في صباح يوم الأربعاء 14-1-1439هـ أخبرني أخي عبدالرحمن بن علي الدريهم برحيل ابن الخال سليمان بن علي الدريهم (أبو علي) إلى جوار ربه بعد معاناة مع المرض لم يدم طويلاً، فتكدر خاطري لهذا النبأ المفجع ووقع حزن شديد في نفسي، واسترجعت وقلت (إنا لله وإنا إليه راجعون) ثم حلق بي الخيال فتذكرت سيرته العطرة منذ طفولته وريعان شبابه وتذكرت تلك الأيام الجميلة التي كنا نتقابل فيها ونتبادل الزيارات التي تحمل في طياتها صلة الأرحام والأقارب والأحباب والاجتماع بهم وتذكرت قول الشاعر:
نبكي على الدنيا وما من معشر
جمعتهم الدنيا لم يتفرقوا
تولى وأبقى بيننا طيب ذكره
كباقي ضياء الشمس حين تغيب
فسبحان مقدر الأعمار وكاتب الآجال وكل شيء عنده بمقدار، وقد أديت الصلاة عليه في مسجد ابن باز الكبير بالدلم وقد حضر للصلاة عليه أعداد كبيرة من المصلين من أسرته ومحبيه ومن معارفه ومن أهالي الدلم والخرج والرياض والأفلاج والحوطة وقد غص المسجد بالمصلين، فلم يملكوا سوى إسبال الدموع والعبرات، تختنق حناجرهم أسفاً وحزناً على فراقه وستظل صورته وخياله ماثلين في مخيلات أبنائه وأخوته وأسرته ومحبيه وزملائه، وكل من تعامل معه.
وكان رحمه الله شاباً يافعاً نشطاً فتعلم الرجولة ومعانيها منذ الصغر فقد تولى بعض المسؤوليات لأهله منذ بلوغه فقد كان والده يعتمد على الله ثم عليه في قضاء معظم حاجاتهم ومتطلباتهم المختلفة لأنه أكبر إخوته، وقد التحق بالعمل الحكومي في بلدية الدلم وهو في بداية شبابه وكان لي الشرف أنني كنت أراجع معه لإنهاء معاملته في وزارة البلديات والشؤون القروية قبل ثلاثين عاماً وقد ترقى في العمل إلى مراتب عليا بفضل الله ثم بفضل إخلاصه وكفاءته في العمل وصدقه وأمانته ومحافظته على العمل وجده واجتهاده حيث تولى وظائف تطلب فيها الصدق والأمانة والإخلاص وحسن الأداء حيث كان أميناً للصندوق وموظفاً في الشؤون المالية والمحاسبة وقد شهد له رؤساؤه وزملاؤه بالكفاءة والأمانة وحسن العمل، ثم تولى مصلحة المياه بالدلم، ورغم إمكاناتها المحدودة استطاع بجهوده توفير الحد الأدنى من المياه لسكان محافظة الدلم، وكان يستقبل المواطنين والمراجعين حتى في خارج أوقات الدوام الرسمي بصدر رحب وابتسامة والحرص على مساعدتهم وتلبية طلباتهم من المياه، وقد اتضح ذلك من الثناء الحسن عليه أثناء التعزية وكلهم يلهجون بالدعاء له، وكان رحمه الله باراً بوالديه خاصةً بوالده الخال (علي بن سليمان) في كبر سنه وعجزه وضعف بصره وفقد زوجته، وكان يحب أن يداعبه ويمزح معه بهدف إضفاء الفرح والسرور على والده رحمهم الله جميعاً.
وكان رحمه الله تعالى يهتم بأمور أسرة آل دريهم وتجده دائمًا حريصاً ومهتماً بكل ما ينفع الأسرة ويسعدها وكان حريصاً على حضور اجتماعاتها وخاصة اجتماع اليوم الثاني من عيد الفطر المبارك كل عام واجتماع الجمعية العامة لصندوق آل دريهم التكافلي ومشاركاً لأسرته في أفراحها وأتراحها.
هذه بعض مشاعر وخواطر مختصرة مما عرفته عن المرحوم -إن شاء الله- ابن الخال سليمان بن علي الدريهم من خلال علاقة القربى والرحم معه -رحمه الله-.
ها أنت يا أبا علي رحلت عن هذه الدار الفانية، فذرفت الدموع وتوجعت قلوب محبيك وعارفيك وكل من تعامل معك.
نسأل الله -جل في علاه- أن يتغمده بواسع رحمته وأن يجعل ما أصابك رفعة لدرجتك عند ربك وأن يسكنك فسيح جناته وأن يلهم أبناءك البررة (علي، سلطان، عبدالله، عبدالعزيز، نواف) وإخوتك الكرام (عبدالعزيز، دريهم، خالد) الصبر والسلوان.
ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- د. زيد علي زيد الدريهم