د. عبد الله المعيلي
سيظل الصراع بين الحق والباطل، بين الخير والشر، قائماً إلى أن تقوم الساعة، ومع هذا فمهما كانت سطوة الباطل، وقسوة الشر، ومهما كانت القوة الدافعة له ناعمة أم خشنة، فالحق حتماً باق يعلو ولا يعلى عليه، وجذور الخير راسخة باقية، أما الباطل فهو أهون من بيت العنكبوت، ومصيره حتماً إلى زوال، إنه التدافع الذي يبقي النفوس حية، والضمائر يقظة، والإرادة ثابتة تتكسر على صخورها الصلدة كل رماح الباطل وشروره، وقوته وقواه.
من المعلوم من سنن الحياة أنه كلما علا ضجيج الباطل دل ذلك على صواب الحق، محتوى ومنهجاً، وبالتالي فإن جلبة الباطل وضجيجه، وإن جعجع داعته والمؤمنون به يجب ألا تفت من عضد ذوي الحق ودعاته، وعليهم أن يدركوا أن هذه الأصوات الناشزة لن تهدأ ولن تتوقف، بل تزداد شراسة وحماقة كلما شعرت بثبات معالم الحق واتسعت دوائره.
نشأ التآمر على الوهابية بسبب تصدي هذه الدعوة الإصلاحية التجديدية المباركة لكل أوجه الانحراف العقدي، هذا الانحراف الذي أبعد الناس عن مصادر التكوين الشرعي الصحيح المتمثلة في الكتاب والسنة، إلى مصادر شتى من المفاهيم المصنوعة المغلوطة، والممارسات البدعية المنكرة التي تبنتها مذاهب وملل فاسدة، هدفها الرئيس إبعاد الناس عن إسلامهم الحق، والزج بهم في أتون الباطل الذي جردهم من بشريتهم وسمو أخلاقهم، فإذا بهم مثل البهائم - بل هم أضل - تساق إلى المذابح بكامل إرادتها، لأنها ابتعدت عن مصادر تكوينها الذي ارتضاه الله لها، وسلمت عقولها إلى مقولات وهذاءات وخزعبلات مصنوعة ساذجة، مجهولة المصدر، فاستغلت العواطف الجياشة الغالبة على العقل من قبل شياطين المذاهب المنحرفة الذين حققوا بهذا غايتين، الإبعاد عن الإسلام الحق، وجلب المبالغ الطائلة من هؤلاء الأشباه البشرية المشوهة عقولهم، المنحرفة فطرهم.
تأتي الصفوية المجوسية على رأس قائمة المذاهب التي ضللت المسلمين وحرفتهم عن دينهم، ولا مشاحة عندما تعد الصفوية الدعوة الإصلاحية الوهابية عدوها الأول، لأن هذه الدعوة هي التي كشفت عور هذا المذهب وخرفاته، هذا المذهب الفاسد المنحرف، الذي تأباه العقول الراشدة، والفطر السوية، وهي التي ما زالت تتصدى لهذاءات معممي هذا المذهب الضال ومقولاتهم التي لا يخفى زيفها لمن فتح الله على قلبه وهداه للحق الذي بلغه رسول العالمين سيدنا الهادي الأمين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه.
ليست الصفوية المجوسية وحدها من يعادي الوهابية ويحاربها، بل يشاركها في ذلك غلاة الصوفية، وأخص صوفية قبرص وبعض الغلاة في السودان ومصر، هؤلاء الضالون المضلون لن يتوانوا أبداً عن معاداة الوهابية ومحاربتها، لأنهم يعلمون تمام العلم أن هذه الدعوة المباركة تعارض بل ترفض كل معتقداتهم وممارساتهم البهيمية الصبيانية التي يجنون من ورائها المال الوفير والجاه والسمعة والمكانة بين أتباعهم ومريديهم، على حساب توحيد هؤلاء الأتباع وسلامة عقيدتهم.
وعلى الرغم من معاداة مجوس الصفوية، وغلاة الصوفية، إلا أن المملكة العربية السعودية متمسكة بهذه الدعوة المباركة ولن تتخلى عنها مهما علت وتكالبت قوى الشر وحاربتها، هذه الدعوة الإصلاحية أحيت التوحيد ورسخت جذوره في النفوس، ولأنها دعوة متوافقة مع الفطرة السوية، هناك علماء ومفكرون وأدباء ومؤرخون عرفوا حقيقة الوهابية حق المعرفة فأنصفوها وقالوا فيها: قولاً حقاً صادقاً أميناً، وسوف نستعرض جملة من أقوالهم في المقال التالي.