«الجزيرة» - عبدالرحمن المصيبيح:
منذ أن أعلن خطة برنامج التحول الوطني في المملكة اتخذت الوزارات كافة الإجراءات اللازمة لتطبيقها بهدف تطوير العمل الحكومي وتأسيس البنية التحتية اللازمة لتحقيق «رؤية السعودية 2030»، واستيعاب طموحاتها ومتطلباتها، ومن بين تلك الوزارات وزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث أسفرت الإجراءات التي اتخذتها لمعالجة التحديات التي تواجه القطاع البلدي في الجانب المؤسسي والوظيفي والتشغيلي، وذلك بعد إجرائها عام 2015م تشخيصًا للوضع الراهن للقطاع البلدي، وتحديد نقاط القوة وأوجه القصور في القطاع، بهدف تطوير أدائه ورفع مستوى مخرجاته.
وشملت المنجزات التي تحققت في الجانب المؤسسي إعداد استراتيجية شاملة للقطاع البلدي، وتطوير النظام المالي والتقني وآليات مراقبة الأداء، إلى جانب وضع وتطبيق نظام لحوكمة مبادرات القطاع، وبرامج تطبيقية متخصصة لتدريب وتطوير الكوادر البشرية، فيما تضمنت منجزات الجانب التشغيلي والوظيفي توحيد الإجراءات ومتطلبات تقديم الخدمات البلدية، ووضع استراتيجية وطنية شاملة لتحويل خمس مدن رئيسية إلى مدن ذكية بحلول عام 2020م، وإطلاق خدمات ذكية في بعض الأمانات.
وقد اتخذت الوزارة ستة إجراءات لمعالجة التحديات، تضمنت التركيز على دور الوزارة كجهاز تشريعي وتنظيمي ورقابي، ودور الأمانات والبلديات كأجهزة تنفيذية، وتوحيد الجهود بالقطاع البلدي والعمل على بناء منظومة مؤسسية متكاملة ومترابطة من خلال تطبيق مفهوم «اللامركزية الرشيدة»، إلى جانب تحقيق مستويات متصاعدة من الاكتفاء المالي الذاتي، وتطوير الكوادر البشرية، والنظم التقنية والخدمات الإلكترونية وربطها في منظومة متجانسة ومتكاملة، بالإضافة إلى تطوير النظام المالي الداخلي وتحسين تبادل المعلومات بأنواعها كافة بين الوزارة والأمانات والبلديات.
ومن بين الإجراءات والمبادرات التي اتخذتها وزارة الشؤون البلدية في ذلك الشأن إطلاق 17 مبادرة لمعالجة التحديات التي تواجه القطاع البلدي، وربط كل مبادرة من هذه المبادرات مع ما يناسبها من برامج تحقيق الرؤية، وتنفيذ عدد من الإجراءات لمواجهة التحديات المؤسسية.
وحددت الوزارة في عام 2015 أبرز التحديات المؤسسية من خلال إجرائها تشخيصاً للوضع الراهن للقطاع البلدي حينها، وتحديد نقاط القوة وأوجه القصور في القطاع، بهدف تطوير الأداء ورفع مستوى مخرجات القطاع، وكان من أبرز التحديات المؤسسية، ضعف الدور القيادي التشريعي والتنظيمي والرقابي للوزارة، وضعف الجوانب التقنية بالوزارة والأمانات وعدم ترابطها، وغياب الحوكمة الفعّالة لأعمال القطاع البلدي الداخلية والخارجية، إلى جانب اللامركزية المفرطة التي أدت إلى ضعف الترابط بين الوزارة والأمانات من جهة، وبين الأمانات فيما بينها من جهة أخرى، مما أدى إلى عدم وجود استراتيجية موحدة للقطاع البلدي، وعدم وجود منهجية علمية لتوزيع الميزانيات بين الأمانات، فضلاً عن تناثر الخبرات بين القطاع البلدي وعدم الاستغلال الأمثل للخبرات المتراكمة والتجارب المختلفة لدى الأمانات، مما أدى إلى ضعف استثمار الموارد البشرية والمالية المتاحة للقطاع، تكرار الجهود والتكاليف.
وفيما يخص أبرز التحديات الوظيفية والتشغيلية التي تواجه القطاع البلدي، فحصرتها الوزارة في ضعف المشهد الحضري، ووجود تشوهات في المشهد البصري، واختلاف الإجراءات والنظم ومتطلبات تقديم الخدمات البلدية وقياسها بين الأمانات، وقصور نظم التخطيط والإدارة الحضرية الحالية عن تحقيق الاستدامة الحضرية، وتلبية احتياجات السكان بما في ذلك الدور الرقابي والآليات الضبطية، وعدم تنفيذ المشاريع الرأسمالية ضمن الجداول الزمنية المحددّة، والميزانيات المخصصة، والتغطية والجودة المطلوبة، بالإضافة إلى طول المدة النسبية للحصول على المعلومات، وتدني مستوى صحة البيئة ومقومات حماية المدن، وضعف كفاءة إدارة الأراضي والوحدات العقارية، وكثرة القضايا والنزاعات المتعلقة بملكية الأراضي بشكل عام.
