يوسف المحيميد
انتظرناه طويلا، وجاء كما توقعناه، مذهلا في تفاصيل المكان، ميدان الصفاة، والساعة، وبرج المياه، وكل ملامح الرياض القديمة، والنَّاس ببساطتهم، وملابسهم وأدواتهم اليومية، السيارات القديمة زمن السبعينات، كل شيء في الديكور كان متكاملا، ولا أعتقد أن أحدًا منا لم يتوقف أمام هذه الحياة الجميلة البسيطة التي قدمها مسلسل (العاصوف)، بل أن معظمنا توقف عند المقدمة، بكلماتها المعبرة، ولحنها الحزين، بل أجزم أن هذه الأغنية التي قدمها راشد الماجد هدية للمسلسل ستكون أيقونة للرياض القديمة، رياض السبعينات والثمانينات، كما هي أغنية مسلسل (ليالي الحلمية) وغيرها من الأعمال الدرامية الطويلة والخالدة.
ما الذي ينقص هذا المسلسل الجميل كي يكتمل؟ في رأيي المتواضع، وبعد مشاهدة سبع حلقات، لم ينقصه إلا النص المكتوب، لكي يصبح عملا دراميا متشعبا ومشوقا، بدلا من التركيز على حكاية واحدة، وهي حكاية الطفل اللقيط، فقد ركَّز السارد على خيط سردي واحد، ولم يمنح بقية الخيوط فرصة التقدم بالتوازي، كي تتنامى معًا. لهذا اضطر إلى كشف حكاية اللقيط مبكرًا، ولو وجدت الحكايات الموازية الأخرى، لما حدث هذا الكشف في الحلقة السادسة، ولاستمر التشويق في هذه الحكاية، وفي غيرها من الأحداث والحكايات المشوقة.
طبعا من الصعب الحكم المبكر على عمل طموح منذ الحلقات الأولى، خاصة أنه يراهن على أربعة أجزاء، أي أنه سيغطي عقودًا من الزمان، وبالتالي ستظهر حكايات وحكايات، لكن العمل الدرامي الجيد، هو الذي يحرك عشرة أصابع في وقت واحد، فتسير بالتناوب خمسة أحداث معا، وتتنامى شخصياتها بطريقة تجذب المتلقّى وتأسره.