هاني سالم مسهور
في الرابع عشر من يوليو 2015م تحررت عاصمة الجنوب مدينة عدن، وبينما كانت الطائرة العسكرية السعودية الأولى تهبط في مطار عدن، كانت معالم أخرى من جوانب الحرب تتكشف، مئات الأطفال يتوجهون صوب المطار استقبالاً لجنود السعودية والإمارات وتظهر وسائل الإعلام سعادة الأطفال العدنيين بهذا اللقاء وفرحة التحرير، كانت قوات «التحالف العربي» في خور مكسر قد جمعت الآلاف من أسرى الحرب في معسكرها آنذاك، كان الأسرى من الأطفال الذين جندهم الحوثيون بحجة القتال ضد الدواعش كما زعموا في عدن.
دفع الأطفال الجزء الأكبر من فاتورة الانقلاب الحوثي، فلقد تراوحت الانتهاكات بحق الأطفال الحرمان من التعليم واستخدامهم ككانسات ألغام وتجنيدهم إجباريًا في صفوف المقاتلين، كما أن الميليشيات الحوثية استخدمت الأطفال كدروع بشرية في عدة مواقع، واستخدمت تلك الميليشيات المدارس والمستشفيات كمخازن للأسلحة والذخيرة، وحولت عدة مقرات لمؤسسات تعليمية لإيواء قيادات عسكرية، وكانت منظمة رعاية الطفولة «اليونسيف» قد أدانت في سبتمبر 2015م تخزين الحوثيين للسلاح في مبنى مخصص للأطفال المكفوفين في العاصمة صنعاء.
قدرت منظمات حقوقية دولية أن عدد الأطفال الذين حرموا من التعليم نهائيًا في اليمن بمليوني طفل بسبب الانقلاب الحوثي، وأن الانقلاب جعل اليمن في أسوأ درجات التصنيف العالمي لرعاية الطفولة وبموجب تقديرات الأمم المتحدة فإن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يتجاوز نصف مليون مهددين بالموت.
منذ الحرب الأولى التي خاضها الحوثيون ضد الجيش اليمني في 2004م انتهجت هذه الجماعة سلوكًا مُشينًا بتجنيد الأطفال بالأكراه، وذلك بتهديد عائلاتهم بالطرد من منازلهم، وقد تم الزج بالأطفال في معارك كثيرة وقد وثق تقرير الأمم المتحدة في 2015م مقتل أكثر من عشرة آلاف طفل في الصراعات العسكرية في اليمن.
وثقت القوات السعودية والإماراتية بعد تحرير عدن حالة الأطفال الأسرى من جماعة الحوثيين، وقدم الهلال الأحمر الإماراتي برنامجًا تأهيليًا خاصًا لمئات الأطفال من أسرى الحرب الحوثيين في مراكز الإيواء في العاصمة عدن، وأخضع الأطفال لبرامج صحية وتعليمية مكثفة، وقد تم توثيق تلك الحالات بشكل دقيق وبثت على القنوات الفضائية، كانت أعمار الأطفال لا تتجاوز 12 عامًا وعبّروا عن اشتياقهم للعودة إلى أهلهم ومنازلهم، كما عبّروا عن عدم معرفتهم بأنهم يوجد في عدن بعد أن تم تظليلهم من قبل الميليشيات الحوثية التي جندتهم.
هذه واحدة من أقذر الجرائم المرتكبة في اليمن، من العجيب أن الأمم المتحدة تجاوزته في تقريرها (المشبوه) وأغفلته بالرغم من أنه واحد من أهم ملفات الإدانة التي تؤكد مدى الإجرام المقترف بحق الطفولة في اليمن، المأساة اليمنية التي وصلت إلى هذا الحد من الخطورة نظرًا لأن هذه الأحداث ستصنع جيلاً حاملاً روح الانتقام والكراهية لكل ما وقع من جريمة سببها الانقلاب.