«الجزيرة» - باريس:
قادت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حراكاً ثقافياً وفكرياً غير مسبوق وذلك بعقدها شراكة مع جامعة السوربون في فرنسا بباريس, وذلك بتوجيه من المقام السامي الكريم, حيث أثمرت هذه الشراكة عن تأسيس جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كرسي حوار الحضارات بجامعة السوربون باريس1, وقد نتج عن هذا التعاون عقد ندوة علمية دولية بعنوان: «التمثيلات المكانية لشبه الجزيرة العربية», رعاها معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، رئيس مجلس كراسي البحث بالجامعة الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل، الذي أكد في الكلمة التي ألقاها في حفل افتتاح فعاليات الندوة بباريس أن الثقافات المختلفة بعضها يستمد مقوماته من بعض، وهي استمرار لما يخدم العالم ويشيع روح التفاهم، وأضاف معاليه أن كرسي حوار الحضارات يهدف من خلال هذه الفعالية إلى تبيان الحق وفق منهج علمي تأصيلي لتاريخ الأديان التي تدعو إلى الخير والفضل، مستشهداً بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
وقال معاليه: إن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وهي ترعى هذه الفعالية العلمية من خلال كرسي حوار الحضارات وغيره من الوحدات والكراسي والمعاهد والمراكز داخل المملكة العربية السعودية وخارجها تدرك الدور القيادي والمؤثر لها وخصوصاً في هذا الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه إلى التعاون والتفاهم والتعايش وبذل الجهد المستطاع حتى يتحقق الأمن والأمان والسلام في العالم، وأضاف معاليه: إنه لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا إذا قمنا بدورنا الحقيقي كمؤسسات تعليمية وبحثية تعنى بالعلم، وتدرك دورها الفاعل في التوجيه وجمع الكلمة وأدركنا أن كل الديانات في أصلها تدعو إلى المبادئ السامية لترسيخ قيم ودعائم الحوار والثقافة القائمة القائم على أساس التفاهم بين الشعوب، قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرقُوا فِيهِ).
وبيّن د.أبا الخيل أهمية إثراء هذه الندوة بالنقاش الجاد والحوار البناء والطرح العلمي بعيداً عن التعصب والمؤثرات، وقال إن هذا النقاش يقودنا إلى الوصول إلى المأمول بإذن الله.
ونوه معاليه بالجهود التي تبذلها ممثليات المملكة العربية السعودية في الخارج مؤكداً في الوقت نفسه على أن مثل هذه الجهود تعكس واقع المملكة التي تعد راعية للإسلام الصحيح، وذلك من خلال تقدم المعونات للمحتاجين من خلال الأعمال الإنسانية والخيرية التي تحقق العدل والأمن والمساواة, وأكد معاليه أن جامعة الإمام بدورها لن تتردد في دعم الكرسي، والعاملين فيه من هيئة إشرافية وعلمية حتى يصل إلى الهدف الذي أسس من أجله الكرسي، وقد أثنى معاليه على جهود الكرسي، حيث دعا إلى ضرورة التركيز على الدراسات العلمية ذات الطابع العميق لتتناسب مع الواقع الذي نعيشه اليوم.
ورفع معالي د.سليمان أبا الخيل خالص الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولسمو ولي عهده ولسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- على دعمهم وتوجيههم السديد في تنظيم هذه الفعالية ودعمهم اللا محدود لإشاعة السلام والتعايش الإنساني بين الشعوب، كما قدم معاليه شكره لمعالي سفير خادم الحرمين الشريفين بباريس الدكتور خالد بن محمد العنقري، على جهوده في دعم كرسي حوار الحضارات، كما قدم شكره للقائمين على جامعة السوربون باريس، بانتيون ممثلية بنائبة رئيس الجامعة الدكتورة جوان ديفول، وكيل جامعة السوربون باريس، للعلاقات الخارجية، وأستاذ الكرسي الدكتور فيليب بوتريا، كما شكر معاليه أعضاء الهيئة الإسرافية والعلمية ورئيسهما وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية نائب رئيس مجلس كراسي البحث والمشرف على برنامج كراسي البحث الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالعزيز العسكر، ومدير برنامج كراسي البحث المكلف الدكتور صالح بن زيد العنزي وجميع المشاركين في إنجاح هذه الندوة.
ومن جانبه أثنى معالي سفير خادم الحرمين الشريفين بباريس الأستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري في كلمته التي ألقاها نيابة عنه المستشار الدكتور عبدالله بن موسى الطاير على جهود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وحضور معالي مديرها الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا لخيل لهذه الندوة، مبيناً أن موضوع الندوة يلامس اهتماماته العلمية منذ أن كان أكاديمياً ثم وزيراً للشؤون البلدية والقروية ثم وزيراً للتعليم العالي، ثم إشرافه على الأطلس السعودي في طبعتيه الأولى والثانية وهو الأطلس الذي مكن من كشف كنوز من المعروفة التي توثق علاقة الإنسان بالمكان في الجزيرة العربية. وذكر معاليه بجهود العلماء الكبار في علم الخرائط والإدلاء العرب الذين رافقوا الرحالة والجغرافيين الأوروبيين في رحلاتهم في الجزيرة العربية.
وأكد معاليه أن تجاور القارات واختلاط الشعوب وتماثل المشاعر الإنسانية تجعل من حوار الحضارات وسيلة لتخطي معوقات التفاهم والتعايش وأن كرسي حوار الحضارات المقام بالشراكة بين جامعة الإمام وجامعة السوربون يقدم نموذجاً نوعياً للحوار. مؤكداً على أن بناء شراكات علمية بين الجامعات السعودية وجامعات العالم سوف ييسر الجهد لمعرفة أكثر دقة ومصداقية حول شبه الجزيرة العربية التي تعد المملكة جزءًا منها، كما أن هذا النوع من التعاون والشراكات سوف يضيق للاختلاف في وجهات النظر بين المتخصصين العرب ونظرائهم الأوروبيين.
مؤكداً معاليه على أهمية موضوع هذه الندوة التي ستعيد قراءة التمثيلات المكانية لشبه الجزيرة العربية وكيفية استخدام الخرائط عبر العصور المختلفة من قبل المجتمعات العربية والأوروبية للانتقال من التعرف على المكان لاستكشافه ثم إعادة تعريفه.
وكما أوضحت نائبة رئيس جامعة السوربون للعلاقات الدولية الدكتورة جوان ديفول عن اعتزاز الجامعة بعلاقتها مع جامعة الإمام مرحبة بمعالي مدير جامعة الإمام ورعايته لهذه الندوة وقالت إن هذه الندوة تأتي في سياق جهود كرسي حوار الحضارات وتتميز بأهمية موضوعها وتناولها عدة تخصصات ذات علاقة بالتمثيلات المكانية لشبه الجزيرة العربية ويشارك فيها نخبة من الباحثين في العالم.
وفِي ختام الحفل سلّم معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل الدرع التذكاري لبرنامج كراسي البحث لمعالي سفير خادم الحرمين الشريفين في فرنسا الدكتور خالد بن محمد العنقري تسلمها نيابة عنه المستشار وممثل معالي السفير الدكتور عبدالله بن موسى الطاير.
كما قدم معالي المدير درعين تذكاريين لكل من نائبة رئيس جامعة السوربون باريس وأستاذ كرسي حوار الحضارات الدكتور فيليب بوتريا.
وامتداداً لفعاليات التي عقدتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالشراكة مع جامعة السوربون بباريس رعى معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في باريس ختام البرنامج التدريبي حول التعايش ونبذ الكراهية, حيث أكد سعي الجامعة الجاد لتحقيق رؤية وتطلعات ولاة الأمر -حفظهم الله - القائمة على تمثل منهج التوسط والاعتدال والإسهام في سيادة الأمن والسلام في كافة أقطار العالم من خلال الدعوة للتعايش والحوار بالحسنى، وبيّن معاليه أن ما تقوم به الجامعة ممثلة بكرسي حوار الحضارات المقام بالشراكة مع جامعة السوربون باريس1 تمليه مكانة الجامعة ورسالتها العالمية باعتبارها جامعة وطنية ذات رسالة عالمية، ترتكز على المبادئ الرئيسة التي قامت عليها المملكة منذ تأسيسها على يد جلالة المغفور له الملك عبدالعزير، لا سيما أنه - رحمه الله - واضع اللبنة الأولى للجامعة.
وشدد معاليه في الكلمة التي ألقاها في ختام البرنامج التدريبي الذي أقامه كرسي حوار الحضارات بباريس بعنوان «أسس ومبادئ وتطبيقات الاتصال من أجل التعايش الإنساني ونبذ الكراهية» خلال المدة 16- 18 محرم 1438هـ، على أن مما يعول فيه على أساتذة الجامعات والنخب الجامعية هو التعامل الإيجابي مع متغيرات العصر وإخضاع العلاقة مع الآخر للنظرات الموضوعية التي تأخذ في الاعتبار المصالح والمفاسد وتستشرف الآفاق لما فيه مصلحة الدين والوطن وتحقيق تطلعات ولاة الأمر وما يسهم في تحقيق المصالح الإنسانية.
