تفاقمت مشكلة التشغيل والصيانة لأجزاء كبيرة من حديقة مخطط تلال الرياض السكني في حي الملقا شمال مدينة الرياض بـ(تجاهل) سقيا المزروعات وصيانة الألعاب وتحسين الممرات واستكمال المرافق ومتابعة الخدمات؛ ما جعل الأخضر واليابس على حد سواء في صورة مقفرة وغطاء نباتي متيبس، بعدما كانت أشبه بواحة غناء، يتغزل السكان والزوار بأبهى حللها وزينتها، وبعد أن أعيد في جزء منها خلال فترة سابقة مشروع التأهيل والزراعة والصيانة الكاملة للبنية التي قامت عليها هذه الحديقة عند نشأتها كنموذج داخل الأحياء السكنية الجديدة، رسمت خطتها عبر فكرة قامت بها شركة الرياض للتعمير؛ إذ خطط لهذه الحديقة أن تكون جزءًا بيئيًّا طبيعيًّا مقتطعًا من أراضي هذا الحي السكني النموذجي الجديد؛ ليراعى فيه دخول وتعزيز كافة العناصر البيئية المعززة للسكن العائلي في مدينة الرياض.
هذه الحديقة التي جعلت الهيئة العليا لمدينة الرياض تختار مخطط حي تلال الرياض السكني النموذجي بوصفه ثاني أفضل حي بعد الحي الدبلوماسي أصبحت في الحاضر دون اهتمام ملموس من قِبل أمانة مدينة الرياض بما يحدث لها، أو حتى بمخطط هذا الحي الذي يحتضنها، رغم مساهمة السكان في إدارة ودعم وتطوير كثير مما يتصل بشؤون الحي، مثل تأسيس وإنشاء أول جمعية أحياء في المملكة، التي تهتم بدعم السكان لتعزيز الروابط الاجتماعية، ومعاونة الجهات الرسمية في الاطلاع على أي ملاحظة أو اقتراح يعود بالمنفعة العامة في الحفاظ على الممتلكات والبنية التحتية والشكل البيئي والجمالي الذي صمم عليه هذا الحي السكني.
وقد شكا سكان ومرتادو هذه الحديقة النموذجية كثيرًا - بحسب شكواهم للجزيرة - عبر وسائل الاتصال والتواصل للأمانة، سواء عن طريق (الاتصال الهاتفي بخدمة 940 أو التطبيق الذكي أو المخاطبات الرسمية) من الإهمال الواضح في سقيا الغطاء النباتي، خاصة منذ حلول وقت الصيف الماضي، رغم ميزة توافر مصدر المياه الجوفية الغزير الخاص بها، حتى أصبح معظم الغطاء يابسًا متحولاً إلى حالة ترابية، وتحول المنظر الأخضر والصورة الجمالية إلى أرض يابسة وتربة مغبرة، تؤذي النساء والأطفال الذين هجروا الحديقة، وهربوا من ملاذ النزهة الجميلة إلى جدران المساكن والأرصفة الخارجية.
وتحدث لـ«الجزيرة» عدد من سكان الحي وزوار الحديقة عن كثير من الملاحظات والتطلعات التي رفعت عبر هاتف وتطبيق طوارئ الأمانة 940 ولم تعالج، منها عدم صيانة المزروعات بالري والمحافظة على الغطاء النباتي وتعطل إنارة الحديقة باستمرار؛ وذلك لوجود خلل في التمديدات الكهربائية التحتية، أدى لكثرة انقطاع المصدر الكهربائي، وعدم صيانة الممرات والألعاب الخاصة بالأطفال، إضافة إلى عدم استكمال إعادة تطوير وزراعة ما يقارب 40 % من أرض الحديقة. ويضم هذا الجزء ضمن بنيته السابقة ملعبًا للأطفال وممرات مشاة وأشجارًا ونخيلاً. وكذلك التهديد الذي تحدثه السيول في فصل الشتاء؛ إذ تنقل سيول الأمطار والطمي من الشارع الرئيسي (طريق الأمير محمد بن سعد) إلى داخل الشوارع الفرعية؛ فتجرف الأرصفة، وتتلف ممرات الحديقة ومزروعاتها إلى أن تستقر في مستنقع مائي كبير مضرّ بالصحة والبيئة، ويشكل خطرًا على المشاة والأطفال.
