يوسف المحيميد
حينما أعلن الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد في فبراير 2006 إنهاء التعاون مع وكالة الطاقة الذرية، بعد أن كانت إيران إحدى الدول المنضمَّة للوكالة منذ 1958، تلك الدول التي تستخدم الطاقة النووية لأغراض سلمية، وتتيح حكوماتها منشآتها لفرق التفتيش من قِبل الوكالة، وإيران تعلن تمردها على العالم وأنظمته وشروط السلام فيه، وكأنما تململت مما يعوق أحلامها التوسعية، ويعطِّل شعار ثورة 1979 الذي يخطط على تصدير الثورة الإيرانية، وهو ما فعلته على مراحل متعددة، من خلال وسطاء وأحزاب وميليشيات إرهابية في العالم العربي.
وفي لحظة ضعف، وتراجع كبير في الدور الأمريكي في العالم، في فترة أسوأ الرؤساء الديمقراطيين الأمريكيين، السيد أوباما، ومباركة دول أوروبية أخرى، كسبت إيران توقيع اتفاقية حول الملف النووي لديها، ترتب عليه رفع العقوبات الاقتصادية عنها، مما جعلها تعود إلى تصدير نفطها رسمياً، وتنعش اقتصادها المتهالك، لتستعيد - وبقوة - نشاطها التوسعي في الدول العربية، وتعيث فيها خرابًا وفوضى، دونما ردع أو تدخل لوقف جنونها في المنطقة.
وحينما قرر الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق الذي اعتبره ضعيفًا، ولا يلزم إيران بشروط عدم التسلّح النووي، أعادها مؤقتاً إلى المربع الأول، وهو احتمال فرض العقوبات الاقتصادية عليها، مما قد يشغلها مستقبلاً بترميم اقتصادها، والنظر مجددًا إلى الداخل الإيراني الذي يعاني كثيرًا، ولكن يبقى التساؤل ماذا بعد الانسحاب الأمريكي؟ ماذا ستفعل إيران والدول الأوروبية التي أعلنت المحافظة على الاتفاقية؟ هل ستنسحب إيران من الاتفاقية، وهل ستبقى الدول الأوروبية حتى لو انسحبت العقوبات على شركاتها الكبرى التي تتعامل مع إيران، بما يسبب خللاً في اقتصاداتها؟
هذه الأسئلة، وما سيترتب على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، ستتضح خلال الأيام القليلة القادمة، فلا أمريكا، ولا الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق يمكنها المزايدة على ما يؤثر في اقتصاداتها ومجتمعاتها.