أوتاوا - تهاني الغزالي:
تقديراً لمكانة المملكة الدولية وتصدرها مقدمة الدول المانحة والداعمة لقضايا الشعوب الإنسانية وجه المتحف الوطني الكندي بمناسبة مرور 150 عاماً على توحيد الولايات الكندية الدعوة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لإقامة معرض لإبراز الجهود الإغاثية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها المملكة من خلال المركز، من دون تمييز عرقي أو ديني للمنكوبين حول العالم، وبالأخص الإخوة اليمنيين والسوريين جراء الأزمة الإنسانية الحاصلة في بلدانهم. في سبق لم يقدمه المتحف الكندي لأي دولة أخرى.
ولهذا حرصت الجزيرة على الالتقاء بمعالي المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله الربيعة لتسليط الضوء على جهود المركز في مد يد العون والمساعدة في أكثر من 37 دولة على مستوى العالم ونوعية المشاريع التي تم تقدمها في اليمن وللاجئين السوريين.
* ما هو الهدف من الزيارة إلى كندا؟
- أشار معاليه أن الهدف من الزيارة هو الالتقاء بعدد من كبار المسؤولين وأعضاء البرلمان ورئيس مجلس الشيوخ وعدد من المعنيين بأمور الإغاثة الإنسانية ومؤسسات العمل المدني لإطلاعهم على جهود المركز في مجال الإغاثة الإنسانية، وفي مجال تخفيف معاناة الشعب اليمني واللاجئين السوريين وبحث سبل التعاون بين المملكة وكندا في مجال الإيواء والإغاثة الإنسانية.
* هل هناك شراكة بين مركز الملك سلمان لإغاثة الإنسانية وأي من المؤسسات الكندية العاملة في هذا المجال؟
- أفاد معاليه أنه إلى الآن لا توجد شراكة ولهذا قدمنا إلى كندا لبحث سبل التعاون مع الجانب الكندي في مجال الأعمال الإغاثية والإنسانية، والعمل على تكوين شراكات مع الجهات المعنية بالأعمال الإغاثية والإنسانية سواء كانت جهات حكومية أو مؤسسات العمل المدني بغرض التوسع في تقديم خدمات أفضل على مستوى العالم لخدمة البلدان المتضررة والتي في حاجة إلى دعم إنساني، ونأمل أنه في نهاية الزيارة أن يكون هناك تواصل بين تلك المنظمات ومركز الملك سلمان للخدمات الإنسانية.
* هل عمل المركز إغاثي بحت أم هناك لديه برامج لدعم المجتمعات؟
- المركز ليس عمله إغاثيا بحتا ولكنه يعتمد على تقديم برامج تسمى برامج الانتعاش وهي برامج تساعد المجتمعات على أن تعتمد بعد الله على نفسها وليس على المساعدات الإنسانية فقط، ولهذا عمل المركز شراكات مع كل من مؤسسة بيل جيتس للخدمات الإنسانية ومع البنك الإسلامي والمؤسسات الخيرية في كل من قطر ودولة الإمارات بغرض دعم صندوق العيش والمعيشة الذي قام مركز الملك سلمان بتأسيسه بمبلغ 100 مليون دولار مساوياً في ذلك المبلغ المقدم من البنك الإسلامي ومؤسسة بيل جيتس، وهذا الصندوق سوف يعمل على دعم أكثر من 57 دولة إسلامية المشمولة في منظمة المؤتمر الإسلامي لتطوير قدراتها في مجال التعليم والزراعة والحرف البسيطة من أجل أن تعتمد على نفسها بعد الله.
* ما هي أهم انجازات مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية ؟
- كما يعلم الجميع أن مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية مركز حديث النشأة تم تأسيسه في 13 مايو 2015 بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، رائد العمل الخيري في المملكة، منذ ان كان أميراً لمنطقة الرياض وبعد توليه مقاليد الحكم ارتأى أن يكون أول إنجاز كبير يتم هو توحيد جهود المملكة الخيّرة في تقديم المساعدات وأعمال الإغاثة الإنسانية تحت مظلة واحدة، ولهذا كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الداعية إلى مد يد العون والمساعدة لكل محتاج بدون تفرقة قائمة على عرق أو بعد سياسي هي النبراس الذي أقام المركز عليه رسالته وأهدافه.
أما عن انجازات المركز فنستطيع القول إن المملكة خلال المركز قدمت مساعدات إلى 37 دولة بمبالغ تجاوزت 700 مليون دولار أمريكي تمثلت إلى الوقت الحالي في 99 مشروعاً بمشاركة 36 شريكاً في مجال الأمن الغذائي وإدارة المخيمات والأيتام استفاد منها أكثر من 23 مليون شخص، بالإضافة إلى تنفيذ 20 مشروعاً في مجال التعليم استفاد منها أكثر من أربعة ملايين شخص، بينما وصلت عدد المشاريع المنفذة في مجال الرعاية الصحية والتغذية والمياه حوالي 72 مشروعـــــــاً وبالتعاون مع 50 شريكاً استفاد منها أكثر من 40 مليون شخص.
أما عن دور المركز في دولة اليمن الشقيقة فأشار معالي الدكتور الربيعة أن المملكة كانت الداعم الأكبر للشعب اليمني أثناء الأزمة التي عصفت به، وعمل المركز بالتعاون مع أكثر من 31 شريكا دوليا ومحليا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة على تنفيذ عدد من المشاريع المتعلقة بالأمن الغذائي، وعمل المركز على أن تصل المساعدات الإغاثية في كل المحافظات اليمنية من الشمال إلى الجنوب وحتى التي يسيطر عليها الحوثيون لأن المملكة هدفها مساعدة الشعب اليمني بكل أطيافه.
كما بين معاليه أن دور المركز في تقديم المساعدات الصحية للشعب اليمني تم داخل اليمن وفي المملكة بالتعاون مع وزارة الصحة في المملكة، ومستشفى الهلال الأحمر في الأردن، وجمعية الهلال الأحمر السوداني.
فقد تكفل المركز بإنشاء عيادات طبية بمحافظة أبخ في جمهورية جيبوتي وتشغيلها لتقديم الرعاية الطبية اللازمة والطارئة للاجئين اليمنيين في المخيم، والبالغ عددهم أكثر من 25544 لاجئاً، كما قام مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية بتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية والمحاليل الوريدية ومحاليل غسيل الكلى في محافظات عدن وحضرموت ومأرب وصعدة وتعز، وبلغ عدد المستفيدين 22,500 مستفيد، وكذلك دعم وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية بالكراسي المتحركة، واستفاد من المشروع 371 مستفيداً. كما عمل المركز على توفير كوادر طبية سودانية داخل اليمن بهدف إنقاذ حياة المصابين والمرضى حسب الاحتياج الطبي، وذلك بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر السوداني ووزارة الصحة العامة والسكان اليمنية, وقام بتقديم وتعزيز الخدمات الطبية الطارئة المنقذة للحياة إلى الفئات الأشد ضعفاً في اليمن من النساء والأطفال بهدف خفض الإصابة بالأمراض والوفيات، واستفاد من المشروع 7.500.000 مستفيد، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
وأكد الدكتور الربيعة على أن المركز حرص أيضاً على تنظيم وتقديم دورات تثقيف حول مخاطر الألغام وخدمات الدعم النفسي للأطفال والأسر المتضررة وأوضح أن هذه الدورات والمشروع استفاد منه 2.700.000 مستفيد، وذلك بالتعاون مع منظمة» الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف».
وأشار إلى أن جهود المركز لم تقتصر على الإرشـاد الصحي والتحصينات للمواليد الجدد بل امتدت إلى تقديم خدمات طبية أخرى في مجال الأمومة والطفولة استفاد منها النساء الحوامل إضافة إلى توزيع كميات كبيرة من العقاقير والضمادات.
كما عمل مركز الملك سلمان للإغاثة على إنشاء مركز لتأمين وتركيب الأطراف الصناعية ذات الجودة لمن يحتاجها في مستشفى هيئة مأرب العام، بالتعاون مع أطباء عبر القارات.
ومن جهة أخرى، قدم مركز الملك سلمان 215 طناً من التمور و 3 أطنان من الملابس الشتوية في كل من محافظة شبوة بالجمهورية اليمنية، شملت عتق، وبيحان، ودهر، وحبان، وميفعة، ومرخة السفلى.
* ما هي أهم الخدمات الإنسانية التي قدمها المركز للاجئين السوريين؟
- أشار معاليه إلى أن المملكة كانت من أوائل الدول في دعمها للشعب السوري فقال: إن الاهتمام بالشعب السوري بدأ من قبل أن يتم تأسيس المركز منذ بدايات الأزمة السورية بدعم شعبي وحكومي من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين متمثلة في الحملة الوطنية لإغاثة الشعب السوري التي بدأت منذ أكثر من خمس سنوات ومستمرة إلى الآن، وقد قدمت الحملة عددا من المشاريع الإغاثية بتكلفة بلغت 250 مليون دولار للاجئين السوريين في دول الجوار في كل من تركيا ولبنان والأردن، كما رحبت المملكة بـ 291.342 لاجئا سوريا وجعلتهم يعيشون على أراضيها ضيوفاً مكرمين، كما سمحت لمئات الآلاف منهم بالدخول في سوق العمل، كما تكفلت المملكة بتعليم 114 ألف طالب سوري في مدارسها مجاناً.
أما عن دور المركز في مجال الشعب السوري فأكد على أن المركز تلقى توجيهات كريمة بعمل حملة شعبية لدعم الشعب السوري وقد نجحت الحملة في جمع أكثر من 140 مليون دولار لدعم الشعب السوري داخل سوريا وفي دول الجوار من خلال تقديم الغذاء والدواء والخيم للنازحين.
* ما هي أهم المعوقات التي واجهت المركز في تقديم المساعدات في اليمن وكيف حلها؟
- أنا كمسئول عن مركز إغاثي وإنساني أناشد من خلال جريدة الجزيرة المجتمع الدولي وبالذات الأمم المتحدة أولاً حماية كل القوافل الإغاثية لليمن في كل المعابر سواء جوية أو بحرية أو برية، وكذلك محاسبة كل من يعتدي أو يمنع وصول تلك المساعدات لمستحقيها، لأن للأسف واجهنا تحديات كبيرة في اليمن من قبل المليشات المسلحة التي لم تكتف بنهب وسلب المساعدة القادمة عن طريق البر أو الجو، بل قامت مؤخراً في فرض رسوم جمركية باهظة التكاليف على المساعدات الإنسانية القادمة بحراً في ميناء الحديدة، وذلك بغرض الاستفادة من تلك الرسوم في تسليح قواتها، وهذا بالطبع يعد أمرا لا تقره الأعراف الإنسانية وتجرمه.
وعن كيفية مواجهة كل هذه التحديات أجاب معاليه أن المركز كان من أوائل الجهات الإغاثية التي كسرت الحصار في تعز بتوصيل المساعدات عن طريق الإسقاط الجوي، بالإضافة إلى أن المركز لجأ حتى إلى الأساليب البدائية ومنها استخدام الدواب في الأماكن الوعرة من أجل كسر أي حصار.
وبالنسبة لميناء الحديدة نجح المركز في الاستفادة من قافلة برية قادمة من عدن ومررها إلى الحديدة لإيصال المساعدات لمستحقيها.
* هل هناك خطة مستقبلية لتطوير عمل المركز وإنشاء مراكز بحثية تهتم بشؤون الإغاثة؟
- في الحقيقة هذا سؤال طيب ومهم لأنه مع الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم، أصبحت الحاجة ماسة وضرورية في الوقت الحالي إلى الاستفادة من العقول المفكرة في زيادة الفرص الإغاثية، ولهذا المركز على وشك إطلاق شراكة مهمة جداً مع عدد من الجامعات السعودية وكذلك الدولية في بناء أبحاث نسميها أبحاث تطبيقية تحولية تعيد الاستفادة الكبرى من هذه المساعدات وتعود بالأثر الأكبر على مستحقيها ولدينا تفاؤل كبير أن العائد سيعود بالنفع على الكل سواء في المملكة أو على المستوى العالمي.
* نود أن نعرف إذا كان المركز لديه نية لتشجع الشباب على العمل والانخراط في مجال الإغاثة والخدمة الإنسانية ؟
- في البداية نود أن نشكرك على هذا السؤال، ونؤكد أن برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية 2030 يعملان على تحقيق نهضة تنموية شاملة للمجتمع السعودي من خلال توفير فرص وظيفية للمواطنين من خلال بناء منظومة تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، مع عدم إهمال تنمية العمل الخيري الإغاثي والإنساني.
لهذا سوف يبدأ المركز في بناء برامج تسهم في تدريب الشباب على الاعمال الإغاثية والإنسانية من أجل أن يقدموا الصورة الساطعة عن المملكة وأصالة القيم الاخلاقية والإنسانية للمجتمع السعودي.