«الجزيرة» - جمال الحربي:
أكدت وزارة الزراعة، عدم صحة الدراسات التي تحدثت عن خطورة محاصيل مزارع جنوب الرياض على الصحة، نتيجة استخدامها مياه الحائر ووادي حنيفة الملوثة في عمليات الري.
وقال المستشار بقطاع الموارد الطبيعة الزراعية في وزارة الزراعة الدكتور علي الجلعود لـ «الجزيرة»، أنه من الناحية الإجرائية أشارت الدراسة إلى وجود عدد هائل من مزارع النخيل تستفيد من المجرى وهذا غير صحيح، حيث اعتمدت الدراسة على معلومات قديمة ولكن بعد قيام الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بتطوير جوانب المجرى تم إيقاف جميع المزارع التي تستفيد منه بصورة مباشرة.. وأضاف: حالياً تعتمد هذه المزارع على الآبار فقط، وأسلوب الري فيها المقيد فقط، أما البعيدة عن المجرى وحسب المسافة النظامية فيتم تحليل آبارها بصورة دورية قبل السماح لهم بالزراعة غير المقيدة ونرفق لسعادتكم التقرير الفني عن جودة مياه الآبار للمزارع القريبة من مجرى وادي حنيفة في مدينة الرياض لشهر رمضان لعام 1437هـ، ويتضح من نتائج التحاليل عدم وجود تلوث بكتيري في تلك الآبار وصلاحيتها للري غير المقيد ويتضح كذلك من تحاليل مياه المجرى مناسبته للري المقيد.
وكانت نتائج دراسة قد أكدت خطورة استخدام محاصيل مزارع جنوب الرياض على البشر، والتي يتداول بيعها في بعض أسواق الخضار في الرياض. وأكدت الدراسة التي تم إعدادها في جامعة الأميرة نورة في الرياض من قبل عدد من الباحثات في قسم الأحياء أن تلك المزارع تستخدم مياه الحائر ووادي حنيفة الملوثة في ري المحاصيل، ومن ثم بيعها في أسواق الخضار بالرياض.
وأثبت الدراسة تلوث مياه وادي حنيفة والحائر جرثومياً وكيميائياً والتي تستخدم بالري الزراعي لمزارع الرياض وذلك لقصور معالجة مياهها تقنياً، وأوضحت، أن الإِنسان المستهلك لمحاصيل مزارع جنوب الرياض قد يتعرض لأمراض كالبلهارسيا والتهاب الكبد الوبائي والتفوئيد، بالإضافة إلى أن المياه المستخدمة من خلال تلك الأودية غير معالجة أو معالجة ثانوياً وهو ما لا يكفي للوقاية من الإصابة بطفيليات معوية مضرة جدا. كما أثبت نتائج الدراسة، التي استخدمت طرق الفحص المباشرة وجود عدد من أنواع الطفيليات خصوصاً المعوية في «بحيرات الحاير» بشكل كبير والذي كان متوقعاً بسبب عدم تنقية المياه بشكل كامل، حيث تم فحص 100 عينة تم أخذها من أماكن مختلفة من «بحيرات الحاير»، وكان الفحص في أيَّام متفرقة رُتبت نتائجها في جداول حسب «موقع أخذ العينة»، وقد تم حفظها في المعمل على درجة حرارة الغرفة.
وذكرت أن بحيرات الحائر هي المصب النهائي للمياه المصروفة إلى وادي حنيفة الذي يعد مصرفاً طبيعياً لمياه السيول والأمطار والمياه المعالجة للصرف الصحي، وتبلغ مساحتها 750 ألف متر مربع، وتقع على بعد 25 كيلومتراً من الرياض.
وقد أثبتت بعض الدراسات الميدانية مدى تلوث وادي حنيفة جرثومياً وكيميائياً، كما حذرت بعض هذه الدراسات من استخدام مياه الوادي في الشرب وري المحاصيل خصوصاً الورقيات والمحاصيل التي لا تحتاج إلى الطهي والحرارة قبل تناولها، لما في ذلك من خطورة في تفشي بعض الأمراض الوبائية مثل البلهارسيا والتهاب الكبد الوبائي والتفوئيد.
ومع الزيادة في تسرب مياه الصرف الصحي غير المعالجة أو المعالجة ثانوياً فإنَّ نسبة الحصول على طفيليات معوية كانت عالية كما اتضح في هذه الدراسة. وتعد الطفيليات المعوية بنوعيها الأوليات المعوية والديدان المعوية من أكثر الطفيليات انتشاراً لسهوله العدوى بها، حيث ينتقل معظمها عن طريق تلوث الخضار النيئة والفواكه والحاوية على الطور المعدي لإحدى هذه الطفيليات.
ومن فحص 100 عينة من بحيرات الحائر تم عزل كل من الانتاميبا هستولتيكا Entameoba histolytica التي تعمل على تحليل الغشاء المخاطي للأمعاء ثم تتحوصل داخل جدرها مسببة قرحا شديدة ومؤدية إلى مرض الزحار الأميبي، وأيضاً إنتاميبا كولاي Entamoeba coli، وحويصلات الجيارديا Giardia lamblia. كما أظهرت الفحوصات بيض الدودة الدبوسية Enterobius vermicularis التي تتطفل على الإِنسان كعائل أساسي لها، ويرقات الدودة الأسطوانية سترونجيلس الجِمال Strongylus، كما ظهرت عدد من بيض الديدان الشريطية مثل دودة البقر الشريطية التينيا Tinea وبيض دودة الفأر الشريطية Hymenolepis diminuta، وأيضاً بيض دودة السمك الشريطية diphyllobothrium latum، وأعداد قليلة من سركاريا بلهارسيا الطيور Bilharziella polonic، وبيض الديدان الكبدية Fasciola spp.
وبالعودة إلى الدكتور الجلعود فقد أكد أنه، تتم متابعة المزروعات في منطقة الرياض أسوة ببقية مناطق المملكة عن طريق لجنة رقابية مقرها الإمارة وتشارك بها الجهات الحكومية ذات العلاقة، وتقوم بجولات ميدانية وكذلك مراقبين ميدانيين دائمين من قبل الوزارة، وعلى ضوء هذه الجولات يتم إتلاف أي مزروعات فيها محاصيل مخالفة فوراً، مع تطبيق العقوبات والغرامات التي تقررها لجنة النظر في المخالفات المعتمدة بالوزارة من متخصصين فنيين وقانونيين بعد اعتماد القرارات من الوزير.
وأبدى الدكتور علي الجلعود عدة ملاحظات فنية على هذه الدراسة وهي: أنها لم تعتمد على أساس علمي من حيث عدد العينات الممثلة لمثل هذه الدراسات، حيث يجب أن تؤخذ عينات ممثلة على امتداد مجرى الوادي وليس من منطقة البحيرات فقط كما أشير إليه في الدراسة والتي قد تكون راكدة ولا يحصل بها تنظيف ذاتي، كما أن عدد العينات يجب أن تكون ممثلة إحصائياً، وذكر في الدراسة ان مياه الوادي غير متزنة كيميائياً بسب ارتفاع الأملاح ولم يوضح المقصود من ذلك ولم يذكر في الدراسة أي تراكيز للأملاح، حيث تتحمل المحاصيل الزراعية تراكيز مختلفة من الأملاح حسب نوع المحصول، وأضاف: أشير في الدراسة إلى بعض المواد الضارة والسامة وذكر بعض العناصر الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والكادميم ولم تتضمن الدراسة تراكيز محددة لتلك العناصر.. مبيناً أن استخدامات مياه الوادي لا تستخدم للشرب أو ري المحاصيل الورقية أو زراعة الأسماك وتستخدم فقط تحت أنظمة الري المقيد (ري جميع المحاصيل باستثناء الخضروات والمحاصيل الدرنية والنباتات التي تلامس ثمرتها المياه المعالجة)، وذلك حسب مقاييس منظمة الأغذية والزراعة الدولية ومنظمة الصحة العالمية التي وضعت معايير محددة لصلاحية المياه للاستخدامات المختلفة.. أما بخصوص التوصيات فإنَّ هذه الوزارة مع الجهات المختصة تتابع استخدامات مياه المجرى للري المقيد فقط، كما تتابع التحاليل بصورة دورية وفي حال ثبوت ارتفاع التلوث عن النسب المحددة تتلف المزروعات في الحال، كما أن من المعلوم أن عدم مناسبة مياه الوادي للشرب أو الاستخدامات الإِنسانية.
ونوه الدكتور الجلعود بأن استخدام المياه المعالجة في الزراعة قائم في أغلب دول العالم خصوصاً المتقدمة منها، وثبت أن لتلك المياه قيمة مضافة في سبيل الاستدامة للزراعة والمحافظة على الموارد المائية. كما نوه إلى ما صدر من فتوى من هيئة كبار العلماء من جواز استخدام المياه المعالجة.