إبراهيم عبدالله العمار
عام 1969م، بدأ روبرت بايلز يشعر بالضغط يتكوم على نفسه. كان هذا الشاب طبيباً نفسياً بارعاً، وعانى وقتها ضغوطاً نفسية شديدة، فقد توفي أبوه وأبو زوجته في أوقات متقاربة، وذكّره هذا بوفاة أمه لما كان صغيراً وكان قد كتم مشاعر الحزن آنذاك سنيناً، وهاهي الآن تنفجر من جديد وتضربه كمئات المطارق.
ضعف جسده أيضاً، فقد كان من شدة الضغط النفسي يصاب بنوبات اختناق، وإضافة لهذا أصيب بالتهاب فيروسي في المخ يقتل المصابين عادة، لكنه نجا بأعجوبة، إلا أن تلك العافية لم تدُم طويلاً ووجد نفسه في المستشفى ثانية، هذه المرة بسبب مرضٍ قاسٍ لم يُعرف ما هو، وأظهرت الأشعة ما يشبه قطع ثلج صغيرة في رئتيه، اتّضح أنها نوع من السرطان.
يقول روبرت: «إنني متأكد تماماً أن السبب هو الضغوط الهائلة التي عشتها، فقد أضر هذا مناعتي بشدة حتى أصابني المرض».
قصة روبرت مِن كتاب «سبارك» للعالم جون ريتي والذي يسرد فيه ما اكتشفه العلم من منافع الرياضة.
القصة هذه غير مستغربة لأن الضغط النفسي قوي، بل هو شديد القوة، فالضغط النفسي المستمر مرتبط بأمراض كثيرة، ذلك أن القفزات المتكررة في ضغط الدم تضر الأوعية الدموية، وهذا يسبب تراكمات لويحية تؤدي لتصلب الشرايين.
ردة فعل الجسم تجاه الضغط تُكوّم الدهون في المنطقة الوسطى من الجسم، وهي أخطر منطقة تتجمع فيها الشحوم.
زيادة إفراز كورتيزول تجعل الأنسولين يضطرب وهذا يقرّب من مرض السكر.
كثرة الضغط تضيّق الخناق على جهاز المناعة مما يجلب الأمراض.
ماذا حصل لروبرت؟ هل توفي بسبب السرطان وشدة الضغوط؟ كان قريباً من اليأس، فآنذاك لم يكن هناك علاج لهذا المرض ولا حتى لأعراضه، ويا له من انقلاب في الحال: روبرت كان ذات مرة شاباً ناجحاً طموحاً متخرجاً من جامعة هارفارد المرموقة وعلى وشك إنشاء عائلة، وفي يومٍ آخر إذا هو يستلم حكماً بالقتل.
وصل للحضيض النفسي، وقال: «لقد ذعرت، لم أعرف ما أفعل، لم أعرف إلا أن أفعل شيئاً واحداً: أن أجري».
لم يمارس الرياضة منذ فترة طويلة، فلم يقدر أن يجري كثيراً في البداية، وكلما جرى زادت قدرته أن يجري أكثر وأكثر مع زيادة اللياقة.
هل هو يهرب من همومه وغمومه؟ هل يجري تجاه شيء ما؟ لم يعرف روبرت لماذا أخذ يجري.
لم يعرف إلا شيئاً واحداً: كان يجري من أجل عقله، لئلا يفقده، لأنه شعر أنه سيُجنّ لو جلس مع تلك الضغوط العنيفة.
جرى روبرت، تحولت الأمتار إلى كيلومترات، ومن ثم صار يجري ماراثونات.
جرى وجرى وجرى.
بعد خمس سنوات من الجري صوّره الأطباء بالأشعة ليروا ما وصلت له الخلايا السرطانية الثلجية، فماذا حصل؟ تفاجأ الجميع أن المرض اختفى تماماً! كان هذا في وقتٍ يوصي فيه الأطباء بالراحة لأهل المرض، فلم يكن هناك ثقافة الرياضة وقتها، واليوم روبرت في السبعينات من عمره، ويقول إن الرياضة أنقذت حياته.
وهي بإذن الله ستنقذ حياتك وتقوي جسدك وتحصنك من عدد ضخم من الأمراض، فاجعل الرياضة اليومية جزءاً لا يتجزأ من حياتك.