقدر إبداعه، ويقدر ما يقدم للفن التشكيلي، أن يقبل بأن ينسب إليه مثل هذا التصرف الذي لا يمت لأخلاقيات الفن التشكيلي ولا لمكانته الحضارية بأي صلة أو تواصل، ويدل على عدم الاحترام للإبداع أولاً، وعدم التفاعل مع ما يخدم الفن التشكيلي؛ فالتنفيذ كان صادمًا، وخصوصًا أن اللوحات أُحرقت أمام المراسم، وفي محيط القرية التي تعد مؤسسة رسمية، تتبع مركز الملك فهد الثقافي الذي تشرف عليه إمارة المنطقة.
ويأتي ذلك خاصة إذا علمنا أن الإخلاء لم يكن لمجرد إخراج التشكيليين بقدر ما يعني أن قرية المفتاحة تشهد حراكًا مستقبليًّا، يتوافق مع ما أُنشئت له، وبما سيشملها من تطوير بتنظيم العديد من الفعاليات والبرامج التي تلبي رغبات شرائح المجتمع كافة، بالتنسيق مع العديد من الوزارات والهيئات الحكومية والجهات الفاعلة في القطاع الخاص.
المراسم ليست حكرًا لفنانين دون آخرين
ويمكن القول إن المراسم - كما جاء في تصريح المتحدث الرسمي عن إمارة عسير - لم تكن حكرًا لفنانين معينين إلا بما يمنحه مركز الملك فهد من فترات زمنية لمن ترى استحقاقهم للعمل في الوقت الذي يسبق الصيف الذي تصبح فيه المراسم متاحة للراغبين من فناني المملكة المتقدمين للمركز كما عهد منها سابقًا، أو بما يعده المركز من برامج وفعاليات لمراسم مدرجة ضمن برامج المفتاحة والمهرجانات. كما أن من طُلب منهم الإخلاء يحق لهم المشاركة في القرية بمعارضهم وأنشطتهم؛ فهم جزء من القرية.
الأجدى إهداء اللوحات بدلاً من حرقها
يأتي العتب من الوسط التشكيلي العارفين لقدرات مَن طُلب منهم الإخلاء، وإسهاماتهم في الحراك التشكيلي، بأن بإمكانهم أن يسلكوا طرقًا عدة للتخلص من كثرة اللوحات، وعدم وجود أماكن لتخزينها، بأن يتقدموا بها بعد ترميم ما يستحق الترميم لتجميل مدينتهم بالتعاون مع إمارة عسير بتشكيل لجنة لتحديد المقار التي تستحق الإهداء للتجميل، وهي كثيرة؛ وبهذا يكسب التشكيليون أمورًا كثيرة، منها تقدير سمو الأمير لهم، وإعجاب المجتمع بموقفهم الوطني.
أسماء المرشحين
الجدد للمراسم
جاء التوجيه من سمو أمير عسير في سياق التجديد وتنوع القدرات ودعم الأجيال الشابة.. وقد أسعد الكثير من شباب الفن التشكيلي وصولاً إلى إسعاد الأجيال السابقة الذين يرون في مثل هذا التوجيه ما يشعرهم بأن إبداعهم التشكيلي سيكون في أيدٍ أمينة، يتولاها جيل بعد جيل. ويسرنا أن ننشر أسماء التشكيليين والتشكيليات الذين مُنحوا مراسم؛ ليمارسوا فيها إبداعهم، وينتجوا وهم يشعرون بالاهتمام والتقدير على أعلى مستوى، ومن رأس هرم المسؤولين في عسير.
التشكيليات: عفاف آل دعجم، سهام جبران، ندى سالم، زينة عامر، بدرة العلياني.
التشكيليون: فائع الألمعي، إسماعيل الصميلي، عبد الله آل خادم، معاذ القحطاني ، سعود العدواني، مجموعة مثلت حاتم الفهد، علي آل زايد. أما الاستوديوهات ومعارض التصوير فقد رُشح لها كل من وهيب أحمد عسيري ، فيصل سعد الحراملة، خالد عثمان الزهراني، فهد مفرح الودعاني، عبد العزيز الفصيلي، إلهام لاحق عسيري، غدي القحطاني، معاذ الألمعي.