«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
الجميع بات على علم بأن الاستعداد للشهر الكريم، رمضان الخير يبدأ مبكرا، وفي مختلف المجالات. وفي السنوات الأخيرة برزت ظاهرة معاشة وفي مختلف القنوات التلفزيونية في عالمنا العربي على وجه الخصوص للتحضير لمسلسلات وبرامج وحتى الإعلانات التي سوف تبث خلال الشهر الفضيل. بل برزت ظاهرة أخرى على هامش ذلك ألا وهي ظاهرة «الصراع» المحموم بين المسلسلات وحتى الإعلانات. وبات المشاهد لهذا المسلسل أو ذاك البرنامج غير قادر على التركيز وحتى الاستمتاع بالمشاهدة ومتابعة أحداث المسلسل المختلفة. إضافة إلى العدد الكبير من المسلسلات التي تنافست بل تصارعت بعضها ببعض بدءا باختيار ساعة العرض ومرورا بكسب أكبر قدر من الإعلانات لحشوها ضمن المسلسل الذي لم يعد ممتعا وشيقا بعد هذا الكم الهائل من الإعلانات التي حشيت داخله كما تحشى أنواع من الحشوة داخل محشي الكوسة أو الباذنجان. ولا يختلف اثنان على أن حشوة المأكولات يشعر بها وبقيمتها وطعمها الشهي. عكس حشوة المسلسلات بهذا العدد الهائل من الإعلانات والفواصل التي باتت إعلانات منفرة وضاع تأثيرها على المشاهد لها إلى درجة سرعة قيام المشاهدين لهذا المسلسل الذي كان شيئا. وبات منفرا ولم يحقق الجدوى المنشودة وذلك عائد لعدم استطاعة المشاهدين المحافظة على التركيز والمتابعة الدقيقة لأحداثه. وليس هناك شك في أن شركات الإنتاج من حقها أن تكسب الملايين من خلال بيعها لما أنتجته من مسلسل (ممطوط) أضاع ما فيه من أبعاد درامية تحكي حكاية شيقة جديرة بالمتابعة والمشاهدة ولكن.. محاولة الشركة المنتجة «لمط» الحكاية وتحويلها لمسلسل طويل. بالتعاون مع المؤلف وكاتب السيناريو فكل ما زادت أحداثه.. زادت رغبة البعض من المشاهدين للهروب منه والانتقال إلى مسلسل آخر.. ولاشك أيضا أن هناك أعمالا أكثر من جيدة تشهدها الساحة الفضائية خلال هذا الشهر لكن الصراع الدائم مابين (المسلسلات والإعلانات) ساهم بطريقة وأخرى في ابتعاد عشاق الدراما عن الحرص على مشاهدتها. كما كان الناس في الماضي يتسمرون بعد صلاة التراويح لمتابعة أحد المسلسلات الشيقة والخالية من الإعلانات. أما اليوم فالإعلانات باتت تنافس المسلسلات بصورة سلبية. فحياة الناس تغيرت ومفاهيمهم تطورت، فالحياة بما فيها تتجدد كل يوم وهذا ناموسها الطبيعي والاجتماعي الذي يدفع بالإنسان للبحث عن الأفضل لكن ليس على حساب ذوقه وتشتيت ذهنه عبر صراع ممجوع بين المسلسلت والإعلانات. ولسان حال المشاهد يردد بينه وبين نفسه يا أهل القنوات رجاء ارحمونا من هذا الصراع الذي حرق أعصابنا..؟!