المدينة المنورة - علي العبدالله:
«مَن له تاريخ سيعود حتماً، والكبار كذلك يفعلون دوماً»، تذكّرت هذه المقولة، وأنا أتابع بشغف انتصارات الاتفاق تتوالى جولة بعد أخرى في دوري جميل المثير.
«الاتفاق الجديد»، والذي يقوده رجل المال والأعمال الشاب خالد الدبل «ورث حب الاتفاق عن والده»، ينتزع الإعجاب، ويكسب التعاطف من جديد، وكأن فارس الدهناء يعيد سيرته الأولى، عندما كان يكتسح منافسيه في الملعب، ويزيد رصيده في المدرج من الأنصار والمحبين إبان عهد ثلاثي النجاح آنذاك: عبدالعزيز الدوسري «رئيساً»، خليل الزياني «مدرباً» وهلال الطويرقي «مشرفاً» على الفريق، وبمشاركة نجوم يغلب على أدائهم اللعب الجماعي بقيادة «ملك الوسط» صالح خليفة الذي تزيّن ذات مناسبة تاريخية بقيادة منتخب نجوم آسيا، ومعه شقيقه الصلب عيسى خليفة، والمبدع فيصل البدين، والنجم الصاعد في وقتها عمر باخشوين ورفيقه مروان الشيحة، والهداف البارز جمال محمد، ودفاع يميزه سامي جاسم والنمشان، ومن خلفهم الحارس «المطاطي» مبارك الدوسري الذي تفوَّق على أقرانه الحراس على الرغم من قصر قامته. كل أولئك كان يساندهم جمهور واع ومخلص يهتف بصوت واحد «بطولة.. يا بطولة.. والإتي من يطوله».
عودة الاتفاق تثير أشجاني بحكم أنني اتفاقي (الهوى). عُدت بشريطِ ذاكرتي إلى الوراء وتحديداً عندما كان هذا الفريق البطل متسيدًا للبطولات المحلية والإقليمية في ثمانينيات القرن الماضي. وطاف بي مشهد (أسقاني) فرحة لا تنسى في طفولتي وتحديداً في العاشرة من عمري وذلك عندما أحرز اللاعب جمال محمد هدفاً برأسية جميلة في مرمى العربي الكويتي ليتوّج ببطولة كأس الأندية الخليجية حينها ليرسم بهجة ظننتها لن تتكرر قياساً بالأحداث الموجعة التي مر بها النادي حتى وصلت به إلى الهبوط إلى الدرجة الأولى، ثم المصارعة للعودة لدوري الكبار حتى عاد بصعوبة، ثُم بدأ الدخول في مرحلة (الشيخوخة) التي استدعت (ضخ) الدماء الشابة لتجديد روح وعطاء هذا الفريق.
عشقي للاتفاق جعلني ابتعد عن مشاهدة المباريات التي يخوضها بعد سلسلة متكررة من خيبات الأمل في مراهقتي حتى أصبح مشاهدة مباراة واحدة لفريقي المُفضَّل تُسهم في إحباطي كثيراً، فهجرته كما فعل غيري من الاتفاقيين وخصوصاً من جيلي الذين عاصروا أمجاده وتحسروا على غيابه عن الأضواء، وابتعاده عن المنافسة كثيراً.
للاتفاق في سابق عهده (فن) كروي يسحر الألباب، ولا أبالغ إن قلت إنه كان الفريق الوحيد الذي يلعب اللعب الجماعي بلغة (السامبا) فذاك الجيل الذهبي الذي سبق زمانه.
خسر الاتفاق مباراته الأولى بسبب قرارات تحكيمية، ولكن الكبير يعود مجددًا، فاز على النصر، وألحقه بالهلال في عقر دار الزعيم، وأتبعهما بالباطن العنيد، في جولات لا تعترف إلا بتجميع النقاط، والنواخذة جمعوا النقاط والمستوى معاً.
شاهدت «النواخذة» وتأكدت من وجود مدرب خبير يعرف ماذا يريد من كل مباراة، فهو يقرأ خصمه ببراعة تُحسب له، ويتضح ذلك من تشكيله الأساسي وتغييراته خلال المباريات، ويعرف أيضاً قدرات لاعبيه جيدًا، ويحظى بدعم كبير من إدارة طموحة تؤمن بالتخصص.
كلي أمل والاتفاقيين من جيلي «الطيبين» أن نرى الاتفاق يواصل قفزه الحواجز، وهو يعدو قُدماً برأسٍ مرفوعة، وروح عالية ترفض الهزيمة، وتتوق للانتصارات في سبيل استعادة المجد الكروي، والمنافسة بقوة على لقب الدوري.