الإمكانيات متوافرة
والأمل شبه مفقود
من المشاهدات التي رصدها مندوب «الجزيرة» قيام مجموعة من صهاريج الماء ليلاً بالتعبئة من بئر وخزان الحديقة، ونقله إلى مكان مجهول، في الوقت الذي يهمل فيه الغطاء النباتي الخاص بالحديقة بسبب عدم الري، وعدم وجود حارس أو عمال في الحديقة رغم مساحتها الشاسعة، وقطرها الذي يوازي طول 3 كلم تقريبًا. وكذلك وجود لعبة قرص دائرية متعطلة، تم اقتلاعها نهائيًّا، وعدم تركيب بديل عنها، وكذلك وجود ملعب كرة قدم للأطفال تالف وغير صالح للاستفادة منه مع انتشار حشائش مؤذية وبيوت للقوارض والنمل الأسود خاصة في الجزء الجنوبي المهمل، إضافة إلى المنظر مؤسف لعدد من النخيل التالفة التي قد تكون مصابة بالسوسة الحمراء، مع عدم حماية أو تسوير البئر وخزان المياه للوقاية من خطر اقتراب أو وصول الأطفال إليه.
«الجزيرة» تواصلت مع مجلس إدارة جمعية مُلاك حي تلال الرياض السكني، وبيّن عدد من الأعضاء المنتخبين - وهم من سكان الحي - تذمرهم بسبب التباطؤ وعدم تنفيذ العديد من المطالب التي رُفعت من خلال مجلسهم والمجالس السابقة لمعالجة (التشوه البصري داخل الحي)، مبينين أن دور جمعية الملاك فعال ومتواصل فيما يختص بالشأن البلدي الذي يقتصر على ما جاءت به نصوص اللائحة التنفيذية، ومنها الحث والسعي من أجل تعزيز المطالبات والمقترحات، وتقديم الملاحظات إلى الجهات الخدمية الرسمية، إضافة إلى ما يقوم به السكان أنفسهم من تواصل مباشر عبر القنوات الرسمية، ومنها خدمات الطوارئ، كالبلدية والأمانة والكهرباء والمياه وغيرها.. لكن يبقى الدور التنفيذي المهم الذي تضطلع به أمانة مدينة الرياض وبلدية الشمال. هذه الملاحظات على الحديقة لا تقل أهمية عن الملاحظات الأخرى أيضًا على الحي بأكمله؛ إذ يحتاج الحي بأكمله إلى إعادة السفلتة والتحسين ونقل مخلفات البناء في الأراضي، وعدم وجود مطبات صناعية نموذجية للتهدئة أمام المساجد والممرات والتقاطعات الخطرة في الحي، كذلك النخيل التالفة في الأرصفة الوسطية لمداخل الحي سقطت وتركت حفرًا دون معالجة أو تجميل.
كما أكد أهالي وأعضاء مجلس الحي السكني أن مطالباتهم تتلخص في تقديم خدمات بسيطة وغير مكلفة على الأمانة والبلديات، ومن الممكن إدراجها كأولوية لتحسين المظهر العام كما هو معمول في كثير من النطاقات البلدية لأحياء الرياض. الجدير بالذكر أن مساحة منتزه وحديقة تلال الرياض 100 ألف متر مربع وقطر ممشى خارجي حوالي 3 كلم اضافة إلى الممرات والساحات الداخلية والمخصصة للتنمية الإجتماعية للأهالي.