تحقيق - خالد العطاالله:
إلى متى يُعاني غير المدخنين في بلادنا من تلوث الأجواء في الأماكن العامة؟ حيث نجد أن معظم الحدائق والمنتزهات والملاعب والمولات والمطاعم والطرقات تكثر فيها تواجد المدخنين دون مراعاة حقوق غيرهم في استشاق هواء نقي، والتدخين السلبي، وهو استنشاق غير المدخنين لرائحة دخان السجائر.
ويترقب المجتمع بلهفة تطبيق لائحة مكافحة التدخين الجديدة التي تم الإعلان عنها أخيرا علها تساهم بأن تكون الأمكان العامة نقية وخالية من التدخين.
بداية تحدث لـ«الجزيرة» استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين والتصوير النووي والطبقي للقلب دكتور خالد النمر فقال: خطر الدخان لا يتوقف عند من يتعاطاه بل يتعداه إلى من يستنشقه ويسمى علمياً بالتدخين السلبي، ويكثُر في عيادتي المراجعون الذين يعانون أمراضاً متعلقة بالتدخين السلبي وهم في الأصل غير مدخنين ولكن تأثروا بسموم الدخان في المجالس والأماكن العامة، وأضاف: هناك خطوات استباقية محلية في منع التدخين في الدوائر الحكومية والمطارات والأماكن العامة وأتمنى أن يستمر تفعيل هذه القوانين ومراقبة تطبيقها لينعكس ذلك بشكل اكبر على صحة المواطنين على المدى البعيد وتوفير جزء كبير من الميزانية التي تصرف على علاج مرضى التدخين ومضاعفاته.
لائحة مكافحة التدخين سترى النور قريباً
وطمأن مدير الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين ببريدة محمد صالح التويجري الجميع أن جهودا تبذل على الأصعدة كافة لمحاربة التدخين في المملكة، وقال: أنهينا مؤخراً اللقاء الرابع لاجتماعات اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ، وهناك اجتماعات متوالية للجنة التنسيقية لجمعيات مكافحة التدخين في المملكة التي تعنى بموضوع مكافحة التدخين تحديدا.
ونوه التويجري إلى أن البدء الفعلي بتطبيق لائحة مكافحة التدخين الجديدة سيكون قريبا وذلك بعد صدور نظام مكافحة التدخين بمرسوم ملكي قبل حوالي عام.
راجياً ألا تثير هذه اللائحة المدخنين لأنها في نهاية المطاف لصالحهم ولصالح الأجيال القادمة، ومتمنياً أن تكون مرغبة لهم لتدارك صحتهم وإعلانهم توديع هذا الخطر المميت، وعن أبرز ملامح هذه اللائحة أفاد بأن منها رفع السعر الحالي للعلبة الواحدة وسن غرامات جديدة في الأماكن التي يحظر فيها التدخين وتقنين محلات البيع وغيرها الكثير مما سيحد بشكل ملفت من أعداد المدخنين مستقبلا.
وفي ختام حديثه دعا كل مدخن المبادرة في الإقلاع عن التدخين وأن التسويف يؤدي به إلى اليوم الذي لن يستطيع معه فعل شيء.
عيادة التدخين تشهد إقبالاً كبيراً
وفي ذات السياق، فقد بيّن دكتور مازن عبدالله حمادة فني العلاج بعيادة مكافحة التدخين بالزلفي أن هناك إقبالا كبيرا على العيادة من جميع الأعمار للعلاج وخاصة عند تكثيف التوعية للعيادة والتعريف بأخطار وأمراض التدخين ومشاركتنا مع الدوائر الحكومية بالمحافظة لتفعيل برنامج مكافحة التدخين وذلك بإقامة المعارض وإلقاء المحاضرات، وبجميع مدارس الزلفي والكليات والمعاهد، وهذا له أثر كبير في الإصرار ووجود العزيمة للمدخنين لمراجعة العيادة والبدء في العلاج والإقلاع عن التدخين بإذن الله.
مدرجاتنا الرياضية ستكون نقية
وعن نقاء مدرجات الرياضة تحدث محمد بن عبدالعزيز المنيع نائب رئيس الإتحاد السعودي لكرة اليد أمين الإتحاد العربي للعبة قائلاً:
الأماكن العامة ملك للجميع فإذا كنت تُمارس حياتك كما تريد فنحن كذلك لا بد أن نعيشها كما نريد لذلك ممارسة السلبيات لن تكون حرية شخصية إذا كان هناك جانب يتعلق بالآخرين، ففي المجال الرياضي نشجع الجميع على ممارسة الرياضة، والدولة تولي اهتماماً كبيراً بهذا القطاع، والهدف من ذلك هو مساعدة الشباب على ممارسة الرياضة، وإبعادهم عن الأمراض المتعلقة بعدم ممارستها، وهناك أهداف أخرى منها الفوز بالمسابقات ورفع العلم السعودي في المحافل، ولكن ما يهمنا هنا هو ممارستها من ناحية الجانب الصحي ولكن عندما تكون الأجواء المحيطة بالرياضي أو ممارس الرياضة غير صحية بسبب أن الأجواء المحيطة مليئة بالغازات التي يصدرها المدخنون، فسيصيبون الرياضي والمشاهد بأضرار التدخين السلبي، ولهذا أصدرت هيئة الرياضة قرار منع التدخين في المدرجات ولكن يبقى تطبيق العقوبة وقبل ذلك منع دخول علب السجائر للملعب حالها حال الأشياء الممنوعة والمحظورة في ملاعبنا.
سلوك خاطئ لا يراعي الآخرين
وقال الشيخ محمد بن أحمد البداح: التدخين فيه إلحاق الضرر بالآخرين وهذا مخالف لقاعدة الشرع (الضر يزال) التي أخذت من حديث (لا ضرر ولا ضرار)، كما أن فيه تطبيع وتعويد عليه وتهوين له فيربو الصغير وينشأ على عدم استنكاره، كما أن فيه عدم احترام وتقدير للحاضرين وهذا من سيئ الأخلاق، ومن خلاله يتم اتساخ المرافق العامة وقد يتسبب بحريق وهذا يتكرر كثيرا.
الغرامات الفورية رادع هؤلاء
وقال أسامة بن محمد الرشيد: التدخين في الأماكن العامة سلوك خاطئ وفيه عدم احترام للنفس أولاً ولمشاعر الآخرين، فهذا طفل وذاك شيخٌ كبير وتلك امرأة، وهناك المريض، فما ذنبهم، وقد تكون أيضا سبب في تدخين أحدهم، فالمرافق العامة ملك للجميع لا ينبغي لمثل هذه الآفة أن تكون فيها، ثم لا بُد أن تكون هناك جهة واضحة للجميع مسئولة عن استقبال البلاغات عن هؤلاء المدخنين الذين لم يحترموا مرتادي هذه المرافق على أن تكون هناك غرامات فورية لأي مدخن وإلا فلن يتغير من الأمر شيء، وفي الوقت نفسه أتمنى أن يكون في أي مرفق عام مكان مخصص ومهيأ للمدخنين الذين لا مناص لهم عنه حتى لا يكون لهم عذر عافانا الله وإياهم.
تخصيص أماكن للتدخين في المرافق العامة
كما تحدث عبدالله بن مساعد العبدالمنعم قائلاً: لمنع التدخين آثار إيجابية على المستويين القريب والبعيد، وإني أرى أن قانون منعه سيلاقي (فعلياً) موافقة شبابية واسعة في القسمين المدخن وغير المدخن، فالتدخين ضار بالصحة، ومهدر للأموال، والكل يرغب بالتخلص منه وهذا القانون سيكون أداة داعمة لمنع التدخين، أما على المستوى البعيد فإنه بالتأكيد سيحدث انخفاضا كبيرا في مستوى المدخنين الأطفال الذين سيدركون أن التدخين ظاهرة غير أخلاقية ومجرمة بحق النفس، بالتالي انخفاض نسب المدخنين والحياة ستكون أكثر إيجابية وصحية.
وأتمنى تخصيص أماكن للتدخين في المرافق العامة طالما أنه لا مجال للمدخنين عن الإقلاع عنه.