«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
لا يختلف اثنان على أن لكل عمل نقوم به ثمن. والثمن هنا قد يختلف حسب نوعية ما نقوم به ونؤديه من أعمال. فهناك المردود المادي الذي نحصل عليه بعد ذلك. وهناك المردود المعنوي وما نحققه نتيجة لما قمنا به من أعمال قد تكون في نظر البعض بسيطة لكنها ذات تأثير كبير مثل قيامنا بالأعمال الإنسانية أو التطوعية أو حتى المشاركة في الأعمال الاجتماعية. وأعرف أشخاصاً كانوا لا يفوتون فرصة الحضور في الاجتماعات ذات النفع العام دون أن يساهموا مادياً في دعم ما تقرّره لجان الاجتماعات من مساهمات. لكنهم كانوا بحضورهم يعزِّزون هذه الاجتماعات بما يساهمون به من أفكار ذات قيمة كبيرة. ومنذ القدم قيل إن الناس يصبحون ناجحين بسبب مواهبهم الفطرية الطبيعية التي منحها الله لهم. أو من خلال فرصة كبيرة أعطيت لهم. وبالطبع هناك عامل الحظ الذي يجعل البعض يأتي في الوقت المناسب لعمل مناسب. ولا شك أن كل واحد منا في هذا المجتمع وغيره يتمنى أن يكون ناجحاً في عمل ما وأن يحقق كل آماله وتطلعاته.المختلفة. ولكن القليلين من الناس هم الذين لا يرغبون في بذل الجهود الكثيفة وحتى التضحيات اللازمة لتحقيق النجاح المنشود. وقبل عقود كنت أتابع ضيف «الجزيرة» وكان مع نخبة من أبرز شخصيات الوطن في مختلف المجالات وهم يتحدثون عن جوانب مختلفة عن بداياتهم البسيطة وكيف حققوا بعد ذلك النجاح. ولا شك أن الرجل الناجح لم يأت من فراغ فلقد حفر الصخر كما يقولون من أجل الوصول إلى المكانة الرفيعة التي وصل إليها. بدون كلل أو ملل. ويخرج القارئ من ضيف « الجزيرة» بخلاصة مفيدة أنهم جميعاً عملوا بجد وبكل ما يملكون من قدرات وإمكانات؟! وجميعنا يحب، بل يفضل أن يحقق في حياته نجاحاً مطلوباً في عمله. حتى ولو كان هذا العمل بسيطاً جداً. ولو أتيحت لك الفرصة وشاهدت الحرفيين المبدعين الذين يواصلون عملهم بالساعات من أجل إنتاج عمل يدوي يبيعه بريالات معدودة.. كقفة أو مروحة يدوية. وابتسامة الرضا تزرع السعادة في وجهه. سوف تكتشف أن ذلك يعود «لثمن التعب»، بل النجاح الذي حققته أنامله المعروقة. وهذا ما ينسحب على ملايين من العمال في كل المجالات. في الورش والمصانع والمستشفيات وحتى في مكاتب الإدارات الحكومية والخاصة والذين بعضهم قد يتسلّمون رواتب لا ترقى لما يبذلونه من جهد. ولكنهم سعداء بعملهم وأنهم محظوظون أن لديهم عملاً «وظيفة « تدر عليهم رزقاً دائماً فيه خير لهم ولأسرهم. وفيذه الأيام الحارة والمتوهجة بأشعة الشمس الحارة جداً جداً. تجد من يعمل تحت أشعتها بسعادة وهو ينتظر بشوق المتسوّقين. لينعم ببيع ما يعرضه. وهذا في حد ذاته نجاح كبير كونه يمثّل له البديل الحقيقي «لثمن تعبه» ويجسد أيضاً صورة مثالية للقناعة والتي هي كنز لا يفنى. وهو بالتالي وراء تحمله التعب والعمل في أجواء قد يراها البعض صعبة وغير مقبولة. أما أمثال هؤلاء الذين يعملون في صمت وتحد، فهم الذين يستمتعون بثمن التعب.. وما أروعه من ثمن..!