يوسف المحيميد
حينما تجد رجل مرور لا يكترث لمخالفة مرورية تقع أمامه، وطبيبا لا يهتم بحالة طبية طارئة أمامه لأن ساعات دوامه انتهت، ومعلما يهدر وقت الدرس على جواله واتصالاته، وممرضة تنشغل عن عناية المريض بالثرثرة، وموظف حكومي يؤجل مصالح المواطنين منشغلا ومتأففا، فإن ذلك يعني انهيار منظومة القيم، وأبرزها قيمة العمل، فالوطن الذي تموت فيه قيمة العمل وأخلاقيات المهنة، يسير حتمًا نحو الفشل، مهما قدمنا له من الخطط والرؤى والأفكار!
علينا أولا أن نصنع جيلا مسؤولا، جيلا محبا للعمل، منضبطا، مخلصا لمؤسسته ودائرته، التي تُعد جزءا من وطنه، فهذه وحدها هي ما تجعل مستقبلنا واضحًا!
إن مجموعة القيم المختلفة، قيم العمل، والمواطنة، ونبذ الطائفية والعرقية، وحريّة التعبير، والقيم الاجتماعية عمومًا، هي ما تشكل شخصية الفرد وسلوكه وهويته، ومن ثم تشكل هوية المجتمع بأكمله، فالمجتمعات عادة تبقى وتستمر وتنمو وتتطور بما لديها من قيم اجتماعية نبيلة، فلا تكفي المكونات الاقتصادية التي تمتلكها الدول، ما لم تكن مرتبطة بمجموعة قيم وأخلاق!
وإن أردنا تحويل مجتمعنا إلى مجتمع قيم، يؤمن بقيم العمل، ويعتبرها من أولوياته، فلا بد أن نصنع الفرد أولا، ولابد أن نؤسسه منذ طفولته، كي يتربى وينشأ من خلال مجموعة قيم اجتماعية مهمة، تصنع منه مجتمعًا منتجًا، قادرًا على تجاوز الأزمات والتحولات الاقتصادية المختلفة.
ماذا لو عززنا مثل هذه القيم الاجتماعية من خلال التعليم؟ وعززنا دور المدرسة سواء من خلال المقررات الدراسية، أو الأنشطة اللاصفية، وألحقنا المعلمين بدورات متخصصة تؤسس لهذه القيم، وتعزز الشعور بالمسؤولية لدى النشء؟ حتما ستكون النتائج واضحة جدًا على تعاملات الجيل الجديد القادم، وسلوكياته، وإرادته، ورغبته في العمل.