هاني سالم مسهور
خرجت الأمم المتحدة بطامة من الطوام العِظام بإدراجها التحالف العربي في القائمة السوداء للدول والجماعات المسلحة التي تنتهك حقوق الأطفال وتستهدف المدارس والمستشفيات، وكنت عبر عدة مقالات نشرتها في صحيفة (الجزيرة) قد تطرقت لهذه الجزئية التي ظلت غير مرئية في ظل أن الحوثيين ومن ورائهم إيران كانوا يبثون بشكل يومي تقارير مغلوطة عبر شبكة واسعة من النشطاء والإعلاميين، وهذه التقارير لم تكن لتصل إلى الأطراف الدولية لو وجدت عملاً منظماً في طرف الحكومة الشرعية.
لقد ذكرنا في مناسبات مختلفة أن الحرب في اليمن بدأت منذ انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر 2014م، هذا هو تاريخ إعلان الحرب بينما عاصفة الحزم قامت من أجل رد العدوان الظالم على شعب يعيش تحت خط الفقر ويعاني أسوأ درجات المعيشة، وكان لتدخل المملكة العربية السعودية مضمون حماية لشعب ظل يعاني طويلاً من سوء الإدارة السياسية خلال نصف قرن مرت عليه بدون بنية تحتية صحيحة أدت إلى تجويع وفقر وأمية واستقطابات حادة كانت هي رأس الحربة في افتعال الحروب المتوالية.
في 21 أبريل 2015م أطلق التحالف العربي عملية «إعادة الأمل» بعد ثلاثة أسابيع فقط من بداية «عاصفة الحزم»، هذه هي الجزئية الأهم والتي لم تتداركها كثير من تقارير الأمم المتحدة، فالقيادة السعودية تدرك أكثر من غيرها معاناة الإنسان اليمني، وتدرك أن هذا الشعب عانى طويلاً وأن الانقلاب الحوثي زاد الحياة سوءاً، فجاءت عملية «إعادة الأمل» في إطار متكامل غايته ومقصده الأساسي تدركه العاصمة الرياض بحكم الجوار ومعرفة الحال عند الشعب الجار المغلوب على أمره.
قدم «التحالف العربي» لليونسكو ثلاثين مليون دولار، ودشنت السعودية مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية وقدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مليار دولار لأعمال المركز الذي كان مع الهلال الأحمر الإماراتي متقدماً على كل المنظمات الدولية، متجاوزاً كل تصنيفات الحرب المعتادة، فلم تعرف حرباً ما عرفته اليمن من عون ومساعدات لا يمكن تجاهلها وعدم النظر إليها باحترام.
في ظل الحرب القائمة أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان باستثناء ما يقارب من نصف مليون يمني من الإجراءات النظامية، ومنحهم إقامة زائر وتسهيل إجراءات العمل لهم، مشهد لم تسرده الأمم المتحدة في تقريرها الجائر، هذه الحرب في اليمن، تعالوا ابحثوا عن مخيمات لاجئين يمنيين على طول الحدود السعودية اليمنية، لن تجدوا خيمة واحدة، كان القرار السعودي إنسانياً أنهى معاناة مئات الآلاف من الذين فروا من جحيم حرب لم تفرق بين مدنيين وعسكريين، وقبل أن يصدر تقرير الأمم المتحدة كان الملك سلمان قد أمر بمنح كل من يمتلك «إقامة زائر» برخصة إقامة نظامية في مكرمة أخرى حظي بها اليمنيون، ولنقارن بين الآلاف من اللاجئين والنازحين من سوريا والعراق، ولننظر في كل نشرات الأخبار اليومية التي لا تكاد أن تذيع غرق العشرات منهم في البحر، هل وجدتم يمنياً واحداً غارقاً أو لاجئاً؟!.. سؤال مرفوع إلى هيئة الأمم المتحدة كلها.
كان لظهور العميد أحمد عسيري في مؤتمر صحفي - استثنائي - بتاريخ 31 يناير 2016م مفنداً مزاعم الاتهامات بقصف مستشفى في محافظة صعدة أهمية أخرى، فلقد حمل المؤتمر الصحفي صورة متكاملة عن كل الإجراءات التقنية والفنية العسكرية لكل غارة جوية تراقبها غرفة العمليات الرئيسية، تلك الإجراءات الصارمة كشفت عن إلغاء مئات العمليات العسكرية نظراً لمقدار الخطورة على المدنيين، كانت تلك الجرأة التي أظهرها العميد عسيري تؤكد منهجية «التحالف العربي» والقيم والمبادئ التي يجسدها في حرب مختلفة بتضاريسها وسلوك العدو.
التقرير الأممي أهمل متعمداً وقاصداً تقريراً صادراً عن الأمم المتحدة في 2015م اتهم مليشيات الحوثي بقتل أكثر من ستين ألف جندي يمني في الحروب بينها وبين الجيش اليمني منذ 2004م، وكان ذلك التقرير قد أدان الحوثيين بقتل عشرة آلاف طفل في تلك الحروب إلى جانب هدم المئات من المنازل والمساجد وتهجير السكان من منازلهم.
إن التضاد الصادر في تقرير إدانة «التحالف العربي» لن يتجاوز أنه تقرير (مُسيس) أهدافه الضغط على هذه الدول في الصراع الإقليمي.