يوسف المحيميد
لن أتطرق إلى فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا، ولا إلى عنصريته وفجاجته، حينما قال: «بعد أن اضطررنا إلى احتمال ثمانية أعوام يخبرنا فيها رجلٌ أسود ماذا نفعل، يفترض أن نجلس لنشاهد ونتحمل ثماني سنوات تحكمنا فيها امرأة؟» فهو عنصري بامتياز، من خلال تصريحاته وقت الحملات الانتخابية، لكن خطابه الرئاسي الأول، وهو المهم، ورغم أنه ليس مكتوبًا، إلا أنه كان مطمئنًا عن التعامل مع جميع الدول، والبحث عن الصداقة لا العداوة، الشراكة لا الاختلافات، والسعي لتحقيق السلام وليس الأزمات، وهذا طبيعي ومتوقع، فالولايات المتحدة دولة مؤسسات تحكمها أنظمة واستراتيجيات واضحة!
أقول لن أتطرق لذلك، لأن فوزه أصبح أمرًا واقعًا، فهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنني سأتحدث عن المفاجأة التي أصيب بها العالم لفوزه، ما عدا الكاتب اللامع مايكل مور، الذي كتب منذ فترة مقالاً لافتاً، أشار فيه إلى خمسة أسباب تجعل فوز ترامب حتميًا، ولن يتسع مقالي هذا إلى استعراض الأسباب الخمسة، ولكن يهني السبب الأخير، الذي ربطه بلحظة مهمة في تاريخ الولايات المتحدة الانتخابي، عندما انتخب سكان مينيسوتا في التسعينات مصارعًا محترفًا ليكون حاكم ولايتهم، ليس لأنهم أغبياء، بل لأنهم أذكياء أكثر مما يجب، ويمتلكون حسًا ساخرًا سوداويًا، فكان انتخابهم آنذاك انتخابًا تهكميًا على نظام سياسي سقيم، وكأنهم عمموا السخرية على باقي الولايات، فانتخب الأمريكان ترامب تعميمًا للسخرية من نظام سياسي مريض!
كأن السخرية مما يحدث في هذا العالم لم تأتِ من العراقيين والسوريين وممن يشعرون بالتشرد والتيه وخواء العالم ووحشيته، بل حتى من الدولة الأكثر استقرارًا وديمقراطية في العالم، دولة حقوق الإنسان، لكنها سخرية تجعل هذه القارة، إن لم يكن العالم بأكمله، مسرحًا كوميديًا وهزليًا، فماذا يحمل المستقبل المظلم بقدوم الرجل الجمهوري الأبيض، بعد مغامرات آخر جمهوري أبيض، جورج الابن، في العراق المحتل؟