جاسر عبدالعزيز الجاسر
أظهرت تقارير اقتصادية دولية أن استهلاك النفط نما بنحو مليون وتسعمائة ألف برميل يوماً عالمياً خلال عام 2015م، وهي الزيادة التي تعدت زيادة عام 2014 بنحو ثمانمائة ألف برميل يومياً.
والزيادة بحسب الدراسات الاقتصادية للخبراء تعد مؤشراً إيجابياً على تصاعد معدلات النمو في البلدان التي شهدت ارتفاعاً لاستهلاك النفط، كون تلك الدول تستعمل النفط في تشغيل مصانعها ومؤسساتها الإنتاجية ولهذا نجد أن قائمة أعلى الدول استهلاكاً للنفط تضم تسع دول من أهم الدول الصناعية وأكثرها إنتاجاً ونمواً، إلا أن الذي يستغربه القارئ للتقارير والمتمعن لقائمة أعلى الدول استهلاكاً للنفط في عام 2015 وقبله عام 2014، وجود المملكة العربية السعودية ضمن الدول العشر الأعلى استهلاكاً، بل والأدهى من ذلك أن المملكة تحتل المركز الخامس متفوقة في الاستهلاك النفطي على دول صناعية كبرى، إذ تتقدم على البرازيل وروسيا وكوريا الجنوبية وألمانيا وكندا.
طبعاً الدول التسع الأعلى استهلاكاً للنفط استغلت انخفاض أسعار النفط وتوسعت في تشغيل مصانعها ومؤسساتها الإنتاجية وبالتالي فلا بد أن ينعكس ذلك إيجابياً على ارتفاع معدلات النمو في تلك البلدان، فالقائمة تضم إلى جانب المملكة والدول الخمس الأخرى وحسب موقعها في القائمة الولايات المتحدة الأمريكية والصين الشعبية والهند واليابان، وهذه الدول الأربع والخمس الأخرى جميعها سجلت نمواً عالياً وخاصة في ارتفاع نسب الصادرات والإنتاج الصناعي، ولذلك فإن المحللين الاقتصاديين يفهمون لماذا ارتفعت نسب استهلاكهم للنفط. أما هنا في المملكة العربية السعودية فحسب علمنا وحسب ما ينشر من تقارير اقتصادية وعن قياس التطور الصناعي في المملكة فلا نعرف بأن مصانع جديدة أنشئت وحتى المصانع الموجودة لدينا وخاصة في المدن الصناعية في ينبع والجبيل ورأس الخير ليست بذات الكثرة ولا تساوي ما هو موجود في أقل الدول الصناعية التي حوتها القائمة، فلا يمكن أن نقارن مصانعنا بما هو موجود في الصين أو في الهند، أو في أمريكا.
إذن من أين أتت زيادة الاستهلاك في النفط؟
الجواب لا يحمل سوى كلمة واحدة هي الإسراف.
الإسراف في استعمال الوقود في تشغيل سيارات، واستهلاك الكهرباء واعتمادنا كلياً على النفط في تشغيل محطات الكهرباء وتحلية المياه المالحة وتشغيل المركبات والسيارات التي أصبحت تنافس السكان في عددها ولأن الأسعار أقل من أسعار المياه، فإن الجميع يملأ خزان سياراته بنفط رخيص والمحطات تعمل بنفط شبه مجاني ولهذا فإن معدلات الاستهلاك مرتفعة، وقد نجد أنفسنا متقدمين على أمريكا والصين والهند في الاستهلاك ما لم نلتزم بتقنين استعمال الطاقة وتقليل استهلاك النفط بدءاً من مراجعة استهلاك الكهرباء في المنزل والمكاتب الحكومية والمؤسسات الخاصة، واستكشاف استثمار الطاقة البديلة خاصة الطاقة الشمسية التي تعد بلدنا أكبر منتج لها.