طرح فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ على التوالي مبادرتين للبناء المشترك لـ«الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و«طريق الحرير البحري للقرن الـ 21» (يشار إليهما بالاختصار بـ«الحزام والطريق») عندما قام بزيارة لكل من آسيا الوسطى وجنوب شرقي آسيا في عام 2013م. يواكب «الحزام والطريق» التيار العصري للسلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك، ويتخذ تحقيق «التواصل في السياسات وترابط المنشآت وتيسير التجارة وتيسير التمويل والتواصل بين قلوب الشعوب» كمحتوى رئيسي، و«التشاور المشترك والبناء المشترك والاستفادة المشتركة» كمبدأ، فحظي باهتمام واسع من المجتمع الدولي وباستجابة إيجابية من الدول الواقعة على طولهما.
تعتبر المملكة العربية السعودية دولة هامة على طول «الحزام والطريق»، وتشارك في البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» بتجاوبات إيجابية. من أجل البناء المشترك له، طرحت السعودية خطة غربية لـ«الحزام والطريق» وأسست مكتب الشراكة الاستراتيجية الدولية بشكل خاص.
وقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بزيارة جمهورية الصين الشعبية بين فترة 15-18 مارس عام 2017م، وأثناء زيارته توصلت قيادتا البلدين إلى اتفاقات مشتركة في تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والمملكة تحت «الحزام والطريق» ودفع تنمية شراكة استراتيجية شاملة بين الدولتين. وفي السنوات الأخيرة، يتقدم التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين الصيني والسعودي تقدما كبيرا تحت إطار «الحزام والطريق».
أولا، يتسارع التواصل الاستراتيجي بين الجانبين. حاليا إن كلا الجانبين الصيني والسعودي تمر به المرحلة التنموية المهمة. من أجل دفع التحول الاقتصادي الوطني، طرحت السعودية «رؤية 2030». وتتمتع المبادرة الصينية للبناء المشترك لـ«الحزام والطريق» و«رؤية 2030» السعودية بنقاط اتفاق كثيرة. ومن أجل دفع التواصل الاستراتيجي بين البلدين وحل المشاكل لعلاقاتهما الاقتصادية والتجارية، أقام الجانبان الصيني والسعودي اجتماعات اللجنة المشتركة رفيعة المستوى واللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني بشكل دوري من حيث يدفع النتمية السريعة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين بقوة.
ثانيا، تتطور التجارة الثنائية بشكل سريع. بلغ حجم التبادل التجاري الثنائي 42.36 مليار دولار أمريكي عام 2016م، وتسجل نسبة النمو السنوي المعدلة 36% منذ إقامة العلاقة الدبلوماسية عام 1990.
وفي نفس الوقت، يجرى التعاون الودي بين جهات الجانبين في مجال المواصفات والمقاييس والجودة والجمارك حول رفع مستوى المنتجات والمكافحة المشتركة للغش التجاري وتواصل المواصفات والمقاييس، وحقق النتائج الملحوظة ورفع مستوى التجارة.
ثالثا، ينضج التعاون المالي تدريجيا. وتم التوقيع ((مذكرة تفاهم بين وزارة التجارة الصينية والصندوق السعودي للتنمية) في مجال تمويل الصادرات وضمان ائتمان الصادرات في عام 2016م، من حيث تدعم المؤسسات المالية لتقديم خدمات التمويل لشركات الدولتين وتدفع التعاون لتطوير السوق في الدولة الثالثة. وبالإضافة إلى ذلك، تم التوقيع اتفاقية التعاون في نفس المجال بين الصندوق السعودي للتنمية وشركة ضمان الصادرات الصينية «سينوشور» والبنك الصيني للاستيراد والتصدير على حدة، لتعزيز التعاون في مجال التمويل التجاري للفترة القصيرة وضمان الاستثمار والتمويل عبر الحدود وتمويل سلسلة التوريد عبر الحدود وإدارة المخاطر وإلخ.
رابعا، تظهر فرص الاستثمار يوميا. مع التواصل المعمق بين «الحزام والطريق» و«رؤية 2030» بشكل مستمر، تظهر الفرص الاستثمارية بين الدولتين يوميا. حسب تخطيط «رؤية 2030»، سوف تدفع المملكة توطين الصناعة وتنويع الاقتصاد، لذا تقدم فرصا استثمارية للشركات الصينية. وتم التوقيع ((مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الصناعي بين وزارة التجارة في جمهورية الصين الشعبية ووزارة التجارة والصناعة في المملكة العربية السعودية)) في عام 2016م، وتهتم الحكومتان الصينية والسعودية بتشجيع التعاون في مجال تنمية الصناعة وبناء المناطق الصناعية وتعزيز استثمارات الشركات الصينية في المملكة. ووفقا للإحصاء الحديث، تبلغ استثمارات الشركات الصينية في المملكة 120 مليون دولار أمريكي خلال عام 2016م بزيادة 46% من السنة السابقة.
تأتي النتائج المذكورة أعلاه من الجهود المشتركة لحكومتين وشعبين وشركات البلدين، وخاصة أن شركات الدولتين تلعب دورا لا غنى عنها في تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين الصيني والسعودي.
ومنذ وقت طويل، تشارك الشركات الصينية في البناء الاقتصادي للمملكة، ترسخ وتندمج في السعودية، بحيث حصلت على مصالح اقتصادية ومجتمعية بارزة. وتجري سلسلة من المشاريع ذات تأثير وحققت نتائج ممتازة.
سوف ينعقد منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي بين فترة الـ14-15 مايو عام 2017م في بكين الصين، ويحضر الضيوف الكرام للدول المشاركة فيه ويقومون بالتنسيق حول البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» ورسم آفاق جميلة للتعاون المتبادل المنفعة. ويأمل الجانب الصيني بصدق ويثق بأن السعودية بكونها مشاركا وبانيا ومستفيدا في «الحزام والطريق» سوف تلعب دورا أكثر ايجابية، ويحقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والسعودية اختراقات جديدة بفضل البناء المشترك لـ«الحزام والطريق».
تشاو ليو تشينغ - المستشار الاقتصادي والتجاري لسفارة الصين لدى المملكة