أَبَا خَالِدٍ أَكْمَلْتَ دَوْراً وَرِحْلَةً
فَكُنْتَ بِهَا بَيْنَ الأَنَامِ المُبَارَكَا
وَكُنْتَ بِهَا حِيْنَ المَسِيْرَةِ فَائِزاً
تُبَادِرُ أَو تَأْتِي مُعِيْناً مُشَارِكَـا
حُسَيْنُ وَكَانُ الحُسْنُ فِيْكَ سَجِيَّةً
بِأَخْلاقِكِمْ تَسْمُو بِضَوْءِ مَسَارِكَـا
فَمَا كُنْتَ مِمَّنْ يَحْتَفِي بِخُصُوْمَةٍ
يُحَرِّكُهَا عِنْدَ الحِوَارِ معَارِكَا
وَيُلْحَظُ فِيْكَ الحُلْمُ وَالصِّدْقُ وَالتُّقَى
شَمَائِلَ قَدْ أَدْرَجْتَهَا بِاعْتِبَارِكَا
عَرَفْنَاكَ مَجْبُولاً عَلَى الخَيْرِ سَاعِياً
وُتُعْرَفُ بَيْنَ الخَلْقِ لِلسُّوْءِ تَارِكَا
أبَا خَالِدٍ إِنِّي بَصُرْتُكَ شَاعِراً
سَمَا الشِّعْرُ إِبْدَاعاً يُرَى بِمَدَارِكَا
حَمَيْتَ حِمَى الفُصْحَى بِشِعْرِكَ
لَمْ تَكُنْ مَعَ النَبَطِيِّ المَسْخِ رَدّاً مُعَارِكَا
تُشَارِكُنَـا عِنْدَ القُبَيِّلِ جِلْسَةً
حِوَارِيَّةً تَرْعَى الرُّؤَى وَالمَدَارِكَـا
وَتَشْتَاقُ مِنْ بَعْدِ الغِيَابِ لِلَجَّةٍ
وإنْ كُنْتَ لا تَرْضَى بِهَا مُتَعَارِكَا
وَتُزْعَجُ مِنْهَا يَا حُسَيْنُ وَتَتَّقِي
صَدَاهَا فَيَأْتِيْكُمْ صَدَاهَا بِدَارِكَا
لِذَا بِهُدُوءٍ قَدْ رَأَيْنَاكَ رَاحلاً
كَأنَّكَ قَدْ وَدَّعْتَنَا بِاعْتِذَارِكَا
فَإنْ أَنْسَ لا أَنْسَى الخَمِيْسَ الَّذِي مَضَى
وَكَانَ جُلُوسِي حِيْنَه بِجِوَارِكَا
تُنَافِحُ عَنِّي لِلْقُبَيِّلِ هَجْمَةً
وَأُخْرَى وَتُنْهِي بَأْسَه بِانْتِصَارِكَـا
أَبَا خَاِلِدٍ لِلْخُلْدِ كَانَ رحِيْلُكُمْ
فَطُوْبَى وَمَنْ فِيْهَا احْتَفَوا بِانْتِظَارِكَا
لِيَرْحَمَكَ الرَّحْمَنُ يَا ابْنَ مُبَارَكٍ
فقدْ عِشْتَ لِلْخَيْرَاتِ قَلْباً مُبَارِكَا
تُبَارِكُهَا فِي النَّاسِ بَلْ وتَزِيْدُهَا
وَتَرْفَعُهَا بَيْنَ الوَرَى بِشِعَـارِكَـا
فَكُنْتَ تُربِّي النَّشْءَ فِيْهَا بِقُدْوَةٍ
فَسَارُوا كَمَا نَشَّأتَهُمْ بِمِسَارِكَـا
حُسَيْنُ لَقَدْ أَخْلَصْتَ فِعْلاً وَمَنْهَجاً
وَقَدَّمَتَ مَا قَدْ كَانَ وِفْقَ اقْتِدَارِكَـا
فُكُنْتَ بِه فِي المُخْلَصِيْنَ بِسِيْرَةٍ
لَهَا عَبَقٌ ضَوَّعْتَـه بِاخْتِيَارِكَا
أبَا خَالِدٍ إِنَّا بِفَقْدِكَ نَشْتَكي
مُصَاباً بِدُنْيَانَـا إِلَى اللهِ جَارِكَا
أَيَا رَاحِلاً عَنَّا وَذِكْرَاه بَيْنَنَا
سَتُبْقِيْه فِيْنَا حَاضِراً وَمُشَارِكَـا
سَتُبْقِيْهِ رَمْزاً طَاهِراً بِمَشَاعِري
وشِعْرِي سيَروِي نَهْجَه مُتَدَارِكَـا
عَزَائِي لِمَنْ فَارَقْتَهمْ بِمُصَابِهِمْ
بِكُمْ فَجْأَةً حِيْنَ اجْتَوَوا باحْتِضَارِكَـا
فَيُلْهِمُهُمْ رَبِّي مَعَ الصَّبْرِ دَعْوَةً
تُخَفِّفُ وَقْعَ الفَقْدِ حِيْن ادِّكَارِكَا
تَقَبَّلَكُمْ رَبِّي وَأَعْلَى مُقَامَكُمْ
لَدَيْه بِجِنَّاتٍ جَزَاءَ اخْتِبَارِكَا
ووَسَّعَ قَبْراً ضَمَّكُمْ وَأَنَارَه
فَكَمْ كُنْتَ تَهْدِي تَائِهاً بِفَنَارِكَا
إِذَا أَبْحَرُوا حِيْناً وَتَاهُوا بِفِكْرِهِمْ
فَإِنَّ مَرَاسِيْهِمْ تُرَى بِبِحَارِكَا
- الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الواصل