«الجزيرة» - محمد المنيف:
يقول المثل من بيته من زجاج لا يرمي الآخرين بالحجارة، والبعض يتوقع أن من يمارس الفن يصعب عليه نقد أعمال زملائه، هذا ما سيعيشه جمهور الفنان عبد الله إدريس في معرضه الحالي في قاعة داما آرت هذا الفنان الممتلك للشجاعة بمناقشة أعمال زملائه ونقدها والمتحمّل الاتجاه المعاكس الذي قد يسمعه من المتلقي، الفنان عبد الله إدريس يحمل له تجربة طويلة ومهمة في مجال النقد تجاوزت الحدود المحلية إلى الخليجية والعربية عامة وبشكل متخصص عودا إلى قراءاته واطلاعه ما جعل منه ناقد وكاتبا يحسب له الحسابات بين الرضا وبين الامتعاض أحيانا ممن لا يقبلون النقد.
يقول الفنان عبد الله إدريس عن معرضه الحالي إنه يعاود من خلاله بالاستمرار في طرح تجربته السابقة في موضوع. (الجمل). ويضيف قائلاً (يأتي هذا الاستمرار لاعتقادي بأن التجربة لم تستنفذ بعد. ليس بالتكرار أو إعادة تدويرها. ويقول أحد النقاد في هذا الشأن بأن الفنان لا يرسم سوى عمل واحد. بمعنى أنه يحمل في داخله كافة التراكمات الذهنية والبصرية ويفرزها طوال تقديمه لعمله بحيث تصبح أشبه بجينات أصيلة لهويته. في هذا المعرض تعددت تقنيات الأعمال في استعمالات الكولاج والتلوين والتبصيم والتقطيع يجمعها الموضوع الموحّد في شكل الجمل وقطعان الإبل التي تسير عبر قوافل إلى ما لا نهاية.
تتناسل المواضيع من خلال رمز الجمل وارتباطه بالموروث والتصاقه بشخصية وهوية الإنسان العربي منذ فجر التاريخ. فكان يجوب الصحاري والقفار ينقل البشر بين الحواضر والبوادي ويكمل الفنان عبد الله إدريس بالقول (هنا احرص أن لا يأتي الموضوع برؤية مباشرة تأخذ من تفاصيل الواقع بقدر ما تستقي من مناخات فنية ورؤى موضوعية ولكن ليس بعزلها عن الواقع المعاش هناك بعض الخروج والتمرد على الشكل التقليدي في بعض الأعمال في عدم التقيد بحدود اللوحة المسندة المتعارف عليها بحيث تتمدد وتتداخل مع المكان المحيط بها فتبدو جزء من الحائط المعلقة عليه يأخذ شكل الجمل بعدا غير معتاد لكنه يحافظ في نفس الوقت علي الشكل الدلالي للاقتراب من الموضوعية والرمز أشكال الإبل تأتي في مصادرها من ذاكرة جمعية تكونت عند المشاهد وموروث متداول في شكلياته. إضافة إلى استرداد حس رسوم الصخور والكهوف كما كانت في تجربة سابقة .