عندما كنت داخل أسوار المدرسة في المرحلة الثانوية في آخر سنتين دراسيتين، مشاركاتي الأدبية ظهرت هنا وهناك، وأغلبها مقالات كما هو الحال حاليًا، آنذاك كانوا يلقون اللوم عليّ في اختيار المسار العلمي، طالما أنني أعشق الكتابة والقراءة يرون المسار الأدبي أفضل لي، وأذكر أنّ إدارة المدرسة كرمتني عندما علمت بأنّ أحد مقالاتي نُشر في إحدى الصحف، وضعت المقال على حائط في موقع مميز.
بعدما تخطيت عتبة الدراسة الجامعية، علم زملائي بأنني أكتب وينشر لي في أكثر من صحيفة، كانوا يرون بأنّ هذا التخصص (طب وجراحة الفم والأسنان) لست من أهله، لن أقدم فيه شيئاً يَذكره الآخرون على سبيل النجاح مثالاً، وأذكر أنني في وقت الراحة المعتاد دائمًا في الجامعة من 12 ظهرًا حتى 1 بعد الظهر، استضافتني إحدى الإذاعات للحديث عن موضوع معين بصفتي كاتباً.
خلاصة تجربتي التي استعرضتها معكم، هي أنّ معظم الناس يعتقدون بأنّ الأدب لا يمكن أن يجتمع مع الطب، بمعنى يا أبيض أو أسود، حيث لا رمادي يجمعهم بينهم.
الطبيب من الممكن أن يُمسك بالقلم والمشرط معًا، ومن المهم أن يصنع التوازن بينهما.
الطب يعالج الإنسان ويداويه، بينما الأدب ينقل إلى الإنسان فائدة أو متعة أو خلاصة تجربة وإلى آخره. إليكم قائمة من أطباء من السعودية ومصر جمعوا مع الطب الأدب.
استشاري إصلاح وتجميل الأسنان وأستاذ مساعد بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز الصحية د. عبد المحسن الربيعة كتب قصائد بالفصحى، ومما قرأته قصيدة مجلجلة وتعبر عن وطنية، عنوانها «نحن الحازمون على العُداةِ» نشرت في مجلة الحرس الوطني.
أذكر أنني قرأت «بين الثنايا» كاملاً ثم أهديته إلى أحد الزملاء، وهو من تأليف د. معن السلطان.
ليس طبيباً وأديباً بل صحفي أيضًا، تخرج د.عبد الله مناع طبيب أسنان من جامعة الإسكندرية.
نُحلق إلى مصر.. أرض الكنانة وأم الدنيا.
تخصص في الأمراض الصدرية، وهو كاتب وطبيب ويُعَد فليسوفاً، ومن كتبه «عظماء الدنيا وعظماء الآخرة» و«الإسلام ما هو؟» و«رأيت الله» ولدى د. مصطفى محمود عدة دراسات ومؤلفات.
نال عدة جوائز تتعلق في الثقافة والأدب، من مختلف دول العالم مثل كندا وإيطاليا وألمانيا.. إنه طبيب الأسنان د. علاء الأسواني.
كان د. إبراهيم ناجي طبيبًا في وزارة الصحة، له عدة دواوين مثل «ليالي القاهرة» وهو من نادى بتأسيس رابطة الأدباء وكان أول رئيس لها، غنت له أم كلثوم من قصيدة «الأطلال».
قلّة أمثال هؤلاء الصفوة الذين جمعوا بين الطب والأدب، وإنهما نعمتان تستحقان الشكر للواحد في حال وجودهما عند أحد، لأنّ صاحبهما لن يشعر بالملل، سيتخذ طريق الأدب إذا ملّ أو كلّ أو كلاهما من الطب.
** **
- فيصل خلف