وأكد معالي الدكتور أبا الخيل على أهمية ترجمة ما قدم في البرنامج لنرى آثارها على المجتمعات، مضيفاً: إننا نحتاج أن نبين المنهج الصحيح الذي تسير عليه المملكة ليعلم العالم أن الدين الإسلامي دين يقوم على نبذ التطرّف والإرهاب والغُلو وأن هذا البرنامج التدريبي الذي نحضر اختتام فعالياته اليوم دليل على ما تقوم به الجامعة لدعم رسالة المملكة ولذا فهي دائمًا ما تجد التأييد والمؤازرة والمباركة من ولاة أمرنا حفظهم الله جميعاً.
وقال معاليه: إذا كنا اليوم نختتم هذا النشاط الذي ينظمه كرسي حوار الحضارات فإننا سندشن الأسبوع المقبل كرسياً آخر في جامعة بولونيا بإيطاليا باسم كرسي الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية وأكد أن هذه الخطوات لها دلالة عميقة، تشير إلى أن دولتنا بمؤسساتها التعليمية والبحثية تسعى إلى إثراء العالم بالمعارف والخبرات وتعزيز السلم والسلام، وأضاف: هذا البرنامج التدريبي سيعقبه عدة برامج في شكل ندوات ودورات متعددة في مفاهيمها ورسالتها ورؤيتها في جامعة الإمام وجامعة السوربون باريس، وذلك تفعيلاً لرسالة الكرسي وأهدافه.
وأشار معاليه إلى أن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أوفت بالمستحقات المالية المترتبة عليها لتمويل كرسي حوار الحضارات، حيث تم إيداع الدفعات المستحقة على الجامعة في حساب الكرسي، متطلعاً إلى أن يرى الجميع ثمار هذا التمويل واضحاً في نشاطات الكرسي العلمية والبحثية.
وأردف معاليه بالتأكيد على ضرورة أن تنعكس المعارف والخبرات التي تلقاها المتدربون على تفاعلهم في مجال الحوار والدعوة إلى التعايش في الأوساط المحلية والدولية التي يتعاملون فيها.
ورفع معاليه في ختام كلمته الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولسمو وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله جميعًا- على ما تجده الجامعة وبرامجها المحلية والدولية من تقدير ودعم لا محدود، مبيناً أن موافقة المقام السامي الكريم على رعايته لهذا البرنامج التدريبي أكبر دلالة على تقدير القيادة الرشيدة للجامعة وتثمين مبادراتها الدولية.
وقد افتتح حفل ختام البرنامج التدريبي بكلمة لأستاذ الكرسي الدكتور فيليب بوتريا بيّن فيها أهدافه وفعالياته، مقدماً الشكر لمعالي مدير الجامعة على رعايته لختام البرنامج، ثم ألقى رئيس اللجنة الإشرافية للكرسي كلمة شكر فيها معالي مدير الجامعة على ما وجده البرنامج التدريبي من اهتمام من معاليه، مبينا أن هذا البرنامج والندوة التي ستعقد في إطار الكرسي يدلان بجلاء على تواصل نجاحات برنامج كراسي البحث في جامعة الإمام على المستويين المحلي والدولي، بعد ذلك ألقيت كلمة المشاركين في البرنامج ألقاها الدكتور علي بن يوسف الزهراني وكيل كلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى شكر فيها القائمين على كرسي حوار الحضارات و على رأسهم معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبالخيل مثنياً على المبادرات الرائعة والنجاحات المتميزة التي تحققها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مؤكداً في الوقت نفسه على الفائدة الكبيرة التي جناها المشاركون في الدورة.
الجدير بالذكر أن البرنامج الذي اختتم حضره عدد من قيادات الجامعات السعودية من الوكلاء والعمداء ورؤساء الأقسام إلى جانب عدد من مسؤولي القطاعات الحكومية ذات العلاقة بالاتصال بالآخر، وشملت عدة محاضرات تناولت أسس الاتصال الثقافي والحوار الحضاري ومبادئه ومهاراته، إلى جانب تطبيقات عملية على وسائل التواصل الاجتماعي قدمتها الدكتور ليدا منصور من جامعة نانتير باريس 10، وتحديات الحوار مع الآخر: العنصرية نموذجاً، قدمتها الدكتور كارول رينايود، من جامعة سانتر، كما قدم الدكتور عبدالله بن موسى الطاير، مستشار معالي سفير خادم الحرمين الشريفين في فرنسا محاضرة حول موقف المملكة من الآخر، وعنايتها بتحقيق التعايش الإنساني وتعزيز السلم الدولي، وقدم الدكتور نيكولاس هوب من جامعة السوربون باريس1 محاضرة حول المتغيرات الدولية ذات العلاقة بالاتصال بالآخر، ودور الصحافة والإعلام في الحوار، واختتم البرنامج بحلقة تطبيقية حول الاتصال بالآخر، ودور النخب فيه: حلقة نقاش ونماذج واقعية، أدارها الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الرفاعي، عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأستاذ كرسي اليونسكو للحوار بين أتباع الديانات والثقافات.