خَطَرَتْ كلَمْحَةِ عارِضٍ برّاقِ
وتأَوَّدَتْ في نَبْضِيَ الخَفّاقِ
مالَتْ إليهِا النّفْسُ في خَطَراتِها
ظَمْآنةً لِحَفيفِ وَقْعِ السّاقِ
تَمْشي على عَرْشِ القُلوبِ مليكةً
وتُعيدُ رَسْمَ منابِعِ الأشْواقِ
فتتابَعَتْ أنْفاسُنا مَشْدوهَةً
لِنَدًى يُرَطِّبُ يابِسَ الأعْماقِ
1
وأتى النّسيمُ من الشّمالِ محمَّلاً
خَصَراً تَرَقْرَقَ فوق شَطِّ عِراقِ(1)
وهَفا يُداعِبُ شاعِراً مُتَعَطِّشاً
لِمناهِلٍ أشْفَى من التِّرْياقِ
يَرْنو لِكُلِّ سحابةٍ هَتّانةٍ
تَرْوي الفُؤادَ بِصَيْبِها المِغْداقِ
فتجَمّلَتْ أطْيافُهُ بِقُطوفِها
وتطَلَّعَتْ شَوْقاً لِطيبِ تلاقِ
2
وتَرنَّمَتْ نَغماتُهُ بِشُعورِهِ
وسعَتْ تخِبُّ على ظُهورِ عِتاقِ
أَهْدَى المساءَ قصيدةً غَزلِيَّةً
أزْهارها منْ رَوْضَةِ العُشّاقِ
ومَضَى يصوغُ من المشاعِرِ أحْرُفاً
ويَبُثُّها في أدْمُعٍ ومَآقي
قَطَفَتْ من الأفْلاكِ زَهْرَ نُجومِها
وَرَقَتْ إلى غَيْماتِها بِبُراقِ
ومَضَتْ تُلاطِفُ أنْفُساً مجْروحةً
وتُذيبُ لَوْعَتَها بِكأسِ دِهاقِ
3
والدّمْعُ يُرْسِلُ منْ تباريحِ الجَوَى
جُمَلاً مُتَرْجَمَةً من الأحْداقِ
فإذا الحُروفُ تسيلُ في وجَناتِها
وتَطيرُ منْ فَرَحٍ لِطيبِ عِناقِ
وتصُبُّ في لحْن الحَنينِ حِكايَةً
منْ خافِقٍ في نبْضِهِ الدَفَّاقِ
رقَصَتْ بها أنْغامُها في رقّةٍ
مِنْ ومْضَةِ النّجْماتِ لِلإشْراقِ
للّهِ ما أحْلَى الِّلقاءَ لِعاشِقٍ
بِحبيبةٍ منْ بعْدِ طولِ فُراقِ
... ... ...
(1) خَصَراً: الخَصَرُ أي البَرْدُ، وأمّا بالعشِيِّ فيخْصَرُ.
عِراق: هنا بمعنى شاطئ البحر، تاج العروس للزبيدي.
** **
- عبد القادر بن عبد الحي كمال