أعلنت منظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية تكريم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بشكل استثنائي تقديراً لجهود سموه في دعم وتعزيز استقرار ونمو السياحة في العالم وجهوده في المحافظة على التراث العالمي، وعرفاناً من منظمة السياحة العالمية لجهود سموه الكبيرة في دعم جهود المنظمة وتسهيل مهمتها على المستوى الدولي إلى جانب مبادراته وأفكاره لدعم جميع الدول في العالم، حيث أوجد سموه بإنجازاته مثالاً يحتذى به على المستوى الدولي.
وسيتم تكريم سموه في اجتماع الدورة الثانية والعشرين للجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ستعقد في 13 سبتمبر من هذا العام في الصين، بمشاركة وحضور جميع الدول الأعضاء في المنظمة والبالغ عددهم 156 دولة وسبع دول مراقبين.
ويمثل هذا التكريم إنجازاً سعودياً حيث تقرر منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة تكريم شخصية سعودية وبشكل استثنائي، حيث لم يسبق أم كرمت المنظمة شخصية أخرى في السابق.
كما يمثل هذا التكريم تتويجاً لمسيرة الأمير سلطان العملية ونجاحه في قيادة هذا القطاع، ونهجه الإداري الذي أكد في عدد من كلماته تأثره بالنهج الإداري لوالده الملك سلمان (حفظه الله ورعاه) الذي يمثل مدرسة إدارية كبيرة، وقد أشار سموه إلى أنه تعلم من مدرسة سلمان الاهتمام بالأساس وتركيز الجهد على وضع الأسس والبناء غير الظاهر للناس، وانتهاج الدقة والتنظيم في هذا البناء الإداري ليكون بناءً قوياً يعتمد عليه.
وقد أكد سموه في أحد تصريحاته الصحفية أن هيئة السياحة أسست منصة كاملة لصناعة اقتصادية جديدة، بعد أن اشتغلت بمراحل مهمة للتأسيس لم تكن واضحة لدى المواطنين، وهذا ما تعلمناه من الملك سلمان -حفظه الله-، الذي كان دائماً ما يؤكد عن التأسيس الذي لا يراه الناس، فالرياض حظيت ببنية ومشروعات تحتية لم يرَها الناس؛ ولذلك أصبحت الرياض مدينة قابلة للنمو بشكل سريع كما تراها اليوم.
التكريم الأول من نوعه
وكان معالي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية سابقاً الدكتور طالب الرفاعي قد أكد أن هذا التكريم الأول من نوعه يمنح لشخصية أعطت من جهدها ووقتها الشيء الكثير، مؤكداً أن الأمير سلطان بن سلمان نجح وبشهادة كل الوزراء أعضاء المنظمة في إحداث تغيير في نظرة المجتمع بكامله للسياحة والتراث الوطني، إضافة إلى النقلة النوعية في تطوير قناعة المجتمع تجاه السياحة وإدراكهم أن السياحة ليست ترفاً وإنما صناعة اقتصادية وقطاع مهم للتنمية.
وأوضح أن جهود الأمير سلطان بن سلمان أسهمت في إحداث نقلة كبيرة في تطوير السياحة والحفاظ على التراث على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية كافة، مؤكداً أن تكريم الأمير سلطان بن سلمان هو إنجاز يضاف إلى مئات الإنجازات التي حدثت على الأرض الواقع والتي ترجمت رؤية بأن السياحة يمكن أن تكون جزءاً أساسياً ورئيسياً في مستقبل المملكة العربية السعودية، وتنويع مصادر الدخل الاقتصادي، حيث إن السياحة هي نفط لا ينضب، ولهذه الأسباب وغيرها أخذ مجلس إدارة المنظمة قراراً بتكريم سمو الأمير سلطان بن سلمان في الدورة الثانية والعشرين للجمعية العمومية للأمم المتحدة التي ستعقد في 13 سبتمبر من هذا العام في الصين، بمشاركة وحضور جميع الدول الأعضاء في المنظمة والبالغ عددهم 156 دولة وسبع دول مراقبين.