وقد أثمرت الإجراءات التي اتخذتها الوزارة في تحقيق ستة منجزات في الجانب المؤسسي خلال العامين الماضيين، ومن بين تلك المنجزات إعداد استراتيجية شاملة للقطاع البلدي، تم من خلالها تشخيص وضع القطاع البلدي وتطويره، وتضمنت برنامج عمل شامل للتطوير المؤسسي وتطوير الجوانب التشغيلية والوظيفية، كما شكّلت الأساس لإعداد مبادرات القطاع البلدي ضمن برنامج التحول الوطني.
وتضمنت المنجزات كذلك تطوير النظام المالي في القطاع البلدي، مما ساهم في تحسين التواصل المعلوماتي حول جوانب الميزانية المخصصة للوزارة والأمانات والبلديات، ومكّن من تحقيق المزيد من الإشراف على التوزيع المتوازن للميزانيات، وساهم في تحسين آليات اختيار المشاريع ومراقبة سيرها، وتأسيس بوابة مركزية للمقاولين يتم من خلالها تقديم المستخلصات المالية ومتابعتها.
كما شملت المنجزات أيضاً تطوير النظام التقني في القطاع البلدي، وربطه ضمن منظومة متكاملة، وإنشاء منصة مركزية باسم (بلدي) تندرج تحتها جميع المنصات المختلفة المتعلقة بالأنشطة والخدمات التي يقدمها القطاع البلدي.
وطالت المنجزات تطوير آليات مراقبة الأداء، حيث تم خلال ذلك وضع مؤشرات أداء للأمانات والبلديات لقياس أدائها في إنجاز مشاريعها، وتقديم خدماتها، وفقاً للوحة (أداء) مركزية أُعدت في الوزارة، وتفعيل الدور الرقابي للمجالس البلدية عبر تأسيس منصة إلكترونية خاصة بالمجالس لبناء قواعد بيانات مشتركة مع الوزارة بكل ما يتعلق بدورهم الرقابي على الأمانات والبلديات، وتفعيل الزيارات الميدانية لمنسوبي الوزارة بمستوياتهم كافة إلى مختلف المناطق والمدن والمحافظات في المملكة، وتعزيز المشاركة المجتمعية في الرقابة من خلال المنصة التفاعلية التي تم تأسيسها وتشغيلها بهدف استقبال الأفكار والمقترحات، إلى جانب تفعيل خدمة 940 الخاصة باستقبال البلاغات والشكاوى من المستفيدين ومتابعة معالجتها.
كما أثمرت إجراءات المعالجة عن وضع وتطبيق نظام لحوكمة مبادرات القطاع البلدي، مما مكّن من تحويل عمل القطاع إلى منظومة متكاملة، يتم فيها تبادل الخبرات، وتقاسم قيادة المسؤوليات المشتركة، حيث تم على سبيل المثال إسناد قيادة مهمة تطوير «الرقابة البلدية» إلى كل من أمانتي منطقة الرياض والعاصمة المقدسة، وإسناد قيادة عملية تطوير «الرخص البلدية» إلى أمانة محافظة جدة، وكذلك إسناد قيادة «البرنامج الوطني لدرء أخطار السيول والأمطار» إلى وكالة الشؤون الفنية بالوزارة.
واحتوت المنجزات أيضاً على وضع برامج تطبيقية متخصصة لتدريب وتطوير الكوادر البشرية في القطاع البلدي من خلال حزمة من البرامج، منها، إنشاء مركز «التدريب البلدي» حيث تم تدريب 300 مهندس و700 مسّاح على العديد من البرامج، وتأسيس برنامج «الماجستير التنفيذي» بالتعاون مع جامعة الملك سعود.
وبالنسبة للمنجزات التي أسفرت عنها إجراءات الوزارة في الجانب الوظيفي والتشغيلي، فتضمنت توحيد الإجراءات ومتطلبات تقديم الخدمات البلدية، ومعالجة التفاوت الكبير الذي كان سائداً في هذا الجانب بين الأمانات، ووضع استراتيجية وطنية شاملة لتحويل خمس مدن رئيسية إلى مدن ذكية بحلول عام 2020م بمشيئة الله، وإطلاق خدمات ذكية في بعض الأمانات.