أكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن غياب الرُّؤى والتوجُّهات الإستراتيجية لدى كافة القوى الدولية حول متطلبات السلم والأمن الدوليين، مسؤول «بالدرجة الأولى» عمّا يعيشه العالم من توتُّر واحتقان وعدم يقين.
وقال سموه خلال مشاركته أمس في الدورة السادسة عشرة للمؤتمرالسنوي لمؤسسة الفكرالعربي (فكر 16)، الذي انطلقت أعماله تحت عنوان: «تداعيات الفوضى وتحدّيات صناعة الاستقرار»، في دبي أن السياسات الدولية المتخبِّطة للدول القائدة في المنظومة الدولية تسبَّبت في كثيرٍ مما يجري في العالم وفي منطقتنا العربية.
وأوضح سموه أن تشخيص القوى الدولية لأوضاع دول المنطقة ورسم إستراتيجياتها وسياساتها بناءً على هذا التشخيص؛ أدى إلى كوارث مثل تشخيص الولايات المتحدة لحالة العراق قبل 2003 أنها بحاجة إلى إقامة نظام ديموقراطي، فكانت النتيجة حالة مزمنة من عدم الاستقرار والفوضى.
وحمَّل سموُّه العربَ المسؤوليةَ أيضًا عن حالة الانكشاف الإستراتيجي في المنطقة نتيجة الفشل خلال العقود الماضية في حماية استقرار الأمن الداخلي والإقليمي للدول العربية، وكذلك ترك النوافذ مشرعةً لكافة أنواع التدخُّلات الدولية في شؤوننا، مضيفًا: «لقد تغيّر ميزان القوى العالمي وتغيّرت معه موازين القوى الإقليمية، ودخلت منطقتنا في فراغ إستراتيجي أظهر طبيعةَ التحدِّيات التي تواجه دُولنا العربية داخليًّا وخارجيًّا. ومن أهم التحديات الإستراتيجية التي تواجه العرب حاليًّا: حالة الاستقطاب الحاد للقوى السياسية والاجتماعية الجديدة التي أفرزتْها التحوُّلاتُ السياسية الجارية في منطقتنا، وضعف وهشاشة وتشرذم النظام الإقليمي العربي بكافة مؤسساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى احتقان الأوضاع الداخلية في بعض دول العالم العربي على كافة المستويات».
وقال سموه إن الصراع العربي الإسرائيلي يشكل مفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أن القوى الدولية مسؤولة عن الفشل في الوصول لحل يلبِّي حقوق الشعب الفلسطيني ويتوافق مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي، مشيراً إلى أن الدور الإيراني من الأسباب الرئيسة للفوضى الحالية في المنطقة، سواء من خلال سعي طهران للهيمنة السياسية، أو تدخُّلاتها في الشئون الداخلية واحتلال الجزر الإماراتية، أو نشر أفكارها الطائفية، أو دعمها للإرهاب، أو السعي الحثيث لامتلاك الأسلحة النووية، متهمًا القوى الدولية بعدم القيام بدورها لاحتواء الخطر الإيراني، وأكد أن أوروبا والصين وروسيا بمواقفها الغامضة تشجع طهران على التمادي في سياساتها العدائية في المنطقة، ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية أكثر وضوحاً اتجاه المشروع التوسُّعي الإيراني، إلا أن الإدارة السابقة شجعت طهران على استمرار غطرستها بالمنطقة.
وقال تركي الفيصل: إن الإرهاب مصدرٌ رئيس لعدم الاستقرار في المنطقة، وهذا الإرهاب ليس إرهاب داعش والقاعدة فقط؛ بل إرهاب كل القوى والميليشيات المتطرفة الطائفية في العراق وسورية واليمن ولبنان وغيرها من الدول؛ لذا فعلى الجميع الإسهام ُفي دحره وهزيمته وإيجاد الظروف المناسبة لمعالجة مسبباته، ولاشك في أن للقوى الدولية دورًا مهمًّا في ذلك، ولاسيما الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب».