جاسر عبدالعزيز الجاسر
لم يكن برنامج التحول الوطني، ولا رؤية المملكة العربية السعودية 2030 عملاً سهلاً ولا خططاً اعتيادية نمطية تُوضع وتعد السنون ليتم تنفيذ ما تيسر ويرحل ما تبقى إلى سنوات أُخر.
نعم نعلم، ويعرف من اقتحم مضمار التحول وسعى إلى التطور وتحقيق الأفضل أن ما يقدم عليه ويعمل لرفع مستوى الوطن والمواطنين يحتاج إلى جهد ومثابرة وتحرك ومبادرات متواصلة وعمل مستمر، ولهذا فإنه وحتى قبل الإعلان والكشف عن برنامج التحول الوطني 2020، وإطلاق الرؤية السعودية 2030، قد وضعت الأسس، وبُنيت قاعدة التحرك، إذ كانت هناك عقول لرجال ونساء قد آمنوا بحتمية نقل وطنهم إلى ما يستحقه من سمو وعلو، فوضعوا الخطط وابتكروا المبادرات مترجمين طموح قائد ورث المجد لم يرتض السكون، فهذه البلاد رزقها الله بقادة لا يعرفون التثاؤب، العمل امتزج بالمثابرة، وإلا ما كان لبلاد بحجم قارة أن تصل إلى هذا المستوى من التقدم والذي يطمع قادته وأهله إلى تطويره ومواصلة المسيرة دون توقف.
وبما أن ليس كل الخطط والرؤى تجد طريقها للتنفيذ وتصبح واقعاً معاشاً دون أن تقترن بإرادة جادة وفاعلة تترجم الأحلام والخطط والرؤى إلى عمل مثمر، فإن مَن وضعت القيادة ثقتها بهم يعون حجم العمل وقيمة الثقة التي مُنحت لهم، ولهذا فإن أعمالهم وتحركاتهم لم تكن أبداً نمطية وليست معتادة، فمنذ إعلان مبادرات التحول الوطني والرؤية السعودية نلمس تغيُّراً في التنفيذ والتحرك والعمل.
اعتدنا أن نستكين في شهر رمضان، وأن نخصص جل وقتنا للعبادة، ومع أن ديننا يحثنا على العبادة دون إغفال العمل، إلا أن تلك الثقافة كانت شبه معطلة، نؤجل معظم الأعمال لما بعد رمضان، واليوم كسر محمد بن سلمان بن عبد العزيز هذا التابلوه، وقاد فريقاً من السعوديين الذين يمزجون العبادة بالعمل، عقول وخبرات لرجال يسعون لرفع مستوى بلادهم، وتقديم الصورة الجديدة للمملكة العربية السعودية، ساعية لكسب التقنية والتطور والخبرة من أكثر الدول تطوراً وأكثرها احتواءً لمراكز التقنية والعلم.
وهكذا يقتحم السعوديون حصن التقنية والعلم بفريق متخصص من الساسة ورجال الأعمال يقودهم محمد بن سلمان في مهمة تؤكد التزام الإنسان السعودي بمبادئه الإسلامية التي تحثه إلى الذهاب إلى مكامن المعرفة والعلم للاستفادة منها ونقلها إلى بلاده ليستفيد منها العباد والبلاد.
برنامج مكثف سيعمل محمد بن سلمان ومن معه من خيرة السعوديين على تنفيذه لتعزيز القدرة السعودية على مجاراة الآخرين في الاستفادة من التقنية والتصنيع، ولتعزيز المكانة الدولية للمملكة من خلال إيضاح الصورة الحقيقية للمملكة العربية السعودية، من مباحثات مع وزراء الخارجية والتجارة ومع الرئيس الأمريكي ورئيس الاستخبارات المركزية، ونظيره مدير الاستخبارات المحلية ورجال الكونغرس، مباحثات مع دولة نرتبط معها بشراكة إستراتيجية حققنا وحققت الكثير من الفوائد لكلا البلدين، وإذ شابت علاقاتنا بعض الخلافات فهذا دأب الأمم الحية التي تحرص على الحفاظ على مصالحها ومعالجتها ستطور العلاقة وتخفف من الخلاف. أما الأهم في هذا الاقتحام السعودي في شهر الإيمان هو تلمُّس المكاسب الاقتصادية وجلب خبرات التقنية لبلادنا من بلاد التقنية بزيارة ولاية كاليفورنيا، حيث وادي السيلكون لضخ مزيد من القوة الاقتصادية في شرايين اقتصادنا السعودي.