بغداد - «الجزيرة»:
في لقاء خاص لـ«الجزيرة» مع معالي وزير الصناعة العراقي محمد شياع السوداني، تحدث عن العلاقات السعودية - العراقية، بتفاؤل في ظل الدفء الذي تشهده العلاقات الثنائية، والزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين، بما في ذلك زيارة رئيس الوزراء العراقي الذي قام بها للمملكة، وقال إن المجلس التنسيقي بين العراق والمملكة سيكون عاملاً مساعداً في عودة العلاقات إلى ما كانت عليه، فيما يلي نص أسئلة «الجزيرة» وإجابات الوزير عليها.
الملف السياسي
* هل التقارب بين العراق والمملكة يمثل قناعة متأخرة أم تكتيكًا مرحليًا أم هو خيار إستراتيجي؟
- التقارب بين البلدين يمثل خيارًا إستراتيجيًا لأن البلدين قوتان إقليميتان كبيرتان وتأتي قناعة البلدين بالتقارب نتيجة للأحداث العاصفة التي مرت وما زالت تمر بها المنطقة ومتى ما استقرت العلاقات العراقية السعودية سيكون انعكاسها إيجابيًا على المنطقة وهو نابع من إرادة سياسية حقيقية للقيادة السياسية في بغداد والرياض وأيضا مثل النجاح العراقي في القضاء على الإرهاب حافزًا للسعودية لكون العراق يعد عمقًا إستراتيجيًا للمملكة وإحساسها بأن العراق أصبح قوة عسكرية يعتمد عليها، وهنالك اعتبارات مستقبلية وخلاصة القول يمكن أن نعد عودة الدفء للعلاقات العراقية السعودية خيارًا عراقيًا أيضًا لأن العراق أيضًا لديه تحديات ويحتاج للكثير من الدعم السعودي لإعادة الاستقرار وإعادة إعمار المناطق المحررة لا سيما أن البلدين كانا يمتلكان علاقات جيدة.
* الوضع الداخلي في العراق كيف تقرؤه وتفهمه؟
- العراق سائر للاستقرار بعد مرحلة الخلاص من داعش الإرهابي والجميع يعلم أن العام المقبل ستشهد البلاد منافسة الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات، وجميع القوى السياسية مصممة على الانطلاق نحو إعادة إعمار المدن المحررة وإرجاع النازحين إلى مناطقهم المحررة كي تطوى هذه الصفحة المؤلمة، والأجواء الديمقراطية دائما ما تنتج حراكًا فيه بعض السلبيات وما زال العراق في بداية الطريق ويحتاج لوقت طويل من أجل فهم اللعبة الديمقراطية الصحيحة وهي خيار إستراتيجي كي لا يعاد إنتاج الدكتاتورية، وأطمئن الجميع أن العراق عدى وطوى وعبر مرحلة الانقسامات والإرهاب وسيكون بلدًا ذا ثقل كبير وستكون عودته أكثر تأثيرًا وإيجابية في محيطيه العربي والإقليمي نتيجة الخبرة التي اكتسبها في معالجة أصعب الأمور والأحداث وأكيد سيحتاجه الأشقاء والأصدقاء لاكتساب الخبرة رغم وجود بعض التقاطعات أو وجهات النظر المختلفة واختلاف المصالح بين البلدان المجاورة له.
* ماذا عن الدور المطلوب من البلدين في منطقة الشرق الأوسط والعالم؟
- إذا ما أنتج العراق والسعودية علاقات متينة وبمختلف المجالات ستكون حتمًا محط أنظار دول المنطقة والعالم لكن باعتقادي أن البلدين عليهما الاتجاه إلى علاقات وسطية وتوافقية مع باقي دول المنطقة والعالم وخاصة أنهما يمثلان قلب الشرق الأوسط لا بل أريد القول إن العراق إذا نجح بدعم سعودي في أن يكون عاملاً إيجابيًا لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء بالمنطقة ستكون الأوضاع السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم بحال أفضل لأن العراق والسعودية يمثلان الضامن العالمي للحفاظ على مركز الثروة والاستثمار وأقولها بصراحة إن أصاب العراق وهن وهنت دول المنطقة ومن بعدها العالم لذلك سنلمس إيجابية استقرار العلاقات العراقية السعودية على باقي دول الشرق الأوسط والعالم وأريد القول هنا إن دول المنطقة تمر ومنذ مدة بشد طائفي نشب عنه إحراق بلدان وباستطاعة العراق والسعودية والفرصة الآن مواتية لذلك لنزع وقبر ذلك الفتيل الطائفي وحكمة القيادة العراقية ومعها القيادة السعودية ستنتجان قوة إقليمية معتدلة المنهج بإمكانيات اقتصادية كبيرة ستعمل على جذب الآخرين للانضمام وعلى غرار ما موجود بالاتحاد الأوربي.
الملف الاقتصادي
* إلى ماذا يهدف المجلس التنسيقي بين البلدين؟
- إنشاء المجلس التنسيقي بين البلدين جاء بعد إرادة وقناعة القيادة السياسية في البلدين بضرورة طي سياسات المدة الماضية والانطلاق نحو مستقبل أفضل وأؤكد هنا أن التكامل بالجانب الاقتصادي وتبادل الزيارات والخبرات بين البلدين سيؤسس لقاعدة علاقات مستقبلية متينة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح الاقتصادية المثمرة والعراق يمتلك خزيناً كبيراً من الثروات البشرية والمواد الأولية والسعودية تمتلك قاعدة صناعية حديثة ومعروفة عالميًا، إذن الحاجة المتبادلة المشتركة موجودة لذلك انبثق المجلس التنسيقي بين البلدين وهو عرف موجود بين أغلب دول العالم وعلينا استثمار هذا التطور إيجابيا من أجل خلق بيئة صالحة وصحيحة لرفع القدرات الصناعية والتجارية والزراعية في كلا البلدين فضلا عن التفكير بتكوين نواة لقوة اقتصادية عربية تضاف لما موجود من تكتلات اقتصادية في المنطقة والعراق بحاجة لمثل هذه التكتلات الاقتصادية لترميم ودعم اقتصاده الذي تأثر بشكل كبير منذ الحصار على العراق في تسعينيات القرن الماضي وما تلاه من أحداث وهجمات إرهابية أنهكت البنى التحتية ولكن الثروة الموجودة في العراق تعطي اطمئناناً كبيراً لأي مستثمر يدخل للعمل في العراق.. لكن تأخر الشركات العالمية ورؤوس أموال المستثمرين عن الدخول كان بسبب العامل الأمني كون رؤوس الأموال جبانة ولا تنمو في أجواء العنف، وأنا متفائل بمستقبل العلاقات الاقتصادية مع المملكة وهناك دعوة وجهت لنا من قبل وزير العمل والتنمية في المملكة لزيارتها والاطلاع على تجربة السعودية في مجال رعاية الطبقات الضعيفة وآلية القضاء على البطالة وكذلك تبادل الخبرات والاستفادة لتعزيز منظومة مظلة الحماية الاجتماعية في كلا البلدين.
* هل يضمن المجلس التنسيقي إزالة جميع العوائق أمام المستثمرين؟
- في حال توفر الإرادة الحقيقية للعمل قطعًا ستزال العوائق أمام تدفق الأموال والمستثمرين والعراق يعمل منذ مدة على تعديل وتكييف قوانينه الاستثمارية من أجل استقطاب الاستثمار المفيد والبناء ولدى الحكومة العراقية رؤية إستراتيجية مخطط متكاملة في هذا المجال ومن مصلحة العراق اكتساب الخبرة من دول الجوار والعالم في مجال تطوير الصناعة والاستفادة في توظيف إمكانيات الأشقاء والأصدقاء في خلق صناعة وطنية منافسة لربما يستفيد منها الجميع مستقبلا.. وأكرر تفاؤلي بالمستقبل.
* ما المحفزات التي ستمنح للمستثمر السعودي في العراق وما هي ملامح التعاون بين البلدين والفرص المتاحة؟
- من خلال التباحث المشترك وتقديم الرؤى المتبادلة ستتضح ملامح طبيعة التعاون المشترك وما سيمنح للمستثمر السعودي من حوافز والحقيقة أن العراق يحتاج كل شيء من أجل استعادة العافية، وأعتقد أن الفرص الاستثمارية متاحة بشكل كبير لأن العراق مقبل على حملة إعمار واسعة جدًا وهذا بحد ذاته يمثل جملة من الفرص الاستثمارية وأيضا يمكن من خلال إنشاء قاعدة من الصناعات التكميلية بين البلدين وخاصة أن وزارة الصناعة العراقية لديها تجربة في مجال الإنتاج بعقود الشراكة وعقود الاستثمار وكذلك السعودية لديها خبرة كبيرة وممتدة لسنوات في هذا المجال.