قبل أيام أصدر معالي وزير الثقافة والإعلام قرارات بتطوير القنوات التلفزيونية، حيث تم دمج الاقتصادية مع الإخبارية، وتعليق بث القناة الثانية مع تقديم خطة لتطويرها، الأمر الذي يهمنا هو تحويل القناة الثقافية إلى قناة عامة وتطوير مضمونها.
منذ أن بدأ بث القناة الثقافية عام 1431هـ كان الهدف الرئيس لها، إيجاد منبر تلفزيوني يخدم الثقافة والمثقفين في المملكة العربية السعودية، لم تكن الرؤية واضحة تماماً، فاعتمدت ببرامجها على اجتهادات القائمين عليها، وعلى الرغم من مرور ثماني سنوات على بداية البث لم تكوّن القناة قاعدة من المشاهدين وبالذات الشريحة الموجهة لهم وهم الأدباء ومن في دائرتهم، لذا لا نستغرب عدم وجود اعتراض لتحويلها إلى قناة عامة، وأكبر مثال لم أجد وسماً في تويتر يطالب بإبقائها أو يطالب بتطويرها.
كان من المفترض أن تكون القناة الثقافية صوتاً للأدباء والمثقفين، ولكنها للأسف كانت صوتاً خجولاً لا يُسمع، لذا لن يشعر أي أديب أو مثقف أنه فقد صوته، وهذا بسبب عدم وجود الرؤية الواضحة لتوجه ومسار القناة، إضافة إلى تقليدية البث التي تعتمد على نسق غير ثابت، وبرامج أغلبها غير جاذبة تعتمد على الحوارات الطويلة والمملة غالباً، إضافة إلى ما علمناه من بعض القائمين عليها سابقاً من ضيق ذات اليد، فلا دعم مباشراً لإنتاج متميز من البرامج، والبحث عن المجاني والرخيص. التوجه الجديد لهيئة الإذاعة والتلفزيون تحويل الثقافية إلى قناة عامة، وهذا بحد ذاته تحد جديد، لاسيما وأن القناة الرئيسة أيضاً عامة، وغير جاذبة، فإذا كان التوجه إلى إيجاد نسخة مطابقة لقناة السعودية الأولى، فأعتقد من الأفضل دمجها مع الأولى مثل الاقتصادية، مع الأخذ بالحسبان أن زمن (غصب1 و2) انتهى، وأغلب المشاهدين لا يتابعون للأسف القنوات السعودية إلا عند صدور الأوامر الملكية.
التلفزيون السعودي يحتاج إلى غربلة وإعادة تنظيم، والاستفادة من أرشيف يزخر بإبداع أجيال سابقة، ومثال ذلك في حقل الدراما ما بثه التلفزيون في شهر رمضان عبر برنامج «يا تلفزيونا» وقد تحدثت سابقاً عن ذلك، ربما نحتاج إلى قنوات تهتم بالقديم مثل « دبي زمان، والقرين، وماسبيرو زمان» ولكن لا يمنع أن تعرض بعض المسلسلات والبرامج كاملة ضمن البرامج اليومية للقناة العامة.
أعود للقناة الثقافية، الحركة الثقافية والفنية تحتاج إلى نافذة إعلامية تطل منها، مئات المسرحيات التي عرضت في مناسبات مختلفة في المملكة، بعضها يستحق البث التلفزيوني، ومشروع إعادة تأهيل مسرح التلفزيون والمسرحيات التي عرضت به، الفعل الثقافي الذي يقدَّم في أغلب المؤسسات الثقافية، من ندوات ومحاضرات، وأمسيات شعرية وقصصية، وحضور كثير من الأدباء والمثقفين عبر وسائل التواصل وعلى رأسها اليوتيوب، ومن أهم الأمثلة إطلالة الدكتور عبد الله الغذامي عبر قناته الخاصة، كل ذلك فعل إعلامي ثقافي لم يجد طريقاً للقناة الثقافية التي ستتحول إلى قناة عامة.
أتمنى أن يواكب البث الإذاعي والتلفزيوني في المملكة التغيّر السريع والتطور الذي تشهده المملكة، وأن يرتقي البث التلفزيوني بالمشاهد، فزمن التهريج والكاميرا الخفية انتهى، يحتاج المشاهد إلى كثير من البرامج الوثائقية والعلمية غير المملة وأن تقترب كثيراً من شرائح المجتمع المختلفة، نحن ننتظر ماذا سيحدث بعد تلك القرارات، هل نعيد برمجة أجهزة البث لتصبح قنوات السعودية في المقدمة أم نستمر بمتابعتنا لمئات من الفضائيات المختلفة؟.
** **
- عبدالعزيز الصقعبي