أ. د. فوزية البكر
ينظر إلى الجامعات في شتى بقاع العالم على أنها أحد روافد التنمية الأساسية التي تحقق الرؤى الإستراتيجية لدولها باعتبارها تهيئ أكثر القطاعات أهمية وحيوية وهم فئة الشباب وفي مختلف التخصصات لذا كان من الطبيعي للجامعات السعودية وتبعاً لصدور الرؤية الإستراتيجية 2030 أن تبدأ في خلق وتهيئة طلابها وطاقمها من أساتذة وموظفين لاستيعاب هذه الرؤية وفهم أهم أهدافها والقيم المرتبطة بهذه الأهداف وأفضل الطرق للوصول إليها.
في ظل هذه الرؤية الوطنية دشّنت جامعة الملك سعود - الشطر النسائي وتحت رعاية وكيلة الجامعة لشؤون الطالبات د. إيناس العيسي يوم الأحد الموافق 29/8/ 1437 المعرض الدائم لرؤية المملكة 2030 في البهو الرئيس للمباني الجديدة لطالبات جامعة الملك سعود والذي تبعه ذلك اللقاء الحواري الحميم والوطني حول دور الجامعة في تعزيز وتحقيق هذه الرؤية.
تناول الحوار ستة أهداف رئيسة شملتها رؤية2030 والتي يجب على الجامعات في المملكة المساهمة في تهيئة المناخ للوصول لها وذلك عبر:
التعريف بدور الجامعة في المحافظة على صحة الإنسان ورفع مستوى ممارسي الرياضة من 13% إلى 40%.
- التعريف بدور الجامعة في رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30% وخفض البطالة من 11 % إلى 7%.
- الوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40% إلى 65%.
- تشجيع المشاركة التطوعية والمساهمة في تحقيق رؤية المملكة في الوصول إلى مليون متطوع سنوياً.
- المساهمة في رفع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخل المملكة من 209% إلى 6%.
- تشجيع برامج المحافظة على البيئة ودعم مشاريع إعادة التدوير.
ونظراً لضخامة هذه الأهداف الإستراتيجية وأساسياتها للرؤية فسنتناولها تباعاً في مقالات متتابعة لنعرف كيف يمكن لجامعاتنا الوطنية - حكومية وأهلية - المساهمة الفاعلة في تحقيقها.
ولعل من المدهش فعلاً أن نبدأ الحديث عن (أساسية) الرياضة البدنية للجميع في المحافظة على الصحة العامة، إذ مهما قلنا ومهما أوردنا فالأدلة المعاشة والمثبتة علمياً توضح أن الإنسان يحتاج إلى الحركة والرياضة المنظمة وليس الفردية المزاجية لصيانة ما أعطاه الله من إمكانات بدنية وعقلية. السؤال: كيف نفعل ذلك ضمن الحرم الجامعي لجامعاتنا وكلياتنا في شتي أنحاء المملكة؟ كيف نتمكن من نشر حب ممارسة الجري مثلاً ونوضح خطر السمنة الذي يغرس أنيابه بين صغار وشباب هذا الوطن وحتى بين طلاب وطالبات الجامعة بحيث نسعى لتحقيق هدف المملكة من رفع نسبة الممارسة اليومية للرياضة من 13% إلى 40% بمعنى أن يصبح بين كل عشرة تعرفهم أربعة ممارسين دائمين للرياضة.. هدف صعب بصعوبة الأطر القيمية والمادية المرتبطة به لكن ما يميز الجامعات وييسر لها إمكانية المساهمة الفاعلة في رفع درجة تحقق هذا الهدف النبيل هو أنها وببنيتها التحتية تضم الكثير من المنشآت الرياضية التي يمكن لها تفعيلها من خلال رفع درجة أحساس طلابها بوجود الأنشطة الرياضية كجزء أساسي من طقوس الحرم الجامعي كما هي الحال في كبريات جامعات العالم. من الضروري رفع درجة التقدير المعطى للرياضة بمختلف أشكالها بين طلاب وطالبات الجامعات السعودية ليكون أحد معززات القبول في الجامعات مثلاً كما يمكن أن يكون أحد أسباب التميز فيها والذي يتبعه امتيازات تعطى للمتمكنين فيها لأن ما سيتبع ذلك بالضرورة منافسات حامية بين الفرق المختلفة على المستويات الوطنية ثم العالمية وهو ما سيشغل مجتمع الجامعة كاملة ويبعده عن التفكير في قضايا حطمت الآلاف من الأسر في مجتمعنا وكادت لولا الله ثم يقظة قادتنا ورجال أمننا أن تلتهمنا أكثر وأكثر، وأعني معضلتي الإرهاب والمخدرات. الرياضة ضرورة في أي مجتمع إنساني لأنها ليست فقط فعلاً جسمياً، بل هي وسيلة لتعليم التنافس والتميز في العالم، هي وسيلة تعلمنا كيف نواجه إحباطاتنا كما تعلمنا كيف نعلن فرحنا بالنصر وكلها مشاعر إنسانية من الضروري للإنسان أن يعيشها حتى يصبح آدمياً قابلاً للعيش ضمن شروط عصرنا الحاضر. هي أيضاً صناعة كبيرة بما تولده من وظائف ومنتجات كما نرى في باقي جامعات العالم، وأكاد أرى دواليبكم وهي تضم بين دفتيها قميصاً أو جاكيتاً أو قبعة عليها شعار فريق جامعة ما في العالم. هنا ستصبح جامعاتنا بممارساتها الرياضية ذات المستوي المهني العالي نموذجاًلباقي المؤسسات الاجتماعية التي ستقلد بالضرورة هذا الصرح الأكاديمي كما ستسعى مدارس التعليم العام لتهيئ أبطال المستقبل للتنافس على القبول في جامعاتنا العالمية. تصوروا كيف سيتغير مزاج الجامعة وطعم وجودها اليومي لو عملنا نحو تحقيق هذا الهدف.