مهدي العبار العنزي
منذ أقدم العصور تعاملت الأمم والشعوب مع الحقيقة على أنها الحق الواضح الذي لا لبس فيه وكل ما عداها يعتبر ضلالاً، ويجب الاعتراف أن الحقيقة ليست حكراً على شعبٍ من الشعوب أو مجتمع من المجتمعات أو طائفة من الطوائف، ويجدر بنا أن ندرك أن التوصل للحقيقة لن يتم من خلال الجمود والتمسك بالمورثات الخاطئة ولا يتم بالتعصب للأراء، وقد أجاز لنا دين الرحمة البحث عن الحقيقة وعلى لسان سيد البشرية نبي الهدى محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي شدد على أنها ضالة المؤمن يأخذها من حيث وجدها ولا يبالي من أي وعاء خرجت، كما أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال اعرف الحق تعرف أهله، لهذا فإنه على كل إنسان مدرك وواعٍ أن يعترف بأهمية الحقيقة لأن أي مجتمع من المجتمعات إذا افتقدها فقد كل شيء لأنها تمثل الفضائل والأخلاق وهي الصدق الذي يتعارض مع الكذب نعم أن المجتمع الذي يفتقر لهذه القيم لم يبق له على ظهر الأرض من نصير؛ لقد أصبح العالم اليوم بأسره يفتقد إلى الحقيقة المطلقة وساهمت قنوات تلفزيونية يعتقد من يشاهدها أن كل ما تعرضه عين الحقيقة وهي في حقيقة الأمر بعيدة كل البعد عن ما يتوقعه منها المتلقي، وفتحت المجال لكل من يريد الحديث عن كل قضايا العالم حتى ولو كان واهماً يوهم الآخرين أن لديه المعرفة بكل شيء وهو في الواقع لا يعرف أي شيء ومثل هذا ينطبق عليه المثل القائل (يهرف بما لا يعرف) والسؤال إلى متى نبقى على هذه الحال نصدق الأكاذيب ونتفاعل مع من يروجون الشائعات؟ ولم نكلف أنفسنا من أخذ الحقائق من مصادرها الحقيقية الصادقة! ولماذا نلهث خلف كل الدعايات المضللة ونصفق لقنوات الفتنة والضلال التي ساهمت في زرع الشقاق والعداوات بين أبناء الدين الواحد، ولماذا لا نتعظ بالسلف الصالح الذي يرفض رفضاً قاطعاً التضليل والتهويل والتحريف والتزييف وقلب الحقائق هذا السلف الذي لا يقر أن يصبح المجتمع المسلم مجتمعاً لا يملك العقل الذي يميز بين الخير والشر، فهل نتعظ ونملك الشجاعة التي من خلالها نرسخ في أذهان الأجيال أنه لا شيء أولى بطالب الحق من الحق.