«الجزيرة» - عبير الزهراني وجمال الحربي:
أكَّد اقتصاديون لـ«الجزيرة» أن قرار مجلس الوزراء بتأسيس صندوق قابض برأسمال قدره 4 مليارات ريال يعد خطوة إيجابية تعزز قوة ومكانة الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر الدخل.
وقال الكاتب الاقتصادي أحمد الشهري، إن قرار مجلس الوزراء تأسيس صندوق للاستثمار في الملكية الخاصة والمال الجريء من خلال صندوق الاستثمارات العامة ووزارة التجارة يُعدُّ نقلة نوعية لدعم الأعمال القائمة التي ترغب في التوسع أو تطوير منتجاتها، أو حتى الانتقال إلى مستويات تشغيلية أعلى أو حتى استخدام الأموال القادمة من المشاركة الفردية أو صناديق الملكية الخاصة في تلك الشركات للاستحواذ على أعمال مماثلة، تمثل ميزة مهمة لترقية أساليب إدارة الأصول والاستثمار، الملكية الخاصة تسعى إلى زيادة كفاءة الأسواق للشركات غير المدرجة في الأسواق المالية، الاستثمار في الملكية الخاصة والتمويل من خلال رأس المال الجريء يمنح الأعمال الصَّغيرة والمتوسطة الناجحة فرصة للنمو والتحول إلى شركات كبيرة من خلال الحصول على شركاء تنفيذيين أو تمويل ومشاركة في الأرباح.
وأضاف الشهري: لعل الأعمال التي ستحصل على فرصة لتمويل أعمالها من خلال شركاء يمتلكون الخبرة والأدوات اللازمة للنمو سيختصر الوقت والزمن للنجاح؛ ولقد أثبتت الصناديق الخاصة في الخليج والمنطقة قدرتها على تحويل أعمال ناجحة إلى كيانات اقتصادية متميزة بعد تمويل تلك الأعمال الصَّغيرة والمتوسطة، إِذ إن الشركات غالبًا التي لا تستطيع الاقتراض من المصارف سيكون متاحًا لها تمويل أعمالها من خلال انتشار مفهوم الملكية الخاصة بين المستثمرين الأفراد والصناديق المتخصصة في الملكية الخاصة، ولعل تقاسم المخاطر بين مالك الشركة وبين المستثمرين الجدد من خلال الملكية الخاصة ما يميزها عن التمويل التجاري من المصارف التجارية الذي لا يقرض من دون ضمانات.
كذلك من المرجح أن تشهد الشركات العائلية التي لا ترغب في دخول الأسواق المالية نقلة نوعية من خلال صناديق الملكية الخاصة، ولا سيما التي تحمل سجلاً حافلاً من التدفقات النقدية عبر السنوات الماضية.
وتضمن القرار تكوين جمعية مهنية تجمع المهتمين بالملكية الخاصة ورأس المال الجريء، وستكون بمنزلة المرجع المهني والتشريعي في تطوير قطاع الاستثمارات المتخصصة، وستسهم في تقديم التدريب والشهادات المهنية والمعرفة اللازمة للمهتمين على غرار الجمعيات المهنية المتخصصة عالميًا.
من جانبه، أوضح المحلل الاقتصادي عماد رشيد الرشيد أن صندوق رأس المال الجريء هو أحد اشكال التمويل للمشروعات النادرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية والبرمجيات والتقنيات المتقدمة فهو يختلف كليًا عن طرق التمويل التقليدية الائتمانية والقروض، فهو عبارة عن شراكة بين الصندوق ومالك المشروع لذلك يرتبط ارتباطًا كليًا بنمو المشروع وقدرته على تحقيق الأرباح.
وأضاف أنه عادة ما يتم اختيار مثل هذا النوع من المشروعات بعد دراية وتمحيص للمشروعات المعروضة للاستثمار، كما لا يتم الدخول إلا بالمشروعات ذات العوائد أو التي من الممكن أن تعود للربح والنفع للمجتمع والاقتصاد بعد إعادة هيكلتها من خلال نقل المعرفة من الصندوق إلى المشروع المستهدف بشكل احترافي، لافتًا في هذا الصدد إلى أن التركيز يتم في عملية الاختيار للمشروعات على المشروعات النادرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية والبرمجيات والتقنيات، المشروعات الصناعية، المشروعات المحلية والعالمية ذات العوائد والنمو، والمشروعات التي تدعم الاقتصاد المحلي.
وبين الرشيد، أن من أهم أهداف الصندوق خلق عمل مؤسسي للأعمال التجارية والصناعية الجديد، المساهمة في عملية التحفيز والتطوير للشركات والمؤسسات الصغيرة، نقل الخبرة إلفي المشروعات الناشئة، دعم توسع المشروعات الناشئة، ودعم وتحفيز الفرص الاستثمارية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مضيفًا بأن كل ما تقدم ذكره يصب في مصلحة المشروعات سواء كانت صغيرة أم كبيرة من جهة وبالتالي كل هذا الريع يصب في مصلحة الاقتصاد من جهة أخرى، فنجاح هذا البرنامج سيخلق مصادر بديلة للدخل وبالتالي تنعكس إيجابًا على مستوى عيش ورفاهية المواطن بما يتناسب مع خطة 2030.
بدوره، قال الاقتصادي الدكتور عبدالله باعشن: إن تأسيس صندوق سيادي متخصص في رأسمال الجريء والملكية الخاصة يهدف إلى تنويع الاستثمارات وتعظيم العوائد وتوزيع المخاطر، وانتقال إلى مواكبة توجه المملكة في التحول من الاستثمار المحافظ وانخفاض العوائد والتحوط وهو ما مركزت عليه المملكة في العقود الماضية تمشيًا مع زيادة إيرادات النفط واستقرار الأسعار والإنتاج، خاصة أن الدورات الاقتصادية والمتغيرات الحالية تتطلب هيكلة الاستثمارات كرافد مالي للدول.
وأضاف: من أمثلة أنموذج أعمال الاستثمار الجريء وسائل التواصل الاجتماعي التي تستحوذ على شريحة عالية من المستخدمين (تويتر وغيرها) وبرامج التجارة الإلكترونية، إلى جانب عامل الإبداع والاختراع وخلق أصحاب ثروات شابة خرجت من النمط التقليدي في عالم المال والأعمال. ويتفق معه الاقتصادي عبدالله الرشود، مبينًا أن هناك شركات ضخمة على مستوى العالم كجوجل وفيسبوك وتوتير جميعها بدأت كمشروعات صغيرة لشباب طموحين استطاعوا تحقيق ثروات كبيرة وزيادة في الناتج القومي لبلدانهم، إلى جانب مجالات أخرى كفايف قايز وحلال قايز في مجال المطاعم نجحت بشكل كبير وحققت إنجازات. من جهته، قال الدكتور عبدالله المغلوث: هذه خطوة إيجابية تعزز قوة ومكانة الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر الدخل، وهذه الموافقة جاءت لتؤكد أن هناك استثمارات ومشروعات تمكن المستثمرين من تحقيق أرباح، بل وتسهم في المشروعات التنموية وتُعدُّ هذه الخطوة أن المال الجري أحد مكونات الاستثمار بل يسهم في إضافة دخل لهذه الصندوق، والمملكة اتجهت من خلال رؤية 2030 والتحول الوطني 2020 إلى تنويع المصادر وإيجاد تحفيزات أخرى تسهم في الناتج المحلي بل وتعطي فرصة إلى دعم ميزانية الدولة من فائض تلك الصناديق وغيرها والآن لم يعد اعتمادنا على النفط بل هناك توجهات إلى خلق فرص استثمارية ناجعة من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية داخل المملكة ومشاركة الشركات العالمية في رأس مالها ومشروعاتها وهذا ما حصل مع «أوبر».