سعود عبدالعزيز الجنيدل
لا تكاد تحضر مجلسا إلا وتسمع مقارنات بين الوظائف - توجد قاعدة عامة لا تكاد تجد أحدا معجبا بوظيفته - ودائما ما تجد المعلم طرفا ثابتا في جميع المقارنات، والطرف الآخر يتغير.
وكل المقارنات تتفق على ما يلي:
- المعلمون أكثر شريحة مرتاحة (مدلعين).
- إجازاتهم طويلة.
- آذان الظهر وهم في منازلهم كحد أقصى - لا أعرف من أين يأتون بهذه الحقائق الغريبة!-
- طبيعة عملهم سهلة.
مع احترامي لكل المعلمين، إلا أني لا أنوي أن أكون محاميا لهم في هذا المقال،- وإن كانوا لا يحتاجون لذلك-.
من وجهة نظري، هناك جانبان، يمكن النظر فيهما بشأن التعليم هما:
المأمول:
دعوني أرجع بكم إلى زمن المراحل الأولى من التعليم الذي حظيت به.
لقد تعلمنا منذ الصغر، وفي مراحل التعليم الأولى، مدى أهمية التعليم، وأهمية من يحمل تلك الرسالة العظيمة، والمهمة الجسيمة، فهو المعلم والمربي…
وكنا نحفظ عن ظهر قلب أبيات أمير الشعراء:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفسا وعقولا
من أجل ذلك، يمكن القول إن هذه المهنة تشرئب لها الأعناق، فالكل يغبط المعلم، ويحترمه، فهو المربي الفاضل، الذي يغرس في الطلاب بذورا صالحة، لتثمر معارف، لا حصر لها، وتكون نبراسا للطلاب، في حياتهم العلمية والعملية.
الواقع:
من وجهة نظري أجد أن معظم الطلاب، الذين كانوا في الجامعات وفي كليات المعلمين-سابقا-، وكان الأمل يحدوهم، لكي يصبحوا كما قال أمير الشعراء:
كاد المعلم أن يكون رسولا
لم يدركوا الصعوبات الجمة التي يعانيها، ويتجرع مرارتها المعلمون، فهي مهنة مجهدة، تستنزف الأجساد والعقول- كما أتخيلها- مما حدا بالشاعر المعلم إبراهيم طوقان أن يعارض أمير الشعراء بقصيدة جاء منها هذه الأبيات :
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفه التبجيلا
ويكاد يفلقني الأمير بقوله
كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرب التعليم شوقي ساعة
لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حسب المعلم غمة وكآبة
مرأى الدفاتر بكرة وأصيلا
ولو أن في التصليح نفعا يرتجى
وأبيك لم أك بالعيون بخيلا
لكن أصلح غلطة نحوية
مثلا واتخذ الكتاب دليلا
مستشهدا بالغر من آياته
أو بالحديث مفصلا تفصيلا
وأكاد أبعث سيبويه من البلى
وذويه من أهل القرون الأولى
فأرى حمارا بعد ذلك كله
رفع المضاف إليه والمفعولا
يا من يريد الانتحار وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا
هذا رأي معلم مارس تلك المهنة، وليس مثل أمير الشعراء، وبين هذا وذاك كل يغني على ليلاه.
لكن ماذا عنك أخي المعلم؟
هل أنت نادم أم راغب؟
أخيرا:
هل أنت مع شوقي أم طوقان؟
إلى اللقاء.