«الجزيرة» - الرياض:
قالت مصادر مصرفية إن المملكة تدرس ما إن كانت ستغير هيكل إصدارها المزمع لصكوك دولارية الذي سيكون باكورة الإصدارات الدولية للمملكة من السندات الإسلامية. ويقول مصرفيون إن الرياض تتوقع بيع صكوك في إصدار قد يطرح خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وتخطط المملكة لإصدار صكوك بهيكل هجين. ومن المنتظر أن يجمع هيكل الصكوك بين المضاربة والمرابحة.
لكن المصادر وبحسب «رويترز» قالت إن تغييرات محتملة للهيكل قيد النقاش حالياً لتسهيل تداول الصكوك وتيسير فهمها على المستثمرين الأجانب. وأحجم متحدث باسم وزارة المالية السعودية عن التعليق لوكالة رويترز.
وقال بعض المصرفيين غير المشاركين في الصفقة إنهم يعتقدون أن مناقشة الهيكل قد تكون السبب وراء عدم إطلاق المملكة للإصدار في ضوء الظروف المواتية حالياً بالسوق مع تدني هوامش الائتمان بالمنطقة.
وتستخدم أرامكو السعودية الهيكل الهجين الذي يجمع بين المضاربة والمرابحة في طرح خاص لصكوك مقومة بالريال تعكف عليه حالياً. لكن هذا الهيكل قد يكون بالغ التعقيد على بعض المستثمرين الأجانب بما قد يختبر شهيتهم للإصدار بحسب مصرفي مطلع على النقاش طلب عدم ذكر اسمه.
وفي حين أن المستثمرين الخليجيين وعدداً من المؤسسات الغربية قد يشعرون بالارتياح تجاه هيكل الصكوك الهجين فإن الرياض قد تحتاج لجذب قاعدة أوسع من المستثمرين إلى صكوك قد تكون أكبر طرح لسندات إسلامية في العالم.
لذا قال بعض المصرفيين إن الهيكل قد يتغيّر إلى نظام الإجارة الشائع في إصدارات الصكوك السيادية في العالم والأكثر شهرة على الصعيد العالمي. غير أن صكوك الإجارة قد تتطلب نقل بعض الأصول محل العقد إلى شركة ذات غرض خاص. وقال المصرفيون إن تحويل أصول سيادية على هذا النحو قد ينطوي على عقبات قانونية وتنظيمية.
والطبيعة المعقدة للصكوك وعدم إلمام المستثمرين بها عقبة قديمة في طريق نمو السوق. ولهذا السبب اقترحت اثنتان من كبرى الهيئات المعنية بوضع معايير التمويل الإسلامي في الشهور القليلة الماضية مبادئ إرشادية جديدة للصكوك بهدف توحيدها وزيادة الشفافية فيها. وسيكون الإصدار الجديد هو ثاني إصدار سندات دولية من السعودية بعد أن باعت المملكة أولى سنداتها التقليدية في أكتوبر الماضي. وكان ذلك أكبر طرح لأدوات دين في الأسواق الناشئة على الإطلاق. بدأت المملكة في طرق أسواق الدين الدولية لتنويع موارد التمويل وسد العجز الكبير في الموازنة الناجم عن تدني أسعار النفط.
«الجزيرة» تحذِّر
وقبل ظهور تقرير رويترز بثلاثة أيام، نشرت «الجزيرة» تحليلاً عبر زاوية خبير أسواق الدين الإسلامية محمد الخنيفر حذّر فيها من تبعات استخدام الصكوك الهجينة على التسعير وخزانة الدولة والمستثمرين. وأشار في زاويته المعنونه بـ»من سيصدر فتوى إجازة صكوك السعودية الدولارية» أن مكتب إدارة الدين بوزارة المالية سيمر بأول اختبار له حول اختيار هيكلة الصكوك المناسبة مع المستثمرين الدوليين. وحذّر الخنيفر من تجاهل اختيار صكوك الإجارة أو هيكل الوكالة بالاستثمار واللذين تعدان حجر الأساس لتلك الدول التي تصدر صكوك لأول مره في الأسواق العالمية وذلك بسبب تفهم المستثمرين لتلك الهياكل.
وتحفظ الخنيفر من استخدام هيكل الصكوك الهجينة الشائع بالسوق السعودي وقال: قد لا يكون من المستحسن تصدير «الخصوصية السعودية» لهيكل الصكوك للمستثمرين الدوليين، الذين قد يتحفظون عليها وقد يتقبلونها على مضض. « وتابع:» كل ما أخشاه أن نستخدم نوعاً آخر من الهياكل ذات «الخصوصية السعودية»، يطلق عليها اسم الصكوك «الهجينة» لأنها تحتوي على مزيج من الدين (هيكل المرابحة) والملكية (هيكل المضاربة). ورغم تفهم المستثمرين السعوديين لهذه الهيكلة، فإن المستثمرين الأجانب سيتحفظون على هذه الهيكلة المعقدة.
نحن لا نقول إن الإصدار لن يتم إغلاقه بنجاح، بل سيتم الإصدار بحول الله ولكن
1 - قد تجلب هذه الهيكلة المعقدة علاوة على الإصدار (مثل ما حصل مع سندات شركة «أكواباور» السعودية التي كانت تنوي إصدارها وطالب المستثمرون في حينها أن يحصلوا على مزيد من الوقت لفهم الهيكلة، فضلاً عن حصولهم على علاوة سعرية على الهيكلة المعقدة).
2 - قد يؤثّر ذلك على عدد مرات تغطية حجم الإصدار.
3 - قد يضعف الجانب التفاوضي الخاص بالتسعير من الجانب السعودي.
وإذا حدث ذلك، لا قدّر الله، فخزانة الدولة هي التي ستتحمّل تلك العلاوة السعرية.
يذكر أن الخنيفر يعمل لصالح مجموعة البنك الإسلامي للتنمية وأشرف على تقديم المشورة لأول إصدار صكوك سيادي من الأردن. وحصد ذلك الإصدار جائزة «أفضل إصدار للصكوك السيادية لـ2016» الممنوحة من قبل مجلة أخبار التمويل الإسلامي ( IFN).
وقبل توليه مشروع إدارة صكوك الأردن، لعب الخنيفر دوراً لافتاً بأول صكوك سيادية قادمة من القارة الإفريقية (السنغال) والتي تبعتها لاحقاً صكوك ساحل العاج وساهمت تلك الجهود التنموية في خلق سوق سندات إسلامية من العدم بمنطقة غرب إفريقيا.
ويملك الخنيفر خبرة دولية بأسواق الدين الإسلامية تصل لأكثر من خمس سنوات. يذكر أن الزميل الخنيفر قد تم اختياره لمرتين متواصلتين (2015-2016) ضمن قائمة «إسلاميكا» للشخصيات القيادية «الأكثر تأثيراً» في صياغة الاقتصاد الإسلامي.
وجاء اختيار الخنيفر لمساهماته الفعّالة في أسواق الدين الإسلامية، سواء عبر كتاباته التوعوية أو الإصدارات السيادية التي يقودها.