واستعرض بعضاً من جهود الأمير سلطان بن سلمان، مبيناً أن دوره لا ينحصر للمملكة العربية السعودية فقط بل له جهود كبرى في لمّ الشمل العربي وليس هناك اجتماع عربي إلا ويكون سمو الأمير سلطان على رأسه، ووجوده ضمانة لكل المسئولين والسياحة العرب، كما أن اهتمامه بقضية السياحة والتراث العربي واضح حيث أعطى للمّ الشمل العربي بعداً آخر وكبيراً واهتماماً متزايداً، كما عزز من أهمية التراث وربطه بالسياحة وكونه عنصراً أساسياً لتعزيز الهوية الوطنية، وأسس ترابطاً بين وزراء السياحة والتراث والثقافة على المستويين الخليجي والعربي من منطلق الترابط الوثيق لهذين القطاعين.
وعلى المستوى العالمي، بين الدكتور طالب الرفاعي أن سموه دعم كل اجتماع للجمعية العمومية للمنظمة للسنوات العشر الماضية التي كنت مسئولاً فيها، ويعمل ليل نهار لدعم جهود المنظمة دولياً، حيث كان حاضراً معنا في كل لقاءاتنا وحضوره دعم معنوي لنشاط الجمعية، وفي حضور سمو الأمير سلطان بن سلمان "يتناول الأمور بشكل موضوعي ويدفعها إلى الأمام بما يملكه من كاريزما عملية ملتصقة بالناس، حيث يمتلك رؤية واسعة ولديه قدرة الدخول في التفاصيل والتدقيق فيها للتأكد من حصول النتائج المرجوة".
وأضاف: "هذه أول مرة تقوم المنظمة بتكريم شخصية أمام جميع الوزراء في العالم وبحضور الرئيس الصيني ورئيس الوزراء، ونحن كعرب نعتز بجهد سمو الأمير كونه المسئول الأول الذي ينال هذا التكريم ولدي شعور بالفخر أن يتم اختيار سمو الأمير من بين كل ممثلي السياحة في العالم لهذا التكريم الفريد".
البدايات الصعبة
تولى الأمير سلطان بن سلمان رئاسة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني منذ تأسيسها عام 1421هـ لتتم الهيئة هذا العام عامها السادس عشر.
وكان متردداً في البداية في قبول المهمة (كما ذكر سموه في أحاديث صحفية) انطلاقاً من صعوبة هذه المهمة في تأسيس قطاع جديد كان يعاني من تشتت أنشطته وعدم وجود أنظمة ولوائح تنظمه، إضافة إلى النظرة السلبية المنتشرة لدى شرائح واسعة في المجتمع تجاه السياحة، إلا أنه قبل المهمة الصعبة ليبدأ في اختيار مستشارين يشاركونه العمل في تأسيس قطاع جديد من الصفر.
تمكنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال هذه الفترة من إتمام جميع متطلبات البناء النظامي، وبنت قطاعاً اقتصادياً كان من الممكن أن يؤدي دوره في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة لو حظي بالدعم الكامل، ونجحت في إحداث تحول في عدد من المسارات الصعبة ومن أبرزها نظرة المجتمع للسياحة وللآثار والتراث.
وخلال هذه الفترة تضعف إسهام السياحة الوطنية في الناتج المحلي الإجمالي، كأحد أكثر القطاعات الاقتصادية غير البترولية نمواً، فقد ارتفعت الإيرادات السياحية إلى (166.8) مليار ريال في نهاية عام 2016م.
وتجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية في المملكة خلال عام 2016م 47.5 مليون رحلة.
وعن بدايات الهيئة يقول سموه: "بدأت الهيئة صغيرة، وبأحلام وتطلعات وطموحات كبيرة، وحققت ولا تزال تحقق إنجازات كبيرة ومتسارعة، منوهاً بدعم ورعاية قيادات الدولة الذين عاصروا تأسيس الهيئة، الملك فهد والملك عبدالله والأمير سلطان والأمير نايف بن عبدالعزيز "رحمهم الله"، وبدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز "حفظه الله" الذي كان ملهماً وعوناً وهو قائدنا الآن وأكثر الحريصين على ربط المواطنين ببلادهم.
ولفت الأمير سلطان بن سلمان أن الهيئة مؤسسة تشرف على أكثر من 22 قطاعاً في كثير منها غير متجانس ولكنها تصدت لهذه المهمة بعقل وروية وهدوء مع كل الضغوط فيما يتعلق بالموارد البشرية أو بالإمكانات المالية، إضافة إلى تركيزها على الشراكة مع الجهات الحكومية وانتهاجها لاتفاقيات التعاون التي صارت نموذجاً احتذته العديد من الجهات الحكومية.
وأضاف: "الهيئة قدمت أسلوباً هادفاً ومركزاً في التحول الإداري والاقتصادي منذ بداية تأسيسها عام (1421هـ)، وبشكل يتميز عن المتعارف عليه في الأجهزة الحكومية القائمة حينها، حيث اعتمدت برنامجاً متطوراً ومتميزاً شمل إحداث نقلة عميقة في قطاعات السياحة وإعادة هيكلة وتنظيم الصناعة جذرياً، وإعداد استراتيجيات وخطط للتنمية السياحية على المستوى الوطني والمناطق".
وأشار إلى أن الهيئة عملت منذ سنوات لتأسيس قواعد متينة لصناعة اقتصادية كبيرة، وهو ما جعلها جاهزة ومهيأة لبرنامج التحول الوطني من خلال برامجها ومبادراتها التي وجد البرنامج أنها جاهزة للانطلاق، وتحقيق التنمية السياحية التي يتطلع إليها المواطن.
وتميز الأمير سلطان بن سلمان بحرصه الكبير على التواصل مع المواطنين وزيارتهم في مناطقهم وإشراكهم في ورش العمل التي تنظمها الهيئة قبل إصدار أي تنظيم أو برنامج، ويقوم بزيارات متعددة طوال العام للالتقاء بالمواطنين وزيارتهم في مواقعهم والاستماع إلى ملاحظاتهم ومطالبهم.
ثقل دولي وإقليمي
يمثل الأمير سلطان بن سلمان ثقلاً دولياً مهماً في قطاعات السياحة والتراث، ويحظى باحترام وتقدير وزراء ومسئولي السياحة في العالم الذي يسعون إلى لقاء سموه في الملتقيات السياحية أو زيارته في مقر الهيئة بالرياض.
وتعتمد منظمة السياحة العالمية على آرائه في الكثير من القرارات والمبادرات التي تنفذها، حيث ركزت المنتظمة بدعم من الأمير سلطان على البرامج والمبادرات المتعلقة بالتوظيف وزيادة فرص العمل وتوسيع العمل في مواقع التراث.
كما عمل سموه على الاستفادة من خبرات المنظمة الدولية في دعم برامج السياحة السعودية وخاصة في مجالات الدراسات والتدريب، وكانت المملكة الدولة الأولى عالمياً في التعاون مع منظمة السياحة العالمية، كما أن المملكة تمثل منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى مصر في المجلس التنفيذي للمنظمة.
وفي المجال العربي، كان للأمير سلطان بن سلمان الدور الرئيس في تأسيس منظمة السياحة العربية التي يمثل رئيسها الفخري، وعمل على دعم برامج وأنشطة المنظمة في تأسيس منظومة من برامج التعاون والشراكة بين الدول العربية في مجال السياحة, ودعم الأنشطة والاستثمارات السياحية في الوطن العربي.
كما تبنى سموه تشكيل المجلس الوزاري الخليجي للسياحة الذي عقد اجتماعات ثلاثة صادق فيه وزراء ومسئولو السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الأخير في الرياض على (الرؤية الشاملة للعمل السياحي المشترك في دول مجلس التعاون الخليجي) التي اقترحها الأمير سلطان ورأس الفريق المشكل لإعدادها.
كما تبنى سموه مبادرة لربط السياحة بالتراث على مستوى وزراء السياحة والتراث في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى المستوى العربي.
وطالب سموه بربط بين السياحة والثقافة والتراث لوضع أسس للهوية الوطنية وربط الشباب ببلادهم وتاريخهم وتعزيز الانتماء لهويتهم، ونجح في عقد لقاء سنوي للمسؤولين عن السياحة مع نظرائهم المسؤولين عن الثقافة بهدف رسم أطر الهوية الوطنية ومتابعة تعزيزها في نفوس مواطني دولنا عموماً والشباب والنشء منهم خصوصاً.
وأعاد طرح هذه المبادرة على نطاق أوسع في اجتماع المجلس الوزاري العربي لوزراء السياحة في الدول العربية، مطالباً بأن نركز جميعاً في تعزيز روح الانتماء والاعتزاز في نفوس مواطني الدول العربية، فهم صمام الأمان للمنطقة.
جوائز عالمية
وتقديراً لجهوده وإنجازاته في مجال السياحة نال الأمير سلطان بن سلمان عدداً من الجوائز، إضافة إلى الجوائز العديدة التي حصلت عليها الهيئة، ومن أبرز الجوائز التي نالها الأمير سلطان بصفته الشخصية جائزة رجل عام 2003م في تقنية المعلومات بالمملكة (مجموعة نشر وتقنية المعلومات شركة ITP 1425هـ (2004م، جائزة القيادة في المجال الفندقي من مؤتمر الاستثمار الفندقي العربي 2014م بدبي.
كما تقلد الأمير سلطان بن سلمان وسام (الملك ليوبولد) الرفيع من قبل السفير البلجيكي لدى المملكة السيد مارك فينيك نيابة عن ملك بلجيكا الملك فليب في 2015م.
برواز
سلطان بن سلمان: تكريمي هو تقدير للمملكة حكومة وشعباً
أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان قبوله واعتزازه أن هذا التكريم الاستثنائي من منظمة السياحة العالمية هو تقدير للمملكة العربية السعودية ملكاً وحكومة، وهو أيضاً تقدير للمواطنين الذين سبقوا الوقت ووثقوا بتوجهات الدولة في أن السياحة الوطنية ستكون متوافقة مع تطلعاتهم في بلادهم، وأنها أيضاً ستعكس قيمهم وثقافتهم وتراثهم في المقام الأول.
وأوضح سموه أن المواطن السعودي يثبت كل يوم منذ تاريخ هذه الدولة المباركة أنه رجل مبادرات، وأنه متى طرحت مبادرات متوافقة مع قيم وثقافة ومزايا بلاده تجده يبادر ويسابق الزمن لإنجاحها وهو ما حدث معنا في الهيئة، متمنين أن نكون أنجزنا أكثر مما تحقق لا سيما أننا رفعنا عشرات المبادرات السياحية التي كانت ستغير وجه السياحة في المملكة ومنها الوجهات السياحية على الخليج العربي والبحر الأحمر، ونحن متفائلون بالمستقبل القادم بإذن الله تعالى.
وجير سموه هذا الإنجاز للأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز -رحمة الله- الذي تبنى السياحة الوطنية وأشرف على بنائها في مراحل التأسيس الصعبة، كما أهدي هذا الإنجاز للأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي أسس هذا التوافق الكبير بين السياحة الوطنية وقطاع وزارة الداخلية والأمن والمناطق.
وأضاف سموه: "كما أرفع هذا الإنجاز لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- الذي حظيت السياحة والتراث الوطني في عهده بدعم وتمكين يجعلها -بإذن الله- مواكبة لتطلعات وآمال المواطنين، فخادم الحرمين الشريفين هو رجل التاريخ والحضارة، حيث تبنى -يحفظه الله- برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الذي يعد من أهم برامج الهيئة ومسارات عملها.
واستشهد الأمير سلطان بن سلمان بالزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- حينما كان أميراً للرياض لهيئة السياحة والتراث الوطني، حيث رأى أن طموحات السياحة الوطنية يمكن الوصول إليها في الوقت الذي كان البعض يشككون في ذلك ويعتبرون بلوغها نوعاً من الخيال، مؤكداً أن "الأرقام التي وضعت عند تأسيس الهيئة تم تجاوزها بمراحل وهو دليل على الدور المحوري والمهم الذي لعبته السياحة في الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل حقيقية للمواطنين".
كما أهدى الأمير سلطان بن سلمان هذا الإنجاز لعموم مناطق المملكة وللمسئولين الذين بادروا قبل غيرهم بتبني السياحة الوطنية، وعلى رأسهم المواطن السعودي، مختتماً تصريحه بأن الهيئة ماضية في عملها الذي بدأته مع شركائها في تطوير منصة كاملة من الأنظمة والمبادرات والبرامج التمويلية التي تجعل من السياحة الوطنية صناعة اقتصادية متكاملة.