سعود عبدالعزيز الجنيدل
طرحت في مقال سابق مظاهر الاستشهاد بأن لغة أهل الجنة اللغة العربية، وفي هذا المقال سأبين رأيي في هذه المسألة.
بالنسبة للحديث المنسوب للنبي -صلى الله عليه وسلم- (أحبوا العرب لثلاث لأَنِّي عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي).
هذا الحديث ضعيف جدا كما بين ذلك اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة، بفتوى رقم (20157).
أما بالنسبة للحديث الآخر: «أنا عربي والقرآن عربي ولسان أهل الجنة عربي».
فقد قال عنه الإمام الألباني: «وَمِمَّا يدل على بطلان نسبة هذا الحديث إليه صلى الله عليه وسلم أن فيه افتخاره بعروبته، وهذا شيء غريب في الشرع الإسلامي لا يلتئم مع قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى).
يتضح لك مما سبق عدم وجود دليل صحيح منسوب للنبي -صلى الله عليه وسلم- ينص على أن اللغة العربية لغة أهل الجنة، وأن ما ذكره بعض علماء اللغة والدين مجرد آراء واجتهادات، قد تصيب، وقد تجانب الصواب.
والحقيقة أن هذه المقولة موجودة عند أمم أخرى تدعي أن لغتها هي اللغة التي تكلم بها آدم في الجنة، فالرأي السائد في أوروبا في القرون الوسطى أن العبرية هي التي تكلم بها آدم وهذه هي النظرة الكنسية الرسمية، وكان هناك من يقول إنها السريانية، ومن يقول إنها الكلدانية.
رأيي الشخصي:
لا أؤمن بهذه المقولة إطلاقا، ولا أقول إن اللغة العربية لغة أهل الجنة، ولا أي لغة أخرى، وهذا أمر غيبي، لا نستطيع القطع به، وهو من فضول القول. كما أن هذا الكلام لا يقلل من اللغة العربية في شيء بل هي لغة الإسلام، لغة القرآن، اللغة الأم التي أعتز بها...
يقول ابن تيمية -رحمه الله- في إحدى فتاويه: «لا يعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ، ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جلا وعلا، لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي، ولا نعلم نزاعا في ذلك بين الصحابة... والكلام في مثل هذا من فضول القول، ولا قال الله تعالى لأصحاب الثرى، ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين:
فقال ناس: يتخاطبون بالعربية.
وقال آخرون: إلا أهل النار فإنهم يجيبون بالفارسية، وهي لغتهم في النار.
وقال آخرون: يتخاطبون بالسريانية، لأنها لغة آدم، وعنها تفرعت اللغات.
وقال آخرون: إلا أهل الجنة فإنهم يتكلمون بالعربية.
وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها لا من طريق عقل ولا نقل، بل هي دعاوى عارية عن الأدلة».
وكلام شيخ الإسلام واضح وضوح الشمس في رابعة النهار. وبها يختم المقال.
إلى اللقاء