الدمام - عبير الزهراني:
أكد لـ«الجزيرة» اقتصاديون بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي له تأثيرات على الاقتصاديات الخليجية وسيؤدي إلى انخفاض القيمة السوقية والعوائد على الاستثمارات الخليجية في بريطانيا سواء في مجال العقار والأسهم أو السندات.
وقال لـ«الجزيرة» المهندس ناصر المطوع رئيس مجلس الأعمال السعودي البريطاني: لا شك أن نتيجة التصويت فاجأت الكثيرين على مستوى العالم، ولعل كثيرا من البريطانيين الذين صوتوا بخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي لم يتوقعوا ردات الفعل التي لم نرى حتى الآن إلا بعضاً منها، ولعل من أخطرها إمكانية إنفصال اسكتلندا وايرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة، ناهيك عن الأضرار التي لحقت بالجنيه الإسترليني والسوق المالية وما سوف يستتبع ذلك من أضرار على البريطانيين في الدرجة الأولى.
وأضاف: نحن في المملكة العربية السعودية نعرف أن علاقاتنا الاقتصادية واستثماراتنا مع دول أوروبا ومع بريطانيا كبيرة للغاية ولابد أنها سوف تتأثر سلباً، ولهذا فإني أقترح الإسراع بتشكيل فريق عمل من وزارة الاقتصاد ووزارة الخارجية ومجلس الغرف التجارية وذلك لدراسة الوضع والخروج بخارطة طريق لما يمكننا عمله لحفط استثماراتنا ومصالحنا.
من جهته قال الاقتصادي الدكتور عبدالله المغلوث: تراجع الجنيه الإسترليني سيكون له تأثير كبير على الاستثمارات الخليجية في بريطانيا وبالتالي ستؤدي إلى انخفاض القيمة السوقية والعوائد على الاستثمارات الخليجية في بريطانيا سواء في مجال العقار والأسهم أو السندات وما غيرها، وفي اعتقادي أن حجم الاسثمارات الخليجية في تلك الأنشطة تفوق العشرة مليارات من الجينيه الإسترليني وبالتالي ليس فقط كقيمة سوقية وإنما عوائد الضرائب والرسوم ستنخفض التي تحصلها الحكومة البريطانية من المتاجرين. كما أن انخفاض طلب بريطانيا على النفط ليس له تأثير قوي لأن معظم صادرات دول الخليج للنفط تذهب للدول الآسيوية. بالإضافة الاتفاقيات التي وقعتها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي سيتم إيقافها.
التأثير الأكبر سيكون على الاقتصاد الأوروبي والبريطاني بالطبع نتيجة انكماش الطلب على العمالة وبالتالي ارتفاع معدل البطالة.
مجموع الاستثمارات العالمية في السوق البريطاني تتجاوز عن تريليون يورو بصفتها بريطانيا ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا وأكبر مركز مالي في العالم، اكثر من 50 % من هذه الاستثمارات قادمة من أوروبا ستنكمش بشكل واضح.
وأضاف: أعتقد أن خروج بريطانيا سيكون مرحليا، حيث تكون البداية بردود فعل سلبية قوية من عمليات بيع الأسهم وعملة الجنيه واليورو وانخفاض أسعار العقارات في بريطانيا على المدى البعيد، لكن السؤال المهم ما هي تداعيات خروج بريطانيا مما قد يؤدي إلى مطالبات دول ثانية للخروج وهذا يعني انهيار الاتحاد الأوروبي وعملة اليورو في حالة حدوثه. ومن الناحية الإيجابية فإن انخفاض الجنيه الإسترليني من جراء الخروج سوف ينشط السياحة والسفر لهذه الدولة وكذلك سيؤدي إلى تنشيط التجارة وعملية التصدير نتيجة رخص العملة.
وقال الكاتب الاقتصادي عبد الواحد المطر: تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على دول اقتصاد دول الخليج يتركز على: أثره على الاقتصاد العالمي بكل عام، حيث تراجع سعر النفط مع تنامي المخاوف من تأثر اقتصادات الدول الصناعية سلبيا وهو ما يؤدي إلى انخفاض الطلب وبالتالي انخفاض دخل بيع النفط لدول الخليج. وأضاف: يتبع ذلك انخفاض معدلات اسعار الفائدة ونراجع احتمال رفع الفائدة على الدولار من البنك المركزي الأمريكي والذي يرتبط به أغلب عملات دول الخليج.
من ناحية أخرى تتوقع الأسواق المالية تواصل ضعف الجنيه الإسترليني عقب قرار الخروج وهو يجعل البضائع البريطانية أرخص نسبيا وبشجع على الاستيراد منها كما سيجعل السياحة في بريطانيا اكثر إغراء من ناحية السعر. وتابع: من ناحية العقار، تستثمر العديد من دول الخليج ومواطنيها بشكل قوي في سوق العقار والذي تشير المؤشرات إلى تراجعه مع فقدان بريطانيا لميزة عضو الاتحاد الأوروبي وما يتبعه من حرية السكن، العمل والتنقل.
وقال الكاتب الاقتصادي أحمد الشهري: بالرغم من الآثار الاقتصادية السلبية لخروج بريطانيا إلا أن الطلب على الذهب والسندات سيرتفع عالميا كملاذ آمن مما يعزز من الثقة مرة أخرى في الأدوات التقليدية. أما المناطق الاقتصادية المتوقع تأثرها في دول الخليج الأسواق المالية وتداول العملات على سبيل المثال قيمة صرف عملة الكويت والتي ترتبط بسلة عملات ومن ضمنها الجنية الإسترليني والتأثر سيكون بمقدار نسبة الإسترليني من السلة.
تعتبر العقارات البريطانية ضمن أهم الاستثمارات الخليجية وبالتالي ستتأثر بشكل مباشر ولا سيما الأصول الغير مولدة للدخل مثل المباني أما الاستثمارات في الفنادق بالرغم من التأثر المحتمل ولكن ستكون أقل حدة لكونها تتمتع بتدفقات نقدية وقد تتجاوز أثر الخروج على المستوى المتوسط؛ لأن سعر الجنيه المنخفض سيحفز على السياحة العالمية إلى بريطانيا. وأضاف: بالنظر إلى الميزان التجاري بين دول الخليج وبريطانيا يميل لصالح الأخيرة، وبالرغم من ذلك فإن سعر صرف الجنيه المنخفض سيقلل من تكلفة فاتورة الواردات من بريطانيا وفي المقابل سيؤثر سلباً على صادرات دول الخليج إلى بريطانيا ولا سيما المنتجات ذات الطابع النفطي من الزيوت والبولي ايثيلين وغيرها من المنتجات.
وتوقع المطر بأن تقوم دول مجلس التعاون الخليجي بعدد من التدابير اللازمة على مستوى التصدير ومراجعة العقود طويلة الأجل مع بريطانيا وإعادة تقييم تلك العقود وبحسب ما تصل له المفاوضات مع الشركاء التجاريين، بالإضافة الفرق السعري الناتج لصالح دول الخليج من انخفاض سعر الجنيه على الواردات من بريطانيا في قطع غيار الطائرات والسيارات وغيرها من الواردات. من المحتمل أن تقوم عدد من البنوك المركزية والمحافظ الاستثمارية الخليجية بتقييم الأصول الاستثمارية واتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من تلك الآثار، أما الاستثمارات طويلة الأمد لن تتأثر كثيرا لأن الاقتصاد البريطاني قوي ومنتج وسيعود على الأقل نظريا إلى الاستقرار ولا سيما أنه يعتبر خامس أقوى اقتصاد قